إلى جانب المزايا الكثيرة التي يكتسيها هذا الشهر الكريم، هناك ميزة طريفة ينفرد بها متمثلة في قدرته العجيبة على دفع الفتيات إلى دخول المطبخ وتعلم فنون الطبخ... ومن خلال هذا الاستطلاع، سنتعرف على فتيات ماهرات في الطبخ وأخريات لم يطبخن في حياتهن قط، وفئة أخرى لم تدخل المطبخ منذ زمن بعيد رغم درايتها بشؤونه؟! سعاد (26 سنة) سكرتيرة بإحدى الشركات الخاصة، سألناها إن كانت ماهرة في الطبخ، فأجابت والضحك يكاد لا يترك لها مجالا للحديث، فهمنا من ذلك أن لا علاقة تربطها بالمطبخ، وبالفعل أكدت لنا ذلك من خلال قولها "الحقيقة أنني لم أطبخ قط في حياتي، لأنني وببساطة لم أعتد على ذلك، فأمي تتولى المهمة دائما نيابة عني وعملي المتواصل لم يترك لي مجالا للتعلم، لكن هذه السنة وما إن هل علينا هذا الشهر الكريم حتى وجدت نفسي أنساق الى المطبخ وأسهم في تحضير بعض الأكلات السهلة بمساعدة الوالدة، ورغم سهولة ما أحضره إلا أني اعتبرها خطوة هامة تستحق التشجيع".. وتضحك سعاد ثانية بسبب تذكرها أول يوم كلفت فيه بالطبخ، فتقول " لقد كان يوما مأساويا بالنسبة لعائلتي، لكوني تسببت في تجويعها، لقد سهوت، بل ونمت ولم أستفق إلا على صوت أمي وهي تقول لي: الله.. الله تركت الطبخ على النار وجئت للنوم، لقد احترق الأكل يا شاطرة!.. أسرعت ساعتها إلى المطبخ، لكن للأسف كان الأوان قد فات، فلم يبق في القدر ما يصلح للأكل، ومنذ حدوث ما حدث قررت أن أكون أكثر جدية ويقظة لكي لا تكرر ذلك الأمر، ولا أعرض نفسي للتوبيخ والسخرية من طرف أفراد العائلة".
المرأة هي من تتقن الطبخ فائزة (24سنة) ما كثة بالبيت، سألناها إن كانت تحسن الطبخ، والى أين وصلت براعتها في هذا المجال، فأجابت بكل ثقة "أنا فعلا ماهرة، وسبب مهارتي هو حبي للطبخ واحتكاكي بأمي التي علمتني الكثير، فهي بنت (قسنطينة) ولا يخفى عند أن القسنطينيات ماهرات في كل شيء وبالأخص الطبخ، فالمرأة هناك تولي أهمية كبيرة لهذا الجانب، ولا يمكني اعتبار المرأة إلا إذا أتقنت وتفننت في الطهي، حتى لو كانت طبيبة أو طيارة أو حتى وزيرة، فهذا لا يعفيها من دخول المطبخ، وإظهار مهارتها، فالطبخ أمر ضروري وهام جدا جدا بالنسبة للمرأة على وجه الخصوص.
الطبخ لا يشكل أمرا هاما في حياتي أما حليمة (32 سنة) معملة، فردت عندما سألناها عن مكانة الطبخ في حياتها : "صراحة لا يشكل الطبخ ضرورة ماسة في حياتي، وليس هاجسا، لأن الإنسان متى شاء تعلمه، وبالنسبة للمرأة المتعلمة هناك كتب تغزو السوق تساعدها على ذلك، فأنا مثلا لم أدخل المطبخ منذ ما يقارب السنة، لكن في شهر رمضان دخلته راضية، فما إن حل حتى سارعت إلى اقتناء الكتب وإحضار كيفيات مختلفة من هنا وهناك، وتحمست لتحضيرها وتطبيق الوصفات حرفيا، والحمد لله وفقت إلى حد بعيد، رغم كوني لا أدخل المطبخ إلا في رمضان".
الحياة الجامعية علمتني فنون الطبخ من جانبها، قالت شهرزاد (30 سنة)، محامية، حول الموضوع " أثناء دراستي ومكوثي بالحي الجامعي، كنت مضطرة لأطبخ لنفسي ولزميلاتي.. وبفعل احتكاكي بطالبات من كل النواحي (شرق، غرب، جنوب، وسط)، تعلمت وصفات مختلفة.. هذا الى جانب تفنني في وصفات جديدة تعلمتها من الكتب ومن التلفزة، فالدراسة كانت سببا رئيسيا في تعلمي الطبخ، وأنا سعيدة بكوني نجحت في كلا الأمرين الدراسة والطبخ الذي يعد أمرا هاما بالنسبة لأي إنسان، وليس للمرأة فقط".
خطبتي شجعتني على الطبخ بدورها، أميرة (23 سنة) طالبة بمعهد الفنون الجميلة، لم يسبق لها دخول المطبخ، لكن هذه السنة، ومع حلول شهر رمضان، تشجعت واقتحمت بابه، فكيف حدثت هذه المعجزة يا ترى؟! ضحكت أميرة وأجابت " إنها بالفعل كما قلت معجزة بالنسبة لي ولأفراد عائلتي، الذين لم يعهدوا رؤيتي بهذا الحماس والنشاط، وخطبتي طبعا هي السبب، فقريبا سأزف، وخطيبي ليس من النوع الذي يتساهل في معدته، ولقد حذرني حين مازحته يوما بقولي أني لا أحسن الطبخ، بالقول " ماذا أفعل بك؟ إذن إبقي عند أهلك، فهذا أفضل لك ولي، فأنا لست من الرجال الذين يرضون بمعيشة الساندويتش والبيتزا التي تقتنيها زوجاتهم من المحلات". وتضيف أميرة: " كل خوفي أن يصدق مع زوجي المثل القائل أن أسهل طريق إلى قلب الرجل معدته، لأنه إن صدق بالفعل، فلن أعمر معه قطعا، وهذا ما لا أتمناه أبدا، وعليه سأعمل قصارى جهدي لأصبح أمهر من السيدة بوحامد، والسيدة رزقي (تضحك)... حتى استقر في بيت مع زوجي، ويكون فخورا بي.