دقّّت لجنة النقل وتهيئة الإقليم بالمجلس الشعبي البلدي، ناقوس الخطر إزاء الوضعية "الكارثية" لواقع قطاع النقل في الجزائر العاصمة، بسبب تدني الخدمات والفوضى العارمة التي يتخبّط فيها هذا القطاع الحسّاس، حيث استعجلت ضرورة إعادة النظر في مخطط السير بالعاصمة وجعله مندمجا ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، بإشراك كافة الهيئات الإدارية المعنية بغية التوصّل إلى خدمات نقل تضمن الراحة والطمأنينة للمسافرين والركاب. ... وأشارت اللجنة ضمن التقرير الذي أعدته عن القطاع تحوز "المساء" على نسخة منه- على ضوء الخرجات الميدانية لأعضاء اللجنة عبر مختلف محطات نقل المسافرين ببلديات العاصمة، إلى وجوب التعجيل بوضع مخطط سير داخل المدن، يعتمد على تنظيم نقل المسافرين بمختلف أصنافه، لإعادة ضبط هذا النشاط أكثر، على خلفية جملة النقائص التي تم تسجيلها ميدانيا على مستوى مختلف هذه المحطات. ويتعلق الأمر، حسب التقرير المذكور، بعدة مشاكل وعراقيل حالت دون تطوّر هذه المحطات التي أضحت تفتقر لأدنى المواصفات المعمول بها، وعلى رأسها عدم توفير أماكن خاصة لركن الحافلات ووسائل النقل بصفة عامة، بسبب ضيق المكان وزيادة عدد الاتجاهات، إلى جانب عدم تهيئة معظم أرضيات المحطات على مستوى العاصمة، مما أدى إلى استحالة السير عليها بسبب تدهورها جراء امتلائها بالمياه وانتشار البرك والحفر فيها. كما تم في هذا الإطار، تسجيل انعدام المقاعد المريحة على مستوى الحافلات وغياب أدنى شروط النظافة والراحة وغياب لافتات توجيه لفائدة المسافرين تحمل (رقم الخط واسم الواجهة)، ناهيك عن افتقار معظم المحطات لدورات المياه (المراحيض) وغيرها من المرافق الضرورية الأخرى، على غرار (المقاهي والمطاعم والمصليات والتجهيزات الأخرى كقاعات الانتظار ومكتب الاستعلام والتوجيه..). يضاف إلى كل ذلك الروائح الكريهة وانتشار النفايات والأوساخ بممرات الحافلات. وبناء على هذه المعطيات وأخرى، اشترط ممثلو لجنة النقل وتهيئة الإقليم، التطبيق الصارم لقوانين المرور بهدف متابعة ومراقبة نشاط الناقلين، قصد الحد من حالات الفوضى والعشوائية في التسيير. من خلال إنشاء سلطة ضبط لقطاع النقل تشرف على متابعة مدى تماشي أداء القطاع مع الأهداف المسطر له ومتطلبات الخدمة العمومية، فضلا عن إنشاء سلطة رقابة، مع التشديد على ضرورة التكامل بين جميع القطاعات. وهذا لن يتأتى دون مراعاة إعادة سياسة التحكم في توزيع شبكة النقل وتنظيم استغلال الخطوط عبر إقليم الولاية، مع استحداث نظام المداومة بين الناقلين وتوسيع شبكة النقل الجماعي. نقص فادح في خطوط حافلات النقل الحضري "إيتوزا" أشار تقرير اللجنة في هذا الإطار، إلى تسجيل نقص كبير في الحافلات بمختلف الاتجاهات، لاسيما الخطوط الخاصة بحافلات النقل الحضري وشبه الحضري، وهو المشكل الذي تسعى على ضوئه ولاية الجزائر إلى تداركه وتحسين الخدمات العمومية لنقل المواطنين، من خلال توفير مساحات وفضاءات خاصة بركن المركبات، كحظيرة جسر قسنطينية، مع إنجاز مشروع محطة نقل المسافرين ببومعطي بعد إزلة السوق الفوضوية، بالإضافة إلى الشروع في تهيئة كل من محطة نقل المسافرين بكل من ابن عكنون والشراقة والدويرة وساحة أول ماي بالعاصمة. كما ستساهم مؤسسة النقل الحضري والتسيير المروري التي تضم 21 محطة نقل عمومي على مستوى العاصمة، بالتنسيق مع ولاية الجزائر، في إطار مخطط استعجالي خلص إليه أعضاء اللجنة، يضمن تجسيد عدة مشاريع جديدة في القطاع، تخصّ بالأساس إنجاز محطات جديدة ببلديات المعاملة والرحمانية والسويدانية وتسالة المرجة والخرايسية وأولاد الشبل، إضافة إلى إعادة تهيئة محطات أخرى بكل من بلديات الحراش وبراقي والرغاية وهراوة والمرسى وعين طاية وبئر خادم وبوروبة والدويرة والكاليتوس وبني مسوس وسيدي