أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الشعبي الولائي لولاية غرداية في زيارة إلى مقر مجلس الأمة    إطلاق الإكتتاب لشراء أسهم أول شركة ناشئة ببورصة الجزائر في الفاتح ديسمبر    زيتوني يترأس اجتماع تنسيقي لوضع خارطة طريق شاملة لإعادة هيكلة النسيج الاقتصادي    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين    أردوغان يعد بوقوف بلاده مع فلسطين حتى يتم تحرير أراضيها    منظمة الصحة العالمية تدين الهجمات الصهيونية على مستشفى كمال عدوان في غزة    الأمم المتحدة تقيم آثار الفيضانات على النازحين في غزة    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    حوادث الطرقات: وفاة 34 شخصا وإصابة 1384 آخرين بجروح الأسبوع الماضي    وهران: وفاة المجاهدين مسلم السعيد وخالد بعطوش    شركة جزائرية تبتكر سوار أمان إلكتروني لمرافقة الحجاج والمعتمرين    اعتداء مخزني على صحفي صحراوي    هيئة بوغالي تتضامن مع العراق    حشيشي يتباحث مع وفد عن شركة عُمانية    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    عطّاف يستقبل عزيزي    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    الشرطة توعّي من أخطار الغاز    حاجيات المواطن أولوية الأولويات    اختتام زيارة التميز التكنولوجي في الصين    المنظومة القضائية محصّنة بثقة الشعب    آفاق واعدة للتعاون الاقتصادي وشراكة استراتيجية فريدة قاريا    رسميا.. رفع المنحة الدراسية لطلبة العلوم الطبية    نتنياهو وغالانت في مواجهة سيف القضاء الدولي    الجزائر تدعو إلى فرض عقوبات رادعة من قبل مجلس الأمن    دروس الدعم "تجارة" تستنزف جيوب العائلات    الجزائر تسير بخطوات ثابتة لتجويد التعليم    الرئيس تبون رفع سقف الطموحات عاليا لصالح المواطن    العميد يتحدى "الكاف" في اختبار كبير    استذكار أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية    التجريدي تخصّصي والألوان عشقي    اتفاقيات بالجملة دعما لحاملي المشاريع    المجمع العمومي لإنجاز السكك الحديدية : رفع تحدي إنجاز المشاريع الكبرى في آجالها    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    دراجات/الاتحاد العربي: الاتحادية الجزائرية تفوز بدرع التفوق 2023    وفد طبي إيطالي في الجزائر لإجراء عمليات جراحية قلبية معقدة للاطفال    مجلة "رسالة المسجد" تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربي    كرة اليد/بطولة افريقيا للأمم-2024 /سيدات: المنتخب الوطني بكينشاسا لإعادة الاعتبار للكرة النسوية    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة: تنديد بانتهاكات المغرب ضد المرأة الصحراوية ودعوة لتطبيق الشرعية الدولية    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    عين الدفلى: اطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الحمولة الزائدة لمركبات نقل البضائع    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالجزائر العاصمة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    باكستان والجزائر تتألقان    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة        قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يجب أن نجد الطرق التي تجعل الجزائري يدخل المسرح
العمري كعوان ل" المساء":
نشر في المساء يوم 07 - 06 - 2016

العمري كعوان، من الحاملين لهم المسرح الجزائري خاصة والفن عموما، يتحدث في لقائه مع "المساء" عن عدد من المسائل المتعلّقة بباب الفنون وكذا عن التكوين الذي يخصّص له الكثير من وقته، إلى جانب غيابه عن الخشبة، وكذا الرؤية الجديدة التي يحملها لتسيير المؤسسات الثقافية، ورغم أنّ حديثه لا يخلو من الجدية لكن له ميزة استثنائية فأنت أمام فنان مثقف كرّس كل شيء وتخلى عن الكثير من أجل أب الفنون.
