حكمت إسرائيل أمس بفشل زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية جون مارك إيرو إلى فلسطينالمحتلة حتى قبل أن يشرع فيها بعد أن جددت رفضها لمبادرة باريس الرامية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام حول القضية الفلسطينية يضع حكومة الاحتلال أمام التزاماتها إزاء تسوية قضية بقيت تراوح مكانها طيلة سبعة عقود. وقطع الأمين العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية بهذا الموقف الطريق أمام وزير الخارجية الفرنسي وأمام مبادرة بلاده الرامية إلى استحداث مسار سلام مواز لذلك الذي ترعاه الولاياتالمتحدة منذ اتفاقيات أوسلو سنة 1993 بقناعة أنها عملية لم تعد تتماشى مع الأحداث التي تعرفها المنطقة وكل العالم. ومن المقرر أن يلتقي ايرو برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالقدسالمحتلة قبل الاجتماع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس بمدينة رام الله بالضفة الغربية. وقال دور غولد الأمين العام بوزارة الخارجية الإسرائيلية في تصريحات صحفية عشية زيارة ايرو لتبرير رفض المبادرة الفرنسية بالقول أنها "تطرح عدة مشاكل"، متحججا في ذلك بالتصويت على لائحة الشهر الماضي داخل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" أكدت على الطابع الإسلامي لمدنية القدس ومقدساتها وأيدته فرنسا. وقال غولد أنه وبسبب هذا التصويت فإنه و«لا أحد يجب أن يتفاجأ برفض إسرائيل للمبادرة الفرنسية" بمبرر أن موقف فرنسا "ألغى علاقة اليهود التاريخية بالقدس". واستشعر الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس خطورة الغضب الإسرائيلي على موقف بلاده مما جعله يسارع نهاية الأسبوع إلى التأسف على موقف بلاده تجاه تلك اللائحة وراح يطمئن حكومة الاحتلال أن ذلك لن يغير في شيء من مواقف فرنسا تجاه الكيان الإسرائيلي. وسارعت باريس إلى الاعتذار رغم أن جوهر الرفض الإسرائيلي للمبادرة الإسرائيلية لم يكن مضمون لائحة " اليونيسكو" بقدر ما هو ابتزاز مقصود من سلطات الاحتلال للضغط على الجانب الفلسطيني عبر باريس للقبول بيهودية دولة إسرائيل. وهي الغاية التي لم يخفها غولد عندما أكد أن حكومة بلاده كانت ستقبل بالمبادرة الفرنسية لو أنها تضمنت مثل هذا الشرط. قبل أن يعود لمنطق المراوغة الذي تجيده إسرائيل ليؤكد وفق منطق آخر المساعي الفرنسية وقال إنها "لا تقربنا من حل تفاوضي بقدر ما تبعدنا أكثر عن مسار إنهاء الصراع". وإذا كانت إسرائيل لم ترفض زيارة إيرو من أصلها مادامت لا تجدي نفعا فإنها قبلت بها لتمعن في إهانة الجميع من خلال افتعال مبررات لقطع الطريق أمام أي مسعى لا يصب في صالح إحلال السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حدود الرابع جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وبكل ما مبادرة تسعى الى تقويض الدور الأمريكي في نزاع تبنته وترفض كل من ينازعها أبوته فيه. وتكون إسرائيل بفضل هذه السياسة قد أجهضت المبادرة الفرنسية في مهدها رغم علمها أن باريس تنوي عقد اجتماع تحضيري على مستوى وزراء خارجية مختلف الدول المعنية بهذا الصراع نهاية الشهر الجاري على أمل إيجاد أرضية توافقية لعقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام الجاري. وهو ما لا تريده إسرائيل التي تسعى لتقويض المساعي السلمية بدليل فشل وساطة اكبر دولة في العالم الولاياتالمتحدةالأمريكية في تحقيق أي تقدم على مسار مفاوضات سلام دامت لأكثر من عقدين من الزمن اقر الفلسطينيون في الأخير بأنها كانت مجرد مفاوضات عبثية لم تفدهم في شيء بل على نقيض ذلك واصل الفلسطينيون تقديم التنازلات حتى لا يحكم عليهم بأنهم ضد السلام.