ودّع محبّو عميدة المذيعات الجزائريات الراحلة أمينة بلوزداد، حيث توسط جثمانها بهو قاعة قصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة، مسجى بالعلم الوطني، في أجواء مشحونة بالأسى على فقدان سيدة لها قامة وتاريخ جعلاها تفصيلا جميلا في الذاكرة الجماعية للجزائريين. ترحم وزيرا الاتصال حميد قرين، والثقافة عز الدين ميهوبي، على روح أول مذيعة جزائرية قبل وبعد الجزائر المستقلة، وقدما التعازي لعائلة الراحلة أمينة بلوزداد، حيث صرح السيد قرين، بالمناسبة أنها مثال للأصالة والأناقة والاحترافية، كانت من الرعيل الأول الذي كان وراء نهضة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون سابقا، برفع التحدي وقتئذ لتحقيق تلفزيون جيّد وعصري، وختم السيد قرين، بقوله إنها مثال وقدوة لكل النساء الجزائريات. وتوافدت أعداد من أقارب وأصدقاء الراحلة أمينة بلوزداد، إلى هضبة العناصر للترحم عليها في أجواء مهيبة، ودعها محبّوها بالدموع والورد، والدعاء لها بالرحمة، فكانت المناسبة للقاء العديد من الفنانين والوجوه الإعلامية الذين عرفتهم الراحلة، تحدثوا عن شخصيتها وتميّزها، واتفقوا على أنها تستحق أن تكون أيقونة المذيعات الجزائريات بالنظر إلى مسارها الطويل الذي بدأته قبل استقلال الجزائر، اقتربت منهم "المساء" وسجلت بعضا من انطباعاتهم حول الفقيدة. حمراوي حبيب شوقي، مدير عام أسبق للتلفزيون الجزائري: المرحومة لا يضاهيها أحد لا في أخلاقها أو في الكفاءة أو في التواضع، وهي شمعة انطفأت بهدوء وصمت وبتواضع بما يشبهها في حياتها، كانت دائما ضيفتنا في البيت وهي ضيفة عزيزة وكريمة وجميلة رحمها الله أقولها بابتسامة لأنها لم تفارقها في يوم ما، ولكن أقولها كذلك بتقدير لمسيرة ولمسار امرأة جزائرية رمز في شغلها تؤديه باقتدار، كما تؤديه المرأة الجزائرية دائما، وكانت ترافقنا لما ألحقنا بهذه العائلة بنصائحها ومحبّتها وتواضعها. أستغل هذه الفرصة ونحن نرى الوجوه التي سبقتنا للسمعي البصري والتي تأتي بعدنا بكل اقتدار، كذلك أن أقترح على الزميلين وزير الاتصال ووزير الثقافة تأسيس متحف وطني للإذاعة والتلفزيون والفنانين والفنانات وللفنون هدفه أرشفة وتوثيق هذه المسارات والاجتهاد والجهد والتضحيات ورموز الإذاعة والتلفزيون. نادية شرابي وزيرة الثقافة السابقة: أمينة بلوزداد رافقتنا عبر الشاشة من الأبيض والأسود إلى التلفزة الملونة منذ أن كنّا صغارا نتابعها، إذ تمثل رمزا للمرأة الجزائرية المثقفة والأنيقة والهادئة، وهذا الأمر يجعلنا دائما نشعر أنها تمثلنا، أتذكرها في اللقاء الأخير معها في حفل بقصر الثقافة، كانت في قمّة الأناقة وكانت لا ترفض دعوات حضور الحفلات والنشاطات، وكانت تفعل ذلك حبا لجمهورها وحضورها كان مشرف لنا. الكثير من النساء يرونها رمزا للمرأة الجزائرية بأناقتها وأسلوبها وكلامها خاصة عشية استقلال الجزائر، حتى عندما كانت تتحدث بالعربية كانت لها نكهتها الخاصة، وأسلوب يشعرك بأنها قريبة منّا.