موسى وزرالدة واسطاوالي والقبة وابن عكنون وعين البنيان. في وقت لا تزال تحتاج بعض البلديات إلى التزود بحافلات النقل المدرسي والجامعي، كالمعالمة والسويدانسة والرحمانية وتسالة المرجة واسطاولي وبئر توتة. أكثر من 5 آلاف حافلة مهترئة تجوب العاصمة وأشار التقرير المعدّ من قبل لجنة النقل وتهيئة الإقليم بالمجلس الشعبي الوطني، إلى الوضعية الكارثية التي تميّز 5402 حافلة لنقل المسافرين على مستوى العاصمة، بسبب اهترائها الكبير وقدمها باعتبارها مركبات يتجاوز عمرها ال20 سنة، مما جعلها مصدر خطر على حياة الركاب والمسافرين جراء إزعاجها الكبير لحركة المرور وتسببها في حوادث مميتة وتعطيلها لمصالح المواطنين وانعدامها لشروط السلامة والأمان والراحة. أضف إلى ذلك، عدم انتقاء أصحاب هذه المركبات سائقين مؤهلين لقيادتها، فضلا عن التهوّر الكبير أثناء القيادة باستعمال المناورات والتجاوزات الخطيرة دون اعتبار مسؤوليتهم على حياة الركاب. وبلغة الأرقام، تتوزّع ال5402 حافلة تشتغل عبر 32 محطة في العاصمة ب242138 مقعدا إجماليا، بين 3710 حافلات خاصة بالنقل الحضري و1358 حافلة نقل بين الولايات و236 حافلة نقل شبه حضري، يضاف إليها مجموع 98 حافلة خاصة بالنقل الريفي، حيث توفّر هذه المركبات خدمات دون المستوى بحاجة إلى مراجعة فورية لتطويرها وترقيتها. قطاع سيارات الأجرة هو الآخر لا يخلو من العيوب سلّط التقرير المذكور الضوء من جهة أخرى، على واقع قطاع النقل بسيارات الأجرة على مستوى الجزائر العاصمة، حيث لم يخل من الانتقاد بسبب المشاكل الكبيرة التي يتخبط فيها هذا النوع من النقل والتجاوزات العديدة التي يتسبب فيها الناقلون، جراء سوء تطبيق التنظيم وغياب التسيير المحكم وعدم الانضباط في تقديم الخدمات لفائدة الزبائن، وهي أحد الأسباب التي فتحت شهية سيارات "الكلونديستان" التي أضحت تنافس النشاط الرسمي ل«الطاكسي"، خاصة في الأوقات الصباحية الباكرة والمسائية وفي الليل. وانصبّ تشخيص أعضاء اللجنة خلال زياراتهم التفقدية لواقع هذا القطاع بمختلف بلديات ودوائر العاصمة، على عدم تقيّد المؤسسات المشتغلة في خدمة "الطاكسي" بالنظام القانوني الصارم الذي من شأنه وضع حد لهذه الظاهرة، حيث توصّلوا في الأخير إلى أن هذه المهنة انحرفت بشكل كبير عن دورها الرسمي في خدمة الزبائن، بسبب الاعتماد على منطق الربح على حساب المنظومة القانونية. ومن جملة التجاوزات المسجلة في هذا الإطار، عدم احترام إلزامية تقديم الخدمة للزبون، مع عدم مراعاة قواعد الاستغلال والوقوف وعدم تشغيل جهاز العداد أو سوء حالته وعدم تعليق الأسعار. ناهيك عن سوء التصرّف مع الزبون، خاصة فيما يتعلق باستعمال جهاز الراديو وتعمّد التدخين ورفض التكفّل بالأشخاص المعوقين بعرباتهم القابلة للطي وحجب اللوحة المضيئة التي تحمل عبارة "طاكسي" بالغلاف المعتم خلال أوقات السير المكثّف ورفض أداء الخدمة وانتقاء الرحلات، خاصة إذا كانت المسالك غير ملائمة، مع أن التنظيم يعتبر رفض أداء الخدمة مخالفة تستوجب العقاب. ويضاف إلى كل ذلك انعدام المناوبة الليلية بسبب غياب الأمن ونقص المراقبة، مما يشجع أصحاب النقل غير المرخص لهم بمزاولة هذا النشاط ليلا. للإشارة، تحصي حظيرة سيارات الأجرة على مستوى العاصمة 14570 سيارة مشتغلة على مستوى 165 حظيرة رسمية، حيث تتوزّع بين 12879 سيارة أجرة فردية و679 سيارة أجرة جماعية حضرية، علاوة عن 1012 سيارة أجرة تشتغل بين الولايات. كما توفّر هذه السيارات في مجملها 240584 مقعدا لفائدة الزبائن. وخلصت لجنة النقل في الأخير، إلى ضرورة السهر على إيجاد حلول سريعة ومستعجلة من أجل إعادة ضبط نشاط النقل العمومي بالعاصمة، حيث تتطلب مخططا خاصا بالنظر إلى الاختناق الكبير الذي تعيشه يوميا، بإشراك جميع الهيئات والفاعلين دون استثناء.