يتحدث الفنان عبد الحق قرقور عن مشكل غياب سوق خاصة لتسويق أعماله الفنية، أو فضاءات عرضها للجمهور مما ساهم في ابتعاد هذا الأخير عن هذا الفن الراقي، والفنان التشكيلي كما يرى يطلب الدعم والتشجيع والاهتمام من الجمهور قبل غيره كي لا يندثر ولا يتبدد إنتاجه. لكل خطوة فنية بداية، فكيف كانت بداية عبد الحق في عالم الفن التشكيلي؟ ❊❊اكتشفت موهبتي في كبري، ولقد كان الاكتشاف بمحض الصدفة عندما شاهدت أحد الفنانين التشكيليين الروس عبر "اليوتوب" فجاءني انطباع أنّ الرسم الذي يقوم به ليس بعيدا عني، وليس بالأمر الصّعب، لذا قمت بشراء معدات الرسم، وانطلقت في إنجاز عمل فني، فوجدت نفسي أعدّ لوحات فنية لديها طابع خاص، وقد لقيت إعجاب أفراد عائلتي وبعدها بعض المتخصصين في مجال الفن التشكيلي الذين دعموني بآرائهم ومقترحاتهم التي أعطتني دفعا قويا، وباعتباري ابن مدينة سطيف، فقد أسرتني مناظر المساجد القديمة التي تمتاز بها الولاية، وبعض مناظر الأحياء الشعبية القديمة التي تحكي قصصا من التاريخ. كم يبلغ عمر تجربتك الفنية؟ ❊❊ تجربتي بسيطة جدا، فلم يمر عليها سوى سنة ونصف، لكنني كنت مشحونا بطاقة إيجابية لدرجة أنني انطلقت في إنجاز لوحات فنية الواحدة تلو الأخرى، وكأنني كنت أشحن جملة من الأحاسيس ترجمتها إلى أعمال فنية بدعم من محيطي الذي انطلقت منه وأنا كبير في السن ولم أتلق أي تكوينا أكاديميا فأنا عصامي النشأة. كيف كانت مشاركتك في الصالون الوطني للفن التشكيلي الإسلامي الأخير؟ ❊❊لقد شاركت ضمن فعاليات الصالون الوطني للفن التشكيلي الإسلامي، الذي احتضنته ولاية بومرداس، بثلاث لوحات فنية، اختصرتها في الطابع المعماري الإسلامي وهي ثلاثة لوحات لمساجد عتيقة بولاية سطيف، فالمسجد الأوّل بناه الأتراك، والمسجد الثاني حوّل من كنيسة إلى مسجد بعد الاستقلال، واللوحة الثالثة هي لحي شعبي يقع وسط مدينة سطيف، ولقد اخترت اللوحات حسب الموضوع العام للصالون الذي تمحور حول الفن التشكيلي الإسلامي. ما هو الأسلوب الفني الذي اخترته لإنجاز لوحاتك ؟ ❊❊اعتمدت المدرسة الواقعية في رسم المشاهد وفهم الموضوع بشكل بسيط، ورسمي للوحات الفنية هو عبارة عن توثيق لبعض الحقبات التاريخية والمناطق التي تمتاز بها مدينة سطيف، كما هو ترجمة لأحاسيس لطالما كانت مكبوتة كوني لم أمسك الريشة في صغري، حتى اكتشفت وجود الموهبة وأنا في سن متقدمة. هل ترى أن الفن التشكيلي أخذ المكانة التي يستحقها في الجزائر؟ ❊❊الفن التشكيلي أخذ نصيبه في بعض المناطق الحضرية والمدن الكبرى فقط، أما المناطق الريفية والقرى فلا تزال المواهب فيها تنشط في الخفاء ولا يسمع بها أحد، إذ أن عدم تنظيم الصالونات التي تبرز أعمال الفنانين بالقدر الكافي، تجعلهم مغيبين عن الساحة، وبعيدين كل البعد عن الزوار المهتمين بالفن التشكيلي، لاسيما المعاصر منه . كم يضم رصيدك من لوحات؟ ❊❊في مدة قصيرة جدا لم تتجاوز السنة والنصف، استطعت أن أضم إلى رصيدي الفني 80 لوحة فنية تختلف مواضيعها، فهي ترجمات لأحاسيسي ولقد شاركت بها في صالون الفنانين التشكيلين العرب بمصر، وكذا بتونس، فاللوحة الأخيرة التي قمت برسمها وهي لوحة لمسجد عتيق بمدينة سطيف، أخذت مني ثلاثة أشهر وهي مدة ليست طويلة، وأعتقد أن لدي الكثير من الإبداعات التي لم تترجم بعد على أرض الواقع. ما هي المدرسة الفنية التي تستهويك؟ ❊❊أعمالي الفنية تختلف من مدرسة إلى أخرى، فلدي أعمال في المدرسة التجريدية، والمدرسة شبه الشكلية، وكذا المدرسة الانطباعية، كما جربت الرسم على الباستيل، وهي تجارب أكيد أنها ستساهم في صقل تجربتي. ما هي الوسائل الضرورية التي تلزمك عند الشروع في الرسم؟ ❊❊البداية تكون في الرسم بقلم الرصاص، وبعدها يأتي اختيار الألوان سواء المائية، أو الزيتية، وفق متطلبات اللوحة والحالة النفسية للفنان، كما أن هناك فنانين يلجأون إلى تقنية "الأكريليك". حدثنا عن مشاركاتك خارج الوطن؟ ❊❊تحصلت على "أوسكار" وشهادة من خلال مشاركي في صالون الفنانين التشكيلين العرب بمصر، وهي شهادة أعتز بها، وهذا ما يثبت أن الفنان التشكيلي الجزائري لديه لمسته الخاصة، تظهر من خلال أعماله الفنية، فالفنان التشكيلي الجزائري ربما لا يحسن التكلم عن نفسه أو فنه، وإنما يحدث جمهوره بلوحاته التي تعبر عن شخصيته ونبل فنه. ما هي العراقيل التي تواجه الفنان التشكيلي عندنا ؟ ❊❊للأسف الفنان التشكيلي يواجه عدة عراقيل في مقدمتها غياب سوق خاص لبيع اللوحات، وبالتالي التعرف على أصحابها، علما أنّ الفنان يحتاج إلى مدخول مادي ليتحرك ويواصل نشاطه بشكل عادي كما أن غياب الدعم المعنوي من قبل الجمهور الذي بات يغيب في الصالونات والأروقة يثبط من عزيمة الفنان. ما هي الرسالة التي تريد إيصالها للجهات المعنية؟ ❊❊نأمل أن يتم إدراج تخصص الفن التشكيلي في المدارس الابتدائية بغية اكتشاف المواهب في المهد وكذا السعي وراء ربط العلاقة بين هذا الفن والجمهور الذي ينبغي أن يكون متشبعا بثقافة فنية ثرية.