تعيش باب الوادي منذ بداية شهر رمضان المعظم أجواء مميزة تطبعها السهرات الرمضانية والقعدات الشعبية الأصيلة، التي أعادت للحي العتيق صورته أيام زمان، حيث يقضي سكان هذا الحي والأحياء المجاورة ليال جميلة بعبق بنة رمضان التي تنبعث من بعيد وزادته النشاطات الفنية، الثقافية والدينية بهاء، حيث لا تتوقف به الحركة سواء قبل الإفطار أو بعده، وصدق من سمى باب الوادي بالحي الذي لا ينام. خلال الجولة التي قادتنا إلى باب الوادي للوقوف على الأجواء الرمضانية التي ميزت المدينة، لاحظنا أن السهرة تبدأ لحظات معدودة بعد الإفطار حيث تشهد أحياؤها الشعبية حركة من النشاط مشحونة بالحيوية حيث يتمتع سكانها بسهرات مميزة بفضل وجود مختلف المراكز الترفيهية المتوفرة، فسهرات سكان حي باب الوادي غالبا ما كان يتم قضاؤها بين المساجد وقاعات الانترنيت والمقاهي التي تتزاحم على المرتبة الأولى في شد اهتمام السكان خلال شهر الصيام الذي يسجل إقبالا كثيفا للمصلين كل ليلة بعد الإفطار من أجل أداء صلاة التراويح في أجواء مفعمة بالخشوع في نفحة روحانية وتعبدية تقوى الصلة بين العبد وربه والى ساعات متقدمة من الليل تمتلئ هذه المساجد بأعداد غفيرة من المصلين، وبالمقابل تشهد قاعات الانترنيت بعد الإفطار مقصدا للكثيرين من أجل الإبحار في فضاء الشبكة والعنكبوتية خاصة وأن حي باب الوادي يعد من أكبر الأحياء من حيث الكثافة السكانية . بين مقهى البهجة..وليالي الإنشاد بالأطلس المعروف عن باب الوادي أنه من الأحياء العاصمية التي تضم عددا معتبرا من المقاهي التي غالبا ما يتخذها سكان المنطقة الوجهة المفضلة بعد الإفطار وقضاء صلاة التراويح وذلك للترويح عن النفس، حيث أن هاته الأخيرة لا تكاد تخلو من الأشخاص الذين يسهرون حول طاولات للعب من أجل السمر وتبادل أطراف الحديث بالدومينو ولعبة الورق »الكارطة« كما توجد مقاهي تحيي سهرات شعبية راقية كما هو الشأن بقهوة »البهجة« التي تعد ملتقى الفنانين المعروفين في الطابع الشعبي الذين يقيمون سهرات فنية تعود بالمستمع إلى عادات وتقاليد الزمن البعيد يتغنون بالطرب الأصيل، يذكروننا بزمن مضى افتقدناه كثيرا، إلى جانب ذلك هناك فئة من الناس يفضلون قضاء سهراتهم في ما يعرف عند العامة ب »المحشاشة«. قاعة الأطلس بباب الوادي »ماجيستيك« سابقا، هي الأخرى سطرت برنامجا ثقافيا ودينيا ثريا طيلة الشهر المعظم حيث تفتتح أبوابها من العاشرة ليلا الى غاية منتصف الليل وتنوعت سهراتها بين الإنشاد والمديح الديني من تنشيط فرق دينية محلية ووطنية رائدة ذات أصوات رخيمة من سطيف، مسيلة، بشار، مستغانم وغرداية ناهيك عن وجود فرق متخصصة في المالوف والمدائح الدينية قادمة من تونس، تركيا، لبنان، سوريا ومصر وهي الفرق التي تنشط سهرات مع الإنشاد والمديح الديني وقد حدد سعر التذكرة ب 100 دج. ليال رمضانية بنكهات متعددة بالكيتاني دائما في إطار ليالي رمضان وتزامنا مع فصل الصيف يستقطب مركب الكيتاني العائلات القاطنة بباب الوادي وعائلات البلديات المجاورة في جو يضمن قعدة وفرجة ممتعة وسط الحرمة حيث يتدفق عليها مئات العائلات للاستمتاع في جو من البهجة والاحترام، مركب الكيتاني الذي أصبح مزين بديكور بديع بين ألعاب تستهوي الصغار والكبار على حد سواء فضلا على