خضت ميدان التكوين المسرحي، كيف جاءت الفكرة خاصة وأنّها مسألة أثارت الكثير حولها؟
التكوين مسؤولية الجميع، وكلّ مبادرة تصب في هذا الاتجاه مرحب بها، على غرار الدورة التكوينية في النقد الموجّهة للإعلاميين، لما ترمي إليه من دعم للمعارف المسرحية، حيث نطمح لأن يتعامل الصحفي مع العرض المسرحي موضوعيا، ويتجنّب أن يتعامل معه مثلما يتعامل مع الأحداث الأخرى.. على الصحفي أن يكون ملما بمعالم الفن الرابع حتى يعرف ماهية النص المسرحي، الإخراج، السينوغرافيا أي كلّ العناصر التي يجب أن تتوفّر في العمل.
في هذا الإطار، يجب أن نبرز عمل نقادنا المسرحيين على قلتهم في الجزائر، فهناك فئة من النقاد لا تمارس النقد وهو ما يجعلنا أمام ثلاثة أو أربعة أسماء نقدية فقط هب المتداولة وفرضتها الممارسة، وحتى هذه الأسماء لا تتوفّر لها الإمكانيات لمزاولة النقد بطريقة مهنية، حيث بات يمارسها كهواية، ومن المفروض أن يكون النقد احترافا، مثلما هو في المسرح، فصاحب أي عمل مسرحي قبل أن يقدّمه للجمهور يطّلع عليه الناقد المسرحي بتوجيهه وتصحيح نقائصه.
أظنّ أنّ معهد الفنون الدرامية هو المعهد الوحيد مع بعض الملحقات التي كانت بباتنة والجامعة أدرجت مقاييس خاصة بالفن الرابع خاصة بوهران مع الأستاذ لخضر منصوري، وكذا دكاترة شباب مختصين يقدّمون المعلومة المسرحية بطريقة بيداغوجية سواء بالبحث أو عن حب.. لكن المعهد لا يكفي لوحده في ما يتعلّق بالتكوين، خاصة أمام الكثافة السكانية التي زادت على ما كانت عليه عند تأسيس المعهد، فنحن أمام طلب يستلزم حوالي 4 معاهد جهوية للفنون الدرامية.
هناك مراكز تكوين أخرى تابعة لوزارة الشباب والرياضة كمركز تكوين إطارات الشباب التي لديها اهتمام بقسط كبير من المسرح.. المشكل يكمن في النتائج، حيث لا زلنا لم نقطف بعد ثمار التكوين، وهناك أمثلة كثيرة، من بينها أنا وكثير من الجمعيات والتعاونيات الفاعلة التي أخذت على عاتقها مسألة التكوين، ولكن هذا غير كاف ولا أتصوّر طالبا أدرسه لمدة أربع سنوات ولا أفجّر فيه ولو 30 بالمائة من طاقته الإبداعية وأحاول ذلك في أسبوع واحد، لكن في نظري أسبوع واحد أفضل من لا شيء.
اقترحت سابقا على إطارات وزارة الثقافة تنظيم دورات تكوينية كل ثلاثة أشهر، فهناك من الأشخاص الموهوبين الذين لم يحالفهم الحظ الالتحاق بمعهد برج الكيفان بسبب المستوى المعرفي المطلوب أو عامل السن، وهذا لا يعني وجود فضاءات أخرى للتكوين ولو بطريقة عصامية في إطار الجمعيات أو التعاونيات، وفي جمعية "أنيس" وجدنا أنّ هناك من يبحث فعلا عن التكوين، ولابدّ من اغتنام جميع الفرص التي تدعّم الموهبة كالدورات التكوينية والمهرجانات والورشات.
في اعتقادي الدورات التي أشرفت عليها جمعية "أنيس"، هناك تقدّم ملحوظ لدى الشباب المكوّن، وتطوّر ذهني ومعرفي، النتائج مسبقا تبدو جيدة.
