شكلت تظاهرة يوم الربيع التي نظمت بداية الأسبوع الجاري بابن عكنون، فرصة لإظهار نجاح مشروع الأسرة المنتجة خاصة وأن العديد من الحرفيات عرضن تجاربهن في تحقيق الاستقلالية المالية بعد أن طوّرن حرفتهن وجعلن منها مصدر دخل ثابت، كما أظهرت التظاهرة أن الاعتماد على الفايسبوك لتسويق المنتوج الحرفي أو ما يعرف بالتجارة الإلكترونية أضحى شكلا جديدا من أشكال التسويق التي عمل منظمو التظاهرة على التحسيس الواسع بها. جاء التفكير في تنظيم تظاهرة يوم الربيع من أجل تحسيس النساء سواء من العاملات أوالماكثات في البيت بأهمية الحرفة اليدوية في تحقيق الاستقلالية المادية من جهة، وكذا من أجل توعية الحرفيات صاحبات الورش أوالمؤسسات المصغرة بأهمية إدخال وسائط الاتصال في الترويج لمنتوجاتهن، حيث تقول الآنسة نوال ڤلال، منظمة التظاهرة ومُكوّنة مُنسقة في مجال التسويق، إن استعمال مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفايسبوك في ترويج المنتوج الحرفي، أضحى لا مناص منه خاصة وأن نسبة كبيرة من المجتمع تستعمل هذا الموقع تحديدا. في السياق تشير المتحدثة، إلى أنها أشرفت على العشرات من الدورات التكوينية لفائدة الحرفيين لتعريفهم بكيفية إنشاء صفحة على الفايسبوك، والتعريف بالحرفة وتقديم المنتوج الحرفي وحتى محاولة إيجاد زبائن عبر الفضاء الأزرق، تسمى هذه التقنية فضاء محلات افتراضية مثلما تسميها نوال ڤلال. ومن التقنيات التي يتم تلقينها ضمن الدورات التكوينية أيضا، كيفية تصوير المنتوج وعرضه على الصفحة، وكيفية كتابة بضعة أسطر تعرف به لجذب الزبائن، وحتى التعريف بالحرفية التي أبدعته لإبراز بصمتها في هذا المجال ولصنع الفارق عن الآخرين. وحسب الحرفيات اللواتي تلقين تكوينا في التجارة الإلكترونية، فإن هذه الطريقة الترويجية تتماشى مع روح العصر، كون نسبة كبيرة من الأفراد متصلين بالشبكة العنكبوتية كل الوقت وبالتالي يتصفحون العشرات من الصفحات، "لذلك فإن الإشهار على منتوج ما عبر الفيسبوك يكون سهلا ويستهدف جمهورا واسعا في آن واحد" تقول الحرفية في الرسم على الفخار والزجاج، كريمة رزقي، معتبرة أن الفايسبوك أصبح وسيلة لا بد منها للتعريف بالحرفي ومنتوجه،"تجد الكثيرين متصلين كل وقت بالفيسبوك لتبادل الأحاديث والمعلومات وغيرها، فلماذا لا نتبادل نحن كحرفيين عملنا الإبداعي في هذا الفضاء أيضا؟"، لتجيب من جهتها الحرفية حنان ولد نوغي، مصممة حلي عصرية بقولها إن الفضاء الأزرق صار حتمية عصرية فبغض النظر عن التعارف والمحادثات بين الأصدقاء، هو فضاء يسمح بالترويج "فقد تمكنت من تسويق الكثير من القطع عبر الفيسبوك، وهذا بعد أن أنشأت صفحتي الخاصة بهذا الفضاء قبيل خمس سنوات وبدأت أتبادل مع صديقاتي صورا حول كل قطعة أبدعها، كما أبيع بعضا منها كذلك وتصلني تعليقات حول مزج ألوان معينة مع أخرى وغيره، وشيئا فشيئا أصبحت دائرة تسويق الحلي التي أبدعها تتم عبر الفيسبوك وهو ما جعلني أنشىء تعاونية النساء العاملات أطلقت عليه اسم "بي مود" لعرض وبيع الحلي وقد لقي صدى واسعا، ما حفزني على الإبداع والتسويق إلكترونيا أكثر". من جهتها تقول الحرفية في الرسم على الحرير مياسة شارف شيغي إنها كانت من ضمن الحرفيات اللواتي تلقين تكوينا في التسويق عبر الفيسبوك، وتعتبر هذه الخطوة طريقة جديدة في التعريف على الحرفي وحرفته وفرصة كبيرة لتسويق المنتوج، مشيرة إلى أن نقص فضاءات التسويق من بين أهم التحديات التي يواجهها الحرفي ليبقى محافظا على حرفته، لأن المدخول المادي مهم جدا لتحقيق الاستقرار. وبالمثل تتحدث الحرفية في الطرز التقليدي (غرزة الحساب) جريدة بن سلمان، موضحة أن الفايسبوك سمح لها بنسج الكثير من الصديقات التي تحولن فيما بعد إلى زبونات بعد أن أحببن إبداعاتها. بالنسبة للحرفية ناتاليا شفشنكو، وهي من أصل روسي، مبدعة في صنع قطع ديكورية للمطبخ، فتعتبر أن الفايسبوك طريقة احترافية لتسويق المنتوج الحرفي، لأن انعدام هذا الفضاء يعني الموت البطيء للحرفي والحرفة على السواء. وأضافت أنه بفضل الفضاء الأزرق، تمكنت من كسب المزيد من الزبائن من محبي حرفتها.