يخلّد الشعب الصحراوي غدا، الذكرى ال49 لقيام دولته الفتية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي تعتبر تتويجا لعدة قرون من الكفاح المرير ضد مختلف الغزاة الذين تعاقبوا على الساقية الحمراء ووادي الذهب، من برتغاليين وهولنديين وإنجليز وفرنسيين وإسبان وصولا إلى المغرب. بهذه المناسبة قالت وكالة الأنباء الصحراوية، في بريقة أمس، بأن الشعب الصحراء الغربية يخلّد الذكرى ال49 لقيام دولته، وهو يخوض "الشوط الأخير من الكفاح ضد عدو بات يترنّح وتبدو معالم هزيمته واضحة للعيان". وذكرت بظروف إعلان الدولة الصحراوية في ال27 فيفري من سنة 1976، وهو نفس اليوم الذي قررت فيه السلطات الاستعمارية الإسبانية الرحيل من الصحراء الغربية وفي ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد تتميز بالاجتياح المزدوج للساقية الحمراء ووادي الذهب من طرف القوات المغربية شمالا ومن طرف النظام الداداهي جنوبا. وقالت إنه على إثر ذلك أعلن المؤسس لجبهة البوليساريو وللدولة الصحراوية الفتية، الشهيد الولي مصطفى السيد، عن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في نفس يوم انسحاب الإدارة الإسبانية کرد فعل مباشر يملأ الفراغ الإداري والسياسي، ويرفض الفوضى المفتعلة من طرف المستعمر وحلفائه الغزاة. وبعد هذا الإعلان تشكلت أول حكومة صحراوية تتكفل بمواجهة تداعيات الغزو ومخلفاته العديدة من نزوح جماعي للشعب الصحراوي إلى أرض اللجوء وضرورة تنظيمه وخلق كافة الشروط والمستلزمات الحياتية من نقل النازحين ومن مأوى ومؤن وتعليم وصحة، علاوة على المواجهة الشرسة للقوات الغازية. وأضافت أن "العمل تواصل حثيثا في تأسيس وبناء هياكل ومؤسسات الدولة الصحراوية وفي مقدمتها بناء جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي يخوض المعارك بشكل يومي ضد الغزاة ويصنع الملاحم البطولية". وفي خضم هذا الكفاح الذي تزامن مع النزوح الجماعي لمئات الآلاف من الصحراويين الفارين من بطش الجيوش الغازية، تنشأ المدارس وتقام المستشفيات وتتواصل مسيرة بناء المؤسسات جنبا إلى جنب مع معارك الجيش الصحراوي. وتثبت مرور قرابة نصف قرن من الكفاح والنضال المتواصل ضد الغزاة ومن بناء مؤسسات الدولة الصحراوية ومن النضال المستميت في كل المحافل الدولية والاقليمية من أجل تأكيد حتمية ومشروعية الدولة الصحراوية، بعد نظر القيادة الصحراوية آنذاك، حيث أنه وخلال ال49 عاما من الكفاح والنضال تمكنت الجمهورية الصحراوية من فرض وجودها الميداني من خلال بناء جيش قادر على مواجهة المحتلين. وعلى الصعيد الاجتماعي أشارت وكالة الأنباء الصحراوية، إلى تحقيق التمدرس الشامل لكل الأطفال الصحراويين في مخيمات اللجوء وتوفير الهياكل الصحية التي تلبي حاجات المجتمع، علاوة على بناء إدارة وطنية عصرية وفعالة تتكفل بتقديم مختلف الخدمات للمواطن الصحراوي في مختلف الميادين. أما على المستوى الخارجي، فقد تمكن الشعب الصحراوي من افتتاك العشرات من الاعترافات بالجمهورية الصحراوية والتي تجاوزت أکثر من 80 دولة عبر مختلف القارات، إضافة إلى العضوية الرسمية في منظمة الوحدة الإفريقية ولاحقا عضوا مؤسسا في الاتحاد الإفريقي، حيث تحظى الجمهورية الصحراوية بحق الحضور في كل الأنشطة والمؤتمرات والمنتديات التي يحضرها الاتحاد الإفريقي عبر مختلف أصقاع العالم. لقد أثبت الشعب الصحراوي للعالم نجاعة ومشروعية قيام الدولة الصحراوية التي أصبحت تحظى باعتراف دول العالم، وخاصة من طرف منظماته وهيئاته القانونية التي ما فتئت تؤكد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال. وفي هذا الصدد لا يمكن غضّ الطرف عن المكاسب التاريخية التي تلعب دورها الحاسم في الصراع مع المحتل المغربي على غرار القرارات الحاسمة لمحكمة العدل الأوروبية التي أبانت عن بطلان الأطروحة التوسعية للاحتلال المغربي. وحسمت نهائيا موضوع سيادة الشعب الصحراوي غير القابلة للطعن على أرضه وبحره وأجوائه وخيراته.