يبدو أن الفرقاء الليبيين بدأوا يقتنعون مع استفحال أزمة بلدهم، بأن حلها لن يكون إلا ليبيّا بعد تجربة أكثر من عام من المفاوضات تحت رعاية الأممالمتحدة، انتهت بفشل ذريع رغم مؤشرات وتصريحات بقرب التوقيع على اتفاق نهائي للسلم والمصالحة، ينهي أكثر من أربع سنوات من الاقتتال الدامي والاحتقان السياسي. وهي قناعة بدأت تترسخ تدريجيا لدى الفاعلين على الساحة الليبية؛ سواء المحسوبين على برلمان طبرق أو على المؤتمر الوطني العام المنتهية عهدته، والذي يتخذ من العاصمة طرابلس مقرا له. فقد أكد إدريس بوفايد رئيس اللجنة السياسية في مؤتمر طرابلس في موقف مفاجئ، أن المؤتمر وعددا كبيرا من نواب برلمان طبرق وشخصيات قيادية، عازمون على قيادة حوار سياسي ليبي ليبي. وشدد المسؤول الليبي على ضرورة أن يكون الحوار ليبيّا سواء من حيث القيادة أو من جهة صياغة مفردات الحوار ومخرجاته، مؤكدا في الوقت نفسه، قبول التعاون مع الوسيط الأممي لدعم عملية الحوار وتجاوز العقبات إن وجدت. والأهم في كل هذا أن بوفايد أعرب عن تفاؤله في تسوية القضايا العالقة بين السلطتين المتخاصمتين، وعلى رأسها مسألة المناصب في القيادة العسكرية. وهي المسألة التي كان المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا برناردينو ليون عجز عن إيجاد حل لها؛ مما أفشل مساعيه التي كادت تكلل في آخر لحظة بالتوقيع على وثيقة الاتفاق النهائي لاحتواء الأزمة الليبية، والمتضمن تشكيل حكومة الوفاق الوطني. والمؤكد أنه في حال توصل الطرفين المتخاصمين في ليبيا إلى أرضية توافقية بشأن المناصب العسكرية وخاصة مصير الجنرال خليفة حفتر الذي يتمسك به برلمان طبرق كقائد عام لهيئة أركان الجيش الليبي ويرفضه مؤتمر طرابلس، يمكن القول إن حل الأزمة الليبية أصبح وشيكا. ويتأكد ذلك خاصة أن تصريحات عضو برلمان طرابلس سبقتها تصريحات مماثلة أدلى بها نواب من برلمان طبرق، أكدوا على اتصالات بين الجانبين لاحتواء خلافاتهم والعمل على توحيد صفهم من خلال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. والمفارقة أن هذه التصريحات الإيجابية من ممثلي السلطتين المتنازعتين في ليبيا، توالت مع تعيين الأمين العام الأممي لمبعوث جديد الى ليبيا خلفا للإسباني برناردينو ليون، الذي اتهم بالانحياز الى أحد أطراف الصراع؛ مما أفشل مهمته في آخر لحظة. كما أن مثل هذه التصريحات قد توفر الأجواء المواتية لنجاح مهمة خليفته الألماني مارتن كوبلر، خاصة أن إدريس الفايد أبقى على إمكانية التعاون مع الوسيط الأممي لدعم عملية الحوار وتجاوز العقبات.