أنه ذو موقع استراتيجي جعله محط أنظار وتهافت الزائرين بعد الإفطار، ولعل الأمر الذي زاد من الإقبال الكبير للعائلات ومحل اهتمام المتنزهين هو توفر الأمن الذي منح الحضور شعورا بالراحة والاطمئنان. والأجمل في ذلك هو توفر الكيتاني على ساحة مزينة بأضواء زاهية هي بمثابة كورنيش يفسح المجال للعائلات بالتجوال في سهرة رمضان إلى جانب تخصيص مساحة هي عبارة عن مركب مصغر للعلب والتسلية مخصصة للأطفال يفتتح أبوابه من الساعة الثامنة ليلا بعد الإفطار والى غاية الثانية بعد منتصف الليل كما يعد أيضا مقصد العائلات لقضاء سهرات رمضانية مشوقة. وأثناء الزيارة التي قمنا بها إلى المركب الصغير المخصص للتسلية والترفيه المتواجد بساحة الكيتاني لاحظنا أن الاكتظاظ بالمكان كان على أشده وسرعان ما كانت الطوابير تمتلئ عن آخرها بمجرد انتهاء الفوج الذي يتوجه لركوب اللعبة، وفي هذا الإطار أكد عون بعين المكان أن عدد التذاكر التي تباع يوميا بلغت أكثر من 600 تذكرة مشيرا إلى أن الأسعار معقولة مقارنة بأسعار المركبات الأخرى المتواجدة بالعاصمة، الى جانب اقتراح جولات بالخيل والدرجات النارية بأسعار معقولة تتراوح ما بين 20 الى 50 دينار بمحاذاة المركب بالإضافة الى وجود أماكن مخصصة لبيع المثلجات والمشروبات التي تزيد من رفاهية المكان. ورغم انشغال السكان بالصيام ومستلزمات شهر رمضان فان البلدية أبقت شواطئها مفتوحة حتى ليلا حيث يتوافد الزائرين بعد الإفطار على شاطئ الرميلة للسهر والسمر، حيث أصبح موقع للتلاقي والترويح عن النفس وفضاء للراحة والاستجمام. أسعار معقولة وإقبال مكثف على محلات بيع الملابس اللافت للانتباه بحي باب الوادي هو الإقبال الكبير للعائلات على محلات الأكل السريع والمثلجات التي تبقى مفتوحة إلى ساعات متأخرة من الليل أمام حرارة الجو التي تجبر المواطنين على تناول المثلجات والمشروبات وعلى رأسها »الشاربات« وهي العادة الجديدة التي دخلت الى بيوت العاصميين في السنوات الأخيرة. أما محلات وأسواق بيع الملابس فهي الأخرى تشهد توافد منقطع النظير من قبل الزبائن بعد الإفطار تحسبا للعيد وتحضيرا للدخول الاجتماعي على حد سواء وغالبا ما يكون الأهل مرفوقين بأبنائهم بغرض اختيار لهم ما يحلو من ألبسة وأحذية وهي الأجواء التي تصنعها الأيام الأخيرة من كل شهر رمضان، وحسب شهادات بعض العائلات فمحلات باب الوادي لا تستقطب فقط سكانها بل يأتون إليها من كل وجهة نظرا لكونها معروفة ببيعها لمنتجات ذات أسعار معقولة بمختلف أنواعها. أجواء تضامنية بباب الوادي وفي ميدان التضامن والتكافل الاجتماعي تم فتح مطعمين للرحمة على مستوى بلدية باب الوادي الأول متواجد بمدرسة أبي ذر الغفاري والثاني بمدرسة كمال أبي ركان، حيث يتم فيهما توزيع وجبات ساخنة يوميا على المحتاجين وعابري السبيل بالإضافة الى وجود مراكز للرحمة تابعة للخواص والجمعيات وبعض المحسنين كمطعم الرحمة المتواجد بمقر نادي اتحاد العاصمة بباب الوادي. كما ستنظم البلدية عمليات ختان المقررة لليلة 27 من شهر رمضان حيث ستتبع بحفل فني بحضور عائلات الأطفال مع توزيع هدايا وملابس جديدة وبالموازاة سيتم تكريم حفظة القران الكريم من خلال توزيع هدايا على الفائزين في المسابقات القرآنية المنظمة من قبل المساجد.