هدّمت السلطات العمومية خلال السنوات الثلاث الأخيرة 10692 بناية، من ضمن 71116 بناية تمّ تشييدها دون رخصة بناء، فيما سجلت وزارة السكن والعمران خلال الفترة المذكورة نحو 6400 بناية غير مطابقة لقواعد البناء والتعمير، تمّ إحالة 5 ألاف حالة منها على العدالة للبث فيها. ويرتقب أن يرتفع عدد الحالات المعرضة للمتابعة القضائية خلال الأشهر القادمة مع بداية التطبيق الصارم للقانون الجديد الذي يحدد قواعد مطابقة البنايات وإتمام انجازها. وحسب وزير السكن والعمران السيد نور الدين موسى الذي ترأس أمس اجتماعا تقييميا جمعه بمدراء التعمير والبناء لولايات الوطن، فإن عملية تهديم البنايات غير المطابقة للقواعد القانونية للبناء، شمل بالأساس بنايات في بداية مرحلة الإنجاز، مشيرا إلى أن القانون الجديد الذي دخل حيّز التنفيذ الأسبوع الماضي سيتم تعزيزه بنصوص تطبيقية تعمل على تكييفه مع الواقع المعاش وتلزم أصحاب البنايات على مطابقتها لقواعد التعمير، مع احترام جمالية المحيط والنسيج العمراني وفقا لمبدأ "الصالح العام" للمظهر الجمالي للمحيط المبني. وبالمناسبة وجّه الوزير تعليمات صارمة لمدراء التعمير والبناء، حثهم فيها على وجه الخصوص على ضرورة تشديد الرقابة ومتابعة كل المباني المشيدة دون رخصة أو غير مطابقة لقواعد البناء، والسهر على تنفيذ العقوبات في حق المخالفين. فيما أمر بتقليص آجال منح شهادت التعمير إلى أسبوع واحد على أقصى تقدير، حتى يتمكن طالبيها من معرفة رد السلطات حول صلاحية البناء على أراضيهم وبالتالي تجنب حالات البناء العشوائي التي تمت بدافع تأخر رد السلطات. وألح السيد نور الدين موسى من جانب آخر على ضرورة التحلّي بالاحترافية عند مختلف مراحل تجسيد المشاريع، مششيرا بشكل أساسي إلى وجوب مراعاة الخصوصيات الجغرافية والمناخية في الدراسات التقنية للبناء وفي إعداد التصاميم الهندسية للمشاريع، مع الحرص على إقامة أنسجة منظمة ومهيكلة من خلال التجهيزات العمومية المرافقة للسكنات، وكذا إدراج الدراسات الخاصة بعمليات تهيئة الشبكات ضمن الملف التقني لأي مشروع سكني، "حيث يتم إنجاز الدراسات الخاصة بتهيئة الشبكات القاعدية قبل الشروع في انجاز المشروع، وليس بعده"، على حد تعبيره. وفي سياق متصل أشار ممثل الحكومة إلى أن الدولة خصصت 20 مليار دينار ضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2008، لانجاز مشاريع التهيئة الخاصة بمشاريع السكن الإجتماعي التساهمي، بينما يرتقب أن يشمل قانون المالية لسنة 2009 نصوص تشريعية تجبر أصحاب المشاريع على إنهاء أشغال تهيئة الأحياء السكنية قبل تسليمها، كما يرتقب أن تخصص في إطارنفس القانون غلافا ماليا لتعميم العملية على مختلف البرامج السكنية. ودعا في هذا الإطار مصالح قطاعه إلى التفكير بمعية مصالح قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال في حلول لظاهرة الهوائيات المقعرة التي غزت المدن والأرياف وشوهت المحيط العمراني للبلاد. كما شدد على ضرورة استغلال الأراضي المصنفة ضمن الفئة غير القابلة للبناء من خلال تحويلها إلى مساحات خضراء وتجنيبها بالتالي زحف البناءات الفوضوية والبيوت القصديرية والاستغلال غير النظامي. وفي حين حمّل مدراء التعمير والبناء مسؤولية التحسين الحضري التي تعززت بالقانون الجديد الهادف إلى إيجاد تسوية للفوضى التي تسببت فيها عملية التعمير السريع خلال العقد الماضي، أبرز الوزير أهمية الجهود التي بذلتها الدولة خلال السنوات الأخيرة من أجل تأهيل وتحسين الأحياء والمجمعات السكنية المتدهورة، حيث تمّ تخصيص 328 مليار دينار لتحسين نحو 12 ألف حي سكني يضم 3,2 مليون وحدة سكنية يقطنها أكثر من 20 مليون ساكن. واستكمالا لهذه الجهود تعمل مصالح التعمير والبناء لوزارة السكن والعمران في إطار تثمين العقار والتحكّم في التوسعات السكنية الجديدة على مراجعة أدوات التعمير التي تشمل المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية، ومخططات شغل الأراضي، والدراسات الجيوتقنية، علاوة على الدراسات الخاصة بمنظومة مقاومة الزلازل. وحسب التقرير المرحلي لهذه العملية التي ترتكز على نتائج عمليات المسح الشامل للأراضي، فقد تمّ الشروع في مراجعة المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية على مستوى 927 بلدية من ضمن ال1541 بلدية، كما شرعت المصالح المختصة في إعداد ومراجعة 4916 مخططا لشغل الأراضي وإعداد دراسات جيوتقنية لحوالي 40 ألف هكتار من الأراضي، موزعة على 884 موقعا، إضافة إلى الانطلاق في 23 دراسة تقنية تخص منظومة مقاومة الزلازل.