حددت الزيارة الرسمية التي قام بها الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، إلى موسكو معالم جديدة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية القائمة بين البلدين منذ 2001، مع ترسيخ أسس التعاون في شتى المجالات في ظل الإرادة التي أبداها رئيسا البلدين من أجل الارتقاء بهذه العلاقة الاستثنائية إلى مستويات أفضل. البعد الاقتصادي طغى على زيارة سلال الذي اغتنم فرصة لقائه بالمسؤولين الروس، مؤكدا أن "تطوير التعاون الجزائري-الروسي يجب أن يعزز الشراكة الإستراتيجية"، معتبرا أن مبادرة المنتدى الاقتصادي الجزائري-الروسي "يسمح بإقامة اتصال بين مقاولي البلدين من أجل بحث و استغلال فرص الشراكات الاقتصادية". في هذا الصدد، دعا سلال المتعاملين الروس إلى "تقديم مساهمتهم في مجال الطاقة والنقل والمناجم إلى جانب الفلاحة والسياحة والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال والبناء"، مؤكدا على "اتخاذ إجراءات تشريعية وتنظيمية ملموسة في الجزائر من أجل تشجيع الاستثمار والشراكة وتحسين مناخ الأعمال وإزالة كل العراقيل" . التوقيع على مذكرة التعاون الاقتصادي بين الجزائروروسيا تمت خلال المنتدى الاقتصادي الجزائري الروسي الذي جمع قرابة 500 رجل أعمال من البلدين وهو عدد يبرز، كما أشار المتدخلون لدى انطلاق أشغاله "إرادة البلدين في إرساء شراكة مستديمة وذات منفعة متبادلة على أسس متينة". كما أفضى المنتدى الذي تميز بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير الطاقة الروسي أليكساندر نوفاك على التوقيع على خمسة اتفاقات تعاون شملت ميادين شتى. خلال اليوم الثاني من منتدى موسكو سمحت الأشغال التي جرت في ورشات للمشاركين بتباحث عدد من الأعمال المتنوعة والمرتبطة بالمواد الغذائية و التعاون في المجال الطبي وتطوير البنى التحتية والتطوير العقاري والنقل والصناعات الخفيفة والثقيلة والتكنولوجيات الدقيقة. وقد أكد السيد سلال خلال كلمة له أمام المنتدى أنه سيتم "تشجيع الاستثمارات ومشاريع الشراكة الجزائرية الروسية من خلال العديد من المزايات العقارية والمالية والجبائية". بدوره، أكد وزير الطاقة الروسي أن المنتدى يشكل "مرحلة هامة" في تعزيز التعاون، مبرزا أن حضور أزيد من 200 رجل أعمال جزائري بموسكو يعكس الاهتمام الذي تعيره الجزائر للتعاون مع روسيا. كما تشكل اتفاقية التوأمة التي أبرمت يوم الأربعاء بموسكو بين الوكالة الوطنية لترقية وتطوير الحظائر التكنولوجية ومؤسسة "سكولكوفو" الروسية، "وسيلة لترقية إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الصغيرة والمتوسطة في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال"، حسبما أكد المدير العام للوكالة الجزائرية عبد الحكيم بن ساولة. الشق السياسي كان حاضرا أيضا في هذه الزيارة، إذ كانت الفرصة لسلال لتجديد الموقف الجزائري الثابت في تسوية الأزمات لاسيما حق الشعوب في تقرير مصيرها. على صعيد آخر، أكدت الباحثة في معهد العلاقات الدولية الفرنسي منصورية مخفي أن روسيا تعترف بدور الجزائر كقوة إقليمية وأن البلدين على "اتفاق تام" على الصعيد الدولي. في حديث لمجلة "جون افريك" أوضحت السيدة مخفي التي أجرت دراسة تحت عنوان "الجزائر-روسيا: تطور وحدود علاقة متميزة" نشرتها في مجلة "السياسة الخارجية" سنة 2015 أن "للبلدين نفس القراءة لما يسمى ب«الربيع العربي" وما يجري في ليبيا وسوريا كما أن روسيا تعترف بدور حليفتها الجزائر كقوة إقليمية" مضيفة أن "البلدين على اتفاق تام على الصعيد الدولي" . في هذا السياق، أوضحت المتحدثة أنه بالرغم من الروابط "التاريخية" بين الجزائر وفرنسا وكذا علاقاتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية فإن "القادة الجزائريين عملوا دوما على الحفاظ على محور الجزائر-روسيا وحتى وإن كانت العلاقات "التجارية ضئيلة نوعا ما فهي في نمو مستمر". كما أشارت إلى أن البلدين "شهدا في تسعينيات القرن الماضي تباعدا بسبب العشرية السوداء في الجزائر وانهيار الاتحاد السوفيتي، ليسترجعا علاقاتهما برئاسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي بادر سنة 2001 بالتوقيع على اتفاق شراكة استراتيجية بين البلدين". واعتبرت الخبيرة في شؤون المغرب العربي والشرق الأوسط بالمعهد الفرنسي أن الجزائر "عازمة على فرض نفسها كفاعل دولي يتمتع بعلاقات ثرية ومتنوعة ويتوفر على وزن ثقيل في كفة الميزان المقابلة لكفة الغرب وهي التي طالما دافعت على استقلالها واستقلالية قرارها داعية إلى مواجهة التدخلات الغربية".