يعتبر معمر صادق ابن مدينة غليزان، من الشعراء القلائل المتمكنين من الكتابة في الفصيح والملحون والشعر الغنائي، وفي الخاطرة، دخل مجال الكتابة من الباب الواسع، فأبدع وشد الجمهور الذي اعترف له بالتمكن ورقي الكلمة، وفي جلسة حميمية له مع "المساء"، تحدث هذا الشاب المبدع عن عالم القافية والإبداع وتوخي الرقي الذي يبقى هاجسه الأول. ^ كيف بدأت علاقتك بالكتابة؟ ^^ البداية كانت منذ أن كنت في الصف الابتدائي، لكن لم أكن أعير اهتماما لذلك، حيث كانت بالنسبة لي أمرا عاديا، بل كنت أراها مجرد خربشات وجمل فوضوية رغم أسلوبها الجميل الذي كان مختلفا عما يكتبه أترابي وزملائي في تلك الفترة. ^ كيف تطورت ملكة الكتابة عندك؟ ^^ أعتقد أن الموهبة تنمو وتتطور حينما يهتم بها من يملكها، فهي كالنبتة كلما سقيتها نمت وأثمرت، وجربت تطوير موهبتي في بداية الأمر في كتابة قصص للأطفال، حيث أن أدب الطفل أرضية خصبة يمكن للمبدع فيها أن يكتب بحرية، على نقيض ما يعتقده البعض بأن الكتابة للطفل أمر صعب، فإذا كنت تحب الأطفال ستتهاطل عليك الأفكار وتتمكن من ولوج عالمهم ومحادثتهم باللغة التي يفهمونها، والسبب الثاني راجع إلى قلة الإنتاج الموجه لهذه الشريحة، مما شجعني أكثر على تخصيص حيز من إبداعاتي لهذا النوع من الأدب. ^ أية ألوان أدبية أخرى جربت خوض غمارها؟ ^^ كتبت في الشعر الفصيح والملحون والشعر الغنائي والخاطرة، لكنني أحبذ كتابة الشعر الغنائي والخواطر التي أشعر فيها بمساحة أكبر للتعبير عما يدور في خاطري. ^ ما هي المواضيع التي تحرضك على الكتابة؟ ^^ لا أتقيد في كتاباتي بموضوع محدد ولا أعتبر بأن الكتابة اختصاص يستوجب الالتزام بموضوع دون آخر، فالقلم طائر حر يحط حيث يشعر بالارتياح، لذلك أخوض في مجالات عديدة من بينها الاجتماعية والعاطفية. ^ ماهي الأسماء الغنائية التي تطرب لها؟ ^^ الذي يكتب الشعر الغنائي يجب أن تكون له أذن موسيقية تحسن الاستماع، ومن بين الأصوات الغنائية التي تأثرت بها أذكر الشابة خيرة، صونيا، الشاب عباس، الشاب حسام وكادير الجابوني، الذين تعاملت معهم فيما بعد ككاتب كلمات. ^ كيف وجدت تجربة الشعر الغنائي؟ ^^ أحيانا كانت كلمات قصائدي تولد ملحنة، فبمجرد أن أخطها على الورقة، أستطيع أن أميز بين القصيدة العادية وتلك التي تصلح للغناء وأجد ذلك تجربة مثمرة من حقها أن تستمر. ^ ماذا عن مشاركتك في ملتقى شموع لا تنطفئ بوهران؟ ^^ الملتقى كان تجربة أضيفت إلى رصيد مشاركاتي، وأعتبره محطة مهمة لما يحمله من ثقل من حيث نوعية المشاركين، ونوعية المشاركات والإشكالية التي طرحت خلاله ومستوى المناقشات الراقية، ووفر لي مساحة لقاء مع أسماء شعرية تكتب في شتى الألوان الأدبية. ^ هل من تتويجات نظير هذه المشاركة؟ ^^ لقد توجت بالمرتبة الثانية في مسابقة الشعر الملحون التي نظمها الملتقى بدار الثقافة في وهران، وكان ذلك بالنسبة لي مفاجأة سرتني وشحذت عزيمتي للإبداع أكثر. ^ كيف ترى واقع المبدع والفنان في بلادنا؟ ^^ واقع الفنان مر وهذا أمر لا يمكننا تجاهله، والحال يبقى على ماهو عليه رغم تلك النشاطات والملتقيات التي تقام هنا وهناك، والأمر في يد أهل الحل والعقد للأخذ بيد الفنانين والمثقفين، وعليهم جعل الثقافة من الأولويات. ^ وما تعليقك عن اجتياح الرداءة للوسط الفني؟ ^^ الرداءة ساهم في تكريسها المنتجون الذين وجدوا في تلك الكلمات وسيلة للربح السريع، للترويج لبضاعتهم وساعدهم في ذلك بعض المطربين الذين بدورهم لا همّ لهم سوى الشهرة السريعة وربح المال، كما أن هناك كتاب كلمات يكتبون بلا ضمير، مع الأسف. ^ كيف تقيم المشهد الثقافي بمدينة غيليزان؟ ^^ رغم كل ما تملكه ولاية غيليزان من مقومات تأهلها بأن تحتل مكانة ثقافية مرموقة، إلا أنها تعاني ركودا وجمودا، إضافة إلى تهميش المبدعين وإقصاء المواهب التي تمتلك الإرادة لخلق نهضة ثقافية في المدينة. ^ هل من مشاريع في الأفق؟ ^^ هناك مشاريع أسعى إلى تجسيدها قريبا وهي مشاريع غنائية بكلمات نقية ومهذبة، تسمو بالمستمع نحو الفن الأصيل. ^ وهل من إنتاج أدبي منشور لديك؟ ^^ للأسف، كل ما أكتبه هو حبيس رفوف مكتبتي، ومسألة النشر حديث ذو شجون. ^ كلمة أخيرة؟ ^^ أتمنى أن يستثمر القائمون على الشأن الثقافي في الشباب المبدع، ليس فقط في المجال الفني، بل في كل المجالات من أجل ضمان التطور لبلادنا التي تستحق أن تتبوأ مكانا مرموقا بين الأمم.