يعتبر شاطئ مرسى بن مهيدي الواقع على بعد 125 كلم غرب ولاية تلمسان من أجمل الشواطئ على المستوى الوطني، والقبلة المفضّلة لملايين المصطافين المتوافدين إليه من مختلف أنحاء الوطن وحتى من خارجه لقضاء عطلة ممتعة، حيث ينفرد بشساعته الكبيرة ومناظره الطبيعية الخلابة على مستوى غاباته الرائعة المتاخمة لشاطئ مسكاردة وشاطئ بيدر، غير أن هذه الجوهرة السياحية تبقى بعيدة المنال عما سطرته الجهات الوصية لجلب السياح وإنعاش القطاع السياحي بتلمسان. تحتل بلدية مرسى بن مهيدي المرتبة الأولى من حيث الطلبات المتعلقة باستئجار الشقق والشاليهات باعتبارها البلدية الأكثر استقطابا للمصطافين حسب مديرية السياحة، وهذا ما جعل أسعار الكراء ترتفع في هذه المنطقة، فعلى سبيل المثال تؤجر شقق من غرفتين ب 6 ملايين سنتيم للشهر، بينما يصل مبلغ إيجار شقة من ثلاث غرف إلى 9 ملايين شهريا، أما الفيلات فحدث ولا حرج، فتوجد فيلات تؤجر ب 15 مليون سنتيم، ومنها ما تصل لحدّ 20 مليون سنتيم للشهر. كما أن سعر الاستئجار يختلف من شهر إلى شهر فسعر الاستئجار مثلا في شهر جوان أو جويلية يختلف عن شهر أوت، واستنادا إلى معلومات استقتها "المساء" من سكان هذه البلدية، فإن الكثير من الشباب وحتى الكهول السماسرة يزاولون خلال الصيف نشاط كراء الشقق خاصة مع ارتفاع الطلب ومحدودية العرض، فالبحث عن مكان للاستئجار على الساحل يبدأ قبل الصيف بأربعة أشهر خاصة بالنسبة للمغتربين من فرنسا، كندا، إسبانيا...الذين عادة ما يكلفون أقرباءهم لمهمّة البحث أوالاستئجار عن طريق الانترنت. استئجار السكنات أو غرف منها مقابل ربح مادي سخي خلال إنجازها لهذا التحقيق، استطاعت "المساء" الوقوف عن كثب على بعض تصريحات المواطنين الذين يقطنون في مختلف البلديات القريبة من شواطئ مرسى بن مهيدي والذين يلجأون إلى هذا الأمر بغرض الحصول على مدخول إضافي، وفي هذا الإطار، يقول بعض السكان إن ظاهرة تأجير السكنات بهذه المدن أصبحت تعرف انتشارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الطلب المتزايد على التخييم مقابل النقص الكبير في الهياكل السياحية كالفنادق والمنتجعات السياحية، كما عجز المتوفر منها عن تلبية طلبات المواطنين الراغبين في قضاء عطلتهم الصيفية على شواطئ ولاية تلمسان، فحتى وإن وجدت كما يقول محدثونا فإن أسعارها كثيرا ماتتجاوز إمكانيات المصطافين، الأمر الذي يدفع بهم إلى البحث عن البديل الذي وجدوه أساسا في كراء شقة أو منزل أو طابق فيلا أو حتى شاليه، كل حسب إمكانياته. والملاحظ أن بعض العائلات بمرسى بن مهيدي تقدم على تقاسم مسكنها مع عائلات أجنبية، حيث تلجأ إلى استئجار جزء منه بسعر معقول، ويقول أحد المؤجرين: "إنّ راتبي الشهري لا يكفيني لتغطية بعض المصاريف الضرورية، فألجأ إلى كراء غرفتين من شقتي كل صيف مقابل ستة ملايين سنتيم أجنيها خلال هذه الفترة، وأعمل كل ما في وسعي حتى أوفر الجوّ اللازم للعائلة التي تؤجر عندي وأحيانا أترك البيت لعدة أيام أغتنم فيها الفرصة لزيارة الأهل"، فيما يقول أحد الموظفين بمؤسسة عمومية رفض الإفصاح عن اسمه: "منذ ست سنوات وأنا أؤجّر شقتي لمدة شهر كامل لأحد أقاربي مغترب بفرنسا مقابل 10 ملايين سنتيم، ففي هذه الفترة آخذ زوجتي وأولادي إلى بيت جدّهم بقرية بوكانون الحدودية التابعة لدائرة باب العسة، حيث يمكثون فيه طيلة هذه الفترة، أما أنا فأمكث عند أهلي، وأستعمل المال المحصل عليه في تسديد القرض الذي أخذته من البنك، أمّا الآن ومنذ أن أصبحت أؤجر مسكني فإنني ربحت من جهتين، قلّلت من المصاريف وربحت العشرة ملايين". في نفس السياق، يقول أحد التجار بمنطقة مرسى بن مهيدي الساحلية، إن ظاهرة البزنسة في كراء الشقق والبيوت والشاليهات ليست وحدها المعنية، حيث إن الظاهرة طالت حتى الحمامات والمحلات التجارية، حيث تجد الشباب يبحثون عن محلات وحمامات ومستودعات للكراء من أجل استغلالها في فصل الصيف الذي يشهد حركة كثيفة للمواطنين وإقبالا متزايدا للمصطافين والسياح والمغتربين، ورغم هذا لم تسجل هذه البلدية التي تتوفر على منطقة للتوسع السياحي الممتد على أكثر من 60 هكتارا إلى حدّ اليوم أي استثمار سياحي جديد ذي أهمية كبرى في مستوى طموحات هذه البلدية. وحسبما أشار إليه رئيس المجلس الشعبي البلدي، فإنه وبالرغم من توفر العقار بكل من "عين عجرود" ب10 