دخلت السيدة بونوة زوليخة، رئيسة جمعية مفاتيح التنوير بوهران، عالم البحث في علم النفس الإكلينيكي، والرقية الشرعية والطب النبوي، وصدر لها مؤخرا كتاب بعنوان "الأمراض النفسية الشائعة والتأويلات الخاطئة"، يعتبر ثمرة تجاربها وأبحاثها في الميدان، وكان ل"المساء" في هذه الأسطر حوار معها حول علم النفس والرقية الشرعية بين الحقيقة والشعوذة. ❊ كيف دخلت باب الرقية الشرعية؟ ❊❊ دخلت باب الرقية الشرعية لأنني أردت أن أتعلم أصولها،بشكل صحيح بعيدا عن الشعوذة والدجل الذي أصبح يحيط بها، من أجل مساعدة الأشخاص الذين هم بحاجة إلى علاج، لأنني أصبحت أرى أن جميع الناس أصبحوا يطلبون الرقية، دون معرفة حقيقة مرضهم، لاسيما النفسي. ❊ المعروف عنك أنك تعالجين مرضاك بطريقة جديدة وهي الاسترخاء، إلى جانب الرقية الشرعية؟ ❊❊ العلاج بالاسترخاء ليست طريقة جديدة، فهي معروفة في العالم، حيث انطلقت في الصين، بدايتي كانت سنة 2009، وهي تعتمد على علم النفس الإكلينيكي والولوج إلى أغوار باطن النفس البشرية، ويعتمد على إعطاء المريض شعورا بالراحة والحديث عن معاناته بدون خوف، ويحبذ الحوار للتحرر من الضغوطات النفسية، فكلنا نعرف أن الحوار يغيب داخل أسرنا وفي العمل وفي المجتمع ككل، وهو ما تسبب في حدوث أمراض مستعصية يطلق عليها الناس جزافا "المس" ويتجهون بالمرضى إلى الرقاة، أو يجد الفرد نفسه في المصحات العقلية بعد تعذر الشفاء، ولأننا مجتمع ألصق بعلم النفس كل التهم، وجدنا أنفسنا نبتعد عنه، في حين أنه يعتبر العلاج الصحيح والدواء الشافي للنفس البشرية. ❊ وماذا عن الرقية الشرعية؟ ❊❊ أمارس الرقية الشرعية بعدما تعلمت طريقتها الصحيحة، بعيدا عن الأفكار الخاطئة التي أصبحت تحوم حولها، لأن بعض ممارسيها تجار دين ومشعوذين في عمومهم، حيث وجدت الرقية "المغلوطة" أرضية خصبة في مجتمعنا، فانتشر الرقاة كالفطريات، أغلبهم استغلوا هذه المهنة للمتاجرة في هموم الناس وممارسة أفعال مخلة بالحياء في حق ضحايا من النساء، وهو ما اكتشفته خلال بحثي، حيث تم تسجيل 35 حالة اغتصاب صرحت الضحايا عنها من قبل رقاة مارسوا أفعالا مخلة بالحياء على فتيات عازبات وأخريات متزوجات، وهو ما شجعني على الاشتغال على هذه النقطة في كتابي الذي صدر مؤخرا ويحمل شهادات حية لسيدات وقعن فريسة لمشعوذين استخدموا الرقية الشرعية لإشباع نزواتهم الحيوانية، مع الأسف. ❊بماذا تنصحين المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج بالرقية الشرعية؟ ❊❊ العلاج بالرقية الشرعية موجود ومعترف به، لكن من المهم أن يعرف المريض أي راق يقصد، لأنها أصبحت حاليا مهنة لكل من هب ودب، المهنة مفتوحة على الفوضى تحتاج إلى تنظيم من قبل الجهة المختصة. ❊هل طريقتك في العلاج تستقطب المرضى؟ ❊❊ أكيد إلى حد الآن قمت بالكشف عن 973 حالة، وكل المرضى يعانون من ضغوطات نفسية، وقد ساعدني التعامل مع الدكتور محمد بلقاسمي وهو طبيب نفسي بمستشفى الأمراض العقلية، على الكشف والتعرف على الكثير من النقاط خلال بحوثي في الميدان، وأستشيره كلما اقتضت الضرورة. ❊ما هي أنواع الحالات المرضية التي اكتشفتها خلال ممارستك العلاج؟ ❊❊ هناك أنواع كثيرة من الأمراض النفسية التي اكتشفتها من خلال مسيرتي، أذكر منها الهلوسة الحسية، وهذا المرض لا يجدي معه الطب النفسي، وكذا انفصام الشخصية، الهستيريا، الهيجان الجنسي، وهذا الأخير هو أكثر الحالات انتشارا. ❊ ما هو الحل في رأيك لعلاج تلك الحالات النفسية؟ ❊❊ بالتأكيد، علينا أن نساعد في تنظيف العقول من تلك الأمراض، والاهتمام بالتربية النفسية السليمة بداية من مرحلة الطفولة وإقحام التربية النفسية في دور الحضانة، وتلقين الأسرة أسس الإصغاء لأبنائها، وتشجيعهم على الرسم واللعب في سن ما قبل التمدرس ليعيشوا طفولتهم. ❊ هل تجمعين بين العلاج بالرقية وطريقة الاسترخاء؟ ❊❊ بالطبع، فقط نشأت في أسرة حافظت وداومت على تلاوة القرآن، فجدي كان إماما، وكنت دائمة التردد على المسجد، إلى يومنا هذا، وهناك وقفت عند حالات وباشرت علاجها بالقرآن وتم الشفاء بنعمة الله. ❊ حدثينا عن نشاطك الجمعوي؟ ❊❊ أنشأت جمعية "مفاتيح التنوير" منذ سنة 2014، تعمد إلى تنقية العقول والنفوس من خلال نشر الوعي بين المواطنين والتربية السليمة وترويض النفس من خلال برمجة دورات في العلاج بالاسترخاء والتعريف بهذه الأساليب العلاجية، وتوعية الناس بخطورة بعض من يدعون ممارسة الرقية الشرعية، الذين يتعدون على شرف النساء وممارستهم للدجل، وتحذيرهم من ذلك الخطر الداهم. ❊ ما هي النشاطات التي قامت بها الجمعية؟ ❊❊ نظمت الجمعية 54 نشاطا ثقافيا وتربويا على مستوى مركز التسلية العلمية بحي جمال الدين في وهران، كما أقيمت بعض الدورات التدريبية في العديد من المهارات لفائدة الأمهات، منها ما يتعلق بطرق معاملة الأطفال. وكذا تلقين طرق التخلص من التفكير السلبي بالاستعانة بأساليب تتطابق مع العلم والطب النفسي عن طريق العلاج بالاسترخاء الذي أثبت فاعليته مع الأيام. ❊ هل من كلمة أخيرة؟ ❊❊ أحتاج إلى مقر حتى أتمكن من توسيع نشاطي ضمن عمل جمعية "التنوير"، وتمكيني من تقديم حصص في التدريب والعلاج النفسي لفائدة المرضى والمهتمين بهذا النوع من العلاج.