جدير أن نهتم بالمثقفين والفنانين وهم أحياء ومناسبات مثل هذه لتقديم الاحترام لهذه الشخصيات. فاطمة ولد خصال، مديرة سابقة للإذاعة الثقافية: ما أتذكره عن الراحلة أنها لم تبخل يوما بنصائحها، وملاحظاتها القيّمة، وكانت دائما حريصة لنكون في الطليعة، ذلك في الحضور الإذاعي أو التلفزيوني، كنت كلما ألج مكتبها أجد في يدها كتابا، والحديث إلى أمينة بلوزداد، هو حديث مع سيدة مثقفة تستفيدين من أبسط جلسة معها، وكانت متفردة في الجمال ولا تشبهها واحدة في التلفزيون بثقافتها بالإضافة إلى أنها كانت إنسانة طيّبة جدا وبسيطة جدا، وما كان يميّزها أنها كانت دائما وراء الشباب في تقديم النصائح. وكانت من الغيورات على الإذاعة، وفي التلفزيون لا يختلف اثنان أن أمينة بلوزداد، هي المثل الأعلى لمذيعة ناجحة، اليوم نفقد سيدة محترمة وأعتبرها بحق من الرموز الإعلامية الهامة في الجزائر، والتي تركت بصمتها في الإذاعة والتلفزة الجزائرية. عبد القادر نور، أول رئيس تحرير للإذاعة والتلفزيون: السيدة بلوزداد إنسانة متواضعة ومثقفة وأخذت تجربة قوية جدا أثناء فترة الاحتلال، وهي من القامات المخضرمة التي لعبت دورا أثناء فترة الاحتلال ودور أثناء فترة الاستقلال، وأفادتها التجربة الأولى وكان لها حضور قوي ومثقفة إلى درجة كبيرة وكانت تقرأ باستمرار، ولما أحيلت على التقاعد في التلفزة أمضت في الإذاعة عشر سنوات عملت معي فيها. الفنان بلعيد تاقراولا: عرفتها وأنا صغير، سجلت طفولتنا لما كنا نشاهدها على الشاشة تتحكم في اللغتين العربية والفرنسية، وإلى جانبها فتيحة مرابطي، وجعلتنا نحب التلفزيون ونحب برامج سنوات الستينيات، كان لي الحظ أن إلتقيتها بمناسبة تكريم الفنانة القبائلية جميلة، حيث ألقت بشهادتها بخصوص الفنانة والعديد من الفنانين القدامى الذين برزوا سنوات الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وهذه الشهادة مسجلة وقد نشرتها على صفحتي الشخصية في الفايسبوك. نحتفظ بذكرى جميلة لأمينة بلوزداد، هي نهاية الأبيض والأسود وأتمنى أن تكون الألوان الخلف لتلك الفترة. رئيس الجمهورية يعزّي عائلة الإعلامية الفقيدة أمينة بلوزداد بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة برقية تعزية إلى أسرة الإعلامية أمينة بلوزداد التي وافتها المنية أول أمس، أكد فيها أن الفقيدة ساهمت في "بعث وعي حداثي يخدم مصالح شعب تواق للتحرر وبناء دولة وطنية حديثة". وجاء في برقية التعزية: "التحقت بالرفيق الأعلى، المغفور لها بإذنه تعالى، المناضلة أمينة بلوزداد، تغمّدها المولى بشآبيب رحمته الواسعة، وجمعها بإمائه الصالحات الصدّيقات في جنات الخلد والنعيم وحسن أولئك رفيقا". وذكّر رئيس الجمهورية ببدايات المرحومة التي "نشأت في أسرة متشبعة بقيم النضال وفكر أصيل للحركة الوطنية، مما أكسبها حصانة ضد مفاسد المحتل الغاشم". واسترسل الرئيس بوتفليقة مضيفا: "وفي هذا الجو فتحت الراحلة عينيها وترعرعت، حيث التحقت بأهم جهاز إعلامي وطني، المتمثل في الإذاعة والتلفزيون، لتتميز بتنشيط حصص، وتسهم في بعث وعي حداثي يخدم مصالح شعب توّاق للتحرر وبناء دولة وطنية حديثة". "في هذا الظرف الأليم" - يضيف رئيس الجمهورية - "أسأل الله عز وجل أن يتغمد الفقيدة برحمته التي وسعت كل شيء، ويتولاها برضوانه ويحسن مآبها، أعرب لأهلها الأبرار وذويها الأكارم عن بالغ العزاء وصادق الدعاء، راجيا لهم من العلي القدير الصبر والسلوان". "وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".