أثار تنفيذ المملكة العربية السعودية، أول أمس، حكم الإعدام في حق 47 مدانا بالإرهاب، من بينهم رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر، ردود فعل غاضبة وأخرى مطالبة بضبط النفس، بينما خرجت مظاهرات احتجاجية عنيفة ببعض الدول الشرق أوسطية خاصة منها ذات المرجعية الشيعية. ❊ففي إيرانوالبحرين وفي المملكة العربية نفسها، خرجت مظاهرات عارمة تنديدا بإعدام الشيخ النمر الذي يعد أحد أشرس المعارضين للأسرة الحاكمة في السعودية، كان أعنفها تلك التي شهدتها إيران حيث أقدم متظاهرون غاضبون، فجر أمس، على اقتحام السفارة السعودية في طهران والقنصلية بمدينة مشهد والقوا الزجاجات الحارقة وأضرموا النيران بالمقرين. ولم تتمكن قوات الأمن الإيرانية من تفريق المتظاهرين إلا بعد مرور قرابة الساعة أعلنت على إثرها اعتقال ما لا يقل عن 40 محتجا وطالبت المتظاهرين بعدم المساس بالرموز الدبلوماسية. وزاد هذا المشهد في توتير العلاقات السعودية الإيرانية التي هي في الأصل متوترة منذ مدة وتصاعد حدة التوتر بعد توعد الحرس الثوري الإيراني المملكة العربية ب"دفع الثمن غليا" لإعدامها الشيخ النمر، قامت على إثرها الرياض باستدعاء القائم بالأعمال الإيراني وبلغته مذكرة احتجاج على تلك التصريحات. لكن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أكد أمس في محاولة لتدارك الموقف أنه لا يمكن تبرير الهجوم على السفارة والقنصلية السعودية بإيران مهما كانت الأسباب، معتبرا أن مثل هذه التصرفات "تسيء فقط لسمعة إيران". وأثار الاعتداء على السفارة السعودية بطهران موجة إدانة من مختلف الدول الخليجية وأخرى عربية أكدت على أن ما حدث انتهاك صارخ لاتفاقيات فيينا الموقعة عام 1961 والتي تنص على ضرورة حماية البعثات الدبلوماسية. لكن المظاهرات الغاضبة اجتاحت أيضا البحرين التي شهدت أمس مواجهات عنيفة بين محتجين على إعدام الشيخ النمر وقوات الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع وفي بعض الحالات الرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين مما تسببت في حدوث إصابات. وبنفس درجة غضب هؤلاء المحتجين، توالت ردود الفعل المنددة بإعدام الشيخ النمر من أكبر رجال الدين الشيعيين في العراق ولبنان. حيث وصف رجل الدين العراقي، آيت الله علي السيستاني، إعدام النمر بأنه "اعتداء". وقال "لقد تلقينا ببالغ الحزن والأسى إعلان إعدام مجموعة من إخواننا بالمنطقة". وأضاف أن "إهدار دماء هؤلاء ومن ضمنهم الشيخ النمر غير عادل ويعد اعتداء". نفس الموقف عبر عنه حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني الذي ندد بما وصفه ب"إرهاب" الرياض جراء تنفيذها حكم الإعدام في 47 مدانا بالإرهاب من ضمنهم 45 سعوديا ومصريا واحدا وتشاديا واحدا. وعلى وقع هذه التصريحات الغاضبة طالب الأمين العام الاممي ومختلف الدول الغربية على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا وألمانيا بضرورة ضبط النفس وتفادي تأجيج الأوضاع بمنطقة تشهد بؤر توتر مستمرة. وبينما حث الأمين العام الاممي، بان كي مون، كل زعماء المنطقة على العمل من أجل تفادى تفاقم التوترات الطائفية، لم تخف الولاياتالمتحدةالأمريكية قلقها إزاء عمليات الإعدام ودعت الحكومة السعودية إلى العمل مع جميع قادة المنطقة لنزع فتيل التوترات التي أعقبتها. وأكدت كتابة الدولة الأمريكية أن إعدام الشيخ الشيعي السعودي نمر النمر الذي اعتقل على خلفية أحداث وقعت بالمنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية قد يؤدي إلى تأجيج التوترات الطائفية في وقت وجب فيه الحد منها بشكل عاجل. ودعت الرياض إلى احترام حقوق الإنسان وضمان إجراءات قضائية عادلة للمعارضين السياسيين. نفس الموقف عبرت عنه كل من فرنسا وألمانيا اللتان أعربتا عن أسفهما لتنفيذ السلطات السعودية لمثل هذه الأحكام ودعتا القادة الإقليميين بالمنطقة إلى التحرك من أجل تهدئة الأوضاع والحد من التوتر المتصاعد. يذكر أن وزارة الداخلية السعودية كانت أعلنت، أول أمس، تنفيذها حكم الإعدام ضد 45 سعوديا ومصريا واحدا وتشاديا واحدا لإدانتهم في قضايا إرهابية بمناطق مختلفة من المملكة.