حل أمس بالعاصمة الليبية طرابلس وزيرا خارجية كل من فرنسا وألمانيا في زيارة مفاجئة دامت بضعة ساعات لكنها كانت متوقعة في سياق إظهار الدعم الدولي وخاصة الأوروبي لحكومة الوفاق الوطني التي تنتظرها مهمة أقل ما يقال عنها أنها صعبة في إخراج ليبيا من حالة الفوضى العارمة التي تتخبط فيها منذ سنوات. والتقى كل من جون مارك ايرو وفرانك ولتر ستانماير بفايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من قاعدة عسكرية شرق طرابلس مقرا مؤقتا لها في انتظار تسوية الخلاف مع حكومة طرابلس الموازية بقادة خلفية الغويل الذي تضاربت تصريحاته بين قبوله ورفضه التعامل مع السراج وحكومته. وقال وزير الخارجية الألماني ولتر ستانماير أن "هذه الزيارة المشتركة مع أصدقائنا الفرنسيين إلى طرابلس تمثل رسالة بأن كل المجموعة الدولية متفقة على أن مسار السلام والاستقرار يمر حتما عبر تطبيق اتفاق السلام وحكومة الوفاق الوطني". ووفق مصادر دبلوماسية فرنسية فإن وزير الخارجية الفرنسي جون مارك ايرو يرى بضرورة أن يكون هناك تحرك أوروبي ملموس في ليبيا لإحلال السلام واستثبات الأمن. وسبق زيارة رئيسا دبلوماسية فرنسا وألمانيا زيارة وزير الخارجية الايطالي باولو جينتيلوني الذي يعد أول مسؤول أوروبي سامي يزور ليبيا منذ صيف 2014. كما جاءت غداة عودة سفراء كل من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا الذين يعدون أول السفراء الأوروبيين العائدين إلى ليبيا منذ إغلاق دول الاتحاد الأوروبي لبعثاتها الدبلوماسية في هذا البلد صائفة 2014 بسبب استفحال العنف. وتحظى حكومة السراج بدعم دولي كبير ترجمت في الأيام الأخيرة بتوالي زيارات المسؤولين الأوروبيين في رسالة تأكيد على وقوف الدول الغربية التي شاركت في الإطاحة بالنظام الليبي السابق شهر أكتوبر 2011 إلى جانب هذه الحكومة الحديثة النشأة والتي تسعى لفرض سلطتها على كامل التراب الليبي. وفي هذا السياق أعلن فايز السراج رسميا أول أمس بدء حكومته عملها انطلاقا من العاصمة طرابلس أياما فقط قبل عقد جلسة منتظرة بمقر مجلس النواب بمدينة طبرق لمنحها الثقة. وقال السراج أن حكومته "كانت ومازالت حريصة على عدم إراقة دماء الليبيين ووقف إطلاق النار ووضع حد لكافة أشكال النزاعات.. وأنها ستعمل على محاربة الإرهاب". وأضاف السراج أن حكومته ستعمل من أجل حماية المصالح الشاملة لكل الليبيين الذين دعاهم إلى توحيد الجهود لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي. في نفس الوقت الذي شدد فيه على أن "معالجة مشاكل السيولة المالية ورفع المعاناة عن المواطنين من خلال توحيد مؤسسات الدولة تعتبر من أولويات الحكومة خلال المرحلة المقبلة". ولأن محاربة "الإرهاب" تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه حكومة الوفاق فقد ندد مارتن كوبلر المبعوث الاممي إلى ليبيا بالهجوم الذي استهدف أول أمس مدنية بنغازي وأسفر عن مقتل جنديين ليبيين وإصابة آخرين. وبينما أكد كوبلر عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك" "إن القتال يجب أن ينتهي" حث على "التضامن والوحدة الوطنية بين جميع الليبيين لمحاربة الإرهاب". يذكر أن هجوما بسيارة مفخخة استهدف أول أمس محيط مقبرة جنوب غرب مدينة بنغازي أسفر عن مقتل جنديين وإصابة 6 آخرين تبناه تنظيم "داعش" الإرهابي. وهو ما جعل القيادة العامة للجيش الليبي تؤكد استمرار عملياتها العسكرية ضد الجماعات الإرهابية من دون توقف حتى تحرير كامل المدينة.