هكتارات و"موسكاردا 1 و2 ب 30 هكتارا و"مرسى بن مهيدي" ب 14 هكتارا، فإن الاستثمار السياحي لم ير النور بعد، بالرغم من أنه في سنة 2008 تم تصنيف ثماني مناطق للتوسع السياحي وتصنيف منطقة أخرى في 2010 وذلك لتثمين هذه المناطق عبر مختلف أنحاء الولاية في إطار مشروع "قطب الامتياز السياحي" الذي حظيت به هذه الولاية الساحلية، حيث يهدف توسيع المناطق السياحية إلى "بعث مشاريع كبيرة لاستغلال الإمكانيات والمواقع السياحية الهائلة التي تزخر بها المنطقة وجعل الولاية وجهة مفضلة لدى السياح من داخل وخارج الوطن". ومن أهم المشاريع التي تم برمجتها وينتظر إنجازها داخل المناطق السياحية المصنفة حديثا، قرية الامتياز السياحي ل "موسكاردة" بشاطئ بلدية مرسى بن مهيدي الحدودية والتي ستتسع ل 836 سريرا موزعة على فندق فخم ذي خمس نجوم ب 400 سرير وإقامات سياحية من الطراز الراقي ب 140 سريرا وفيلات ب 296 سريرا. وقد استفاد هذا المشروع من دراسات تهيئة واسعة النطاق تم إنجازها عام 2011، كما يضم هذا المشروع السياحي الهام أيضا عدة مرافق للتسلية والترفيه وأماكن للراحة ومراكز للاسترخاء ومطاعم من النوع الراقي ومواقع طبيعية بالشاطئ ومنشآته القاعدية مثل مرفأ للصيد وحظيرة جديدة للتسلية. ..الأكل أيضا محل بزنسة الأمر الثاني الذي يورّق المصطافين خلال موسم الاصطياف بمرسى بن مهيدي، هو الارتفاع الكبير والجنوني في أسعار الأكل السريع وحتى في المطاعم المنتشرة في كل مكان، فمثلا سعر دجاجة مشوية متوسطة وصل إلى 1200 دج، فيما يعرض عمود الشواء المشكل من أربع قطع من اللحم ب 150دج، أما المشروبات الغازية بمختلف أنواعها فيتراوح معدل سعرها ما بين 150 و200 دينار للقارورة ذات اللتر الواحد، كما أن معظم هذه الأطعمة تفتقر للجودة لان معظم أصحابها ليست لهم خبرة أو تكوين في الطبخ كونهم شباب بطالون استغلوا الفرصة في هذا الموسم للبزنسة في غياب جهات المراقبة لردع مثل هؤلاء المخالفين للقانون. موازاة مع ذلك، مكنت التدابير الأمنية المتخذة في إطار "مخطط دلفين" بتلمسان بغرض تأمين المصطافين عبر الشريط الساحلي والمنافذ المؤدية إلى مختلف شواطئ الولاية من تحقيق نتائج إيجابية إلى حدّ الآن، حيث لم تسجل أي شكوى من طرف مصطاف تفيد بتعرضه للسرقة أو الاعتداء على مستوى الشواطئ الخمسة، التي تقع في إقليم اختصاص مصالح الدرك الوطني بولاية تلمسان وهذا منذ بداية موسم الاصطياف، إذ أن مصالحه جندت للمخطط ما لا يقل عن ألفيّ دركي من بينهم 200 دراج ناري وزعوا بشكل مدروس وخطة محكمة لضمان تغطية أمنية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار البعد الوقائي، إلى جانب وضع معدل خمس نقاط مراقبة أمنية على مستوى كل محور طرقي مؤدي إلى الشاطئ، حيث تعمل هذه النقاط الأمنية على مراقبة السيارات وفحص المشتبه فيها بهدف الوقاية من الجريمة وانتقالها إلى شواطئ البحر التي تعرف في الآونة الأخيرة إقبالا منقطع النظير لاسيما من العائلات. أكثر من مليار سنيتم لإنجاح موسم الاصطياف وقد تحصلت مرسى بن مهيدي على المرتبة الأولى فيما يخص القطب السياحي بتلمسان، حسب تأكيد أعمر قروندة، رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية مرسى بن مهيدي، الذي قال "نحن في منافسة ونتمنى من المصطافين المساعدة في الحصول على المرتبة الأولى على المستوى الوطني إن شاء الله بحرصهم على النظافة وتنقية الشواطئ". وفيما يخص البلدية، فقد استفادت من عدة تدعيمات من الولاية فيما يخص الإمكانيات المادية والبشرية من عمال النظافة الذين تم تسخيرهم في الأشغال العمومية وجميع المرافق بما فيها الصحة...وغيرها، فكل التجهيزات والترتيبات وضعت لإنجاح هذا الموسم. ومن بين ما استفادت منه البلدية، سلال المهملات التي تم وضعها على مستوى الشاطئ، كما استفادت البلدية من عدة مشاريع في إطار تحضير موسم الاصطياف كإنشاء مراحيض عمومية جديدة زيادة على المشاريع الأخرى التي كانت موجودة سابقا، كما تم رصد غلاف مالي يقدّر بحوالي ثلاثة ملايير و900 مليون سنتيم مع تدعيم البلدية بشاحنات لرفع القمامات وجرارات لتنقية الرمال، إضافة إلى الإمكانيات الأخرى التي وفرتها البلدية لإنجاح موسم الاصطياف. أما فيما يخص مجانية الدخول للشاطئ، فمرسى بن مهيدي معروف بمجانيته منذ سنوات خلت، سواء في ركن السيارات أو نصب الشمسيات.