من يتحدّث عند التطرق إلى التكوين، عن نقص الفضاءات والإمكانيات، ما تعليقك؟
— لا أوافق هذا الرأي، لا ننكر وجود عدد من النقائص، لكن هذا ليس كارثيا، لابدّ أن نكون منطقيين ولا نضخم الأمور، مثلا عند الحديث عن الفضاءات، لا أفهم أين المشكل، أتحدّث عن ولايتي سطيف، وهي مدينة بها دار للثقافة "هواري بومدين" بحوالي 7 فضاءات للتمرين، وأتحدّث عن مسؤوليها الشباب الذين بمكالمة هاتفية يمكن حجز فضاء للعمل.. عند الحديث عن المساهمين في العملية التكوينية، عن تجربة وجدت مساعدة حتى من خارج قطاع الثقافة، على غرار وزارة الشباب والرياضة، حيث يمكن أن يوفّروا المبيت والمأكل لحوالي 60 شابا لمدة 5 أيام، وبالنسبة لي هذه إمكانيات مساعدة.
إضافة إلى أنّ ديوان الثقافة والسياحة بولاية سطيف يرحّب بكلّ المبادرات وبالعروض المرافقة، ومديرية الثقافة أيضا تلقي بدلوها وتقدّم الدعم في كلّ مرة نحتاج إليه، وفيما يتعلق بالأساتذة المختصين والممارسين ففي كلّ مرة اتصل بهم يتجاوبون بسهولة ويقبلون أي مبلغ يعرض عليهم، وهذا كلّه راجع للعلاقات المهنية والإنسانية.. وبالتالي فالجدية والسمعة الطيبة وكذا الوزن الفني تلعب دورا كبيرا في هذه العملية.
الحياة فيها أخذ وعطاء، فأنا أبرمج نشاطا ما وأنت تحتضنه وتوفّر له ما يجب، وبالتالي تفيد وتستفيد، أنا نشّطت المحيط بفن نبيل وهادف وأنت استضفته، وهي كلها أشياء تضيف الكثير للمجتمع وللبلد..أنا أتحدث عن سطيف، هناك ولايات لا تتوفر على نفس الشروط والأجواء هذا صحيح، وعند المقارنة نقارن بذكاء.
القائلون بعدم وجود إمكانيات يصطدمون أحيانا بمسؤولين يضعون العراقيل وهم غير أهل للمسؤولية ويعملون على قتل كلّ روح مبدعة.. هي حقيقة والمشكل ليس في المرافق ولكن في المسيرين المعرقلين، ويحدث أن تصادف مديرا لا يحب المسرح أو فنا آخر..
تتحدّث عن المسيرين المعرقلين للإبداع، وغالبا ما يعين مديرو ثقافة أو مديرو دور ثقافة من الإداريين الذين لا علاقة لهم بخصوصية الفعل الثقافي، ما هو رأيك؟
— المسؤول الجزائري السيئ، نجده لا يحب أن يتعب في بعض الأحيان، وبالنسبة له النشاط الثقافي عديم الفائدة، زد على ذلك غياب المحاسبة والمراقبة مع غياب دفتر شروط دقيق ومفصل يسد كل أشكال التحايل.. لو أنشأنا فرقا تتنقل إلى مختلف الولايات وتنزل إلى الميدان وتحتك بالفئات المبدعة بعيدا عن الإدارة وتتقصى أسباب الركود الثقافي والقاعات المغلقة بسبب التسيير الآلي الذي يجعل القاعات سواء السينمائية أو المسرحية وحتى متعدّدة النشاطات تنشط وفق ساعات العمل الإداري..
المشكل قبل أن يكون في المرافق والإمكانيات، هو في انعدام الرغبة في تغيير الأوضاع، وفي بعض المسؤولين الذين لا يريدون العمل ولما يكون المسؤول المباشر على مؤسسة بهذه الأخلاق السلبية، ماذا تنتظر من الموظفين، وينطبق عليهم المثل القائل "إذا كان رب البيت على الدف ضاربا، فشيمة أهل البيت الرقص"، لكن بالمحاسبة ستتغيّر الكثير من الأمور.
زرت بعض الدول التي وضعت نظاما للمحاسبة، وهي تجارب مثمرة ومتميّزة، حيث يخضع أصحاب المشاريع الممولة للتقييم الدوري والمحاسبة، في أدق التفاصيل.. علينا أن نكون منطقيين، هناك من يصر على عدم وجود فضاءات للعمل في العاصمة، وعلى العكس لا توجد ولاية بها كم معتبر من الفضاءات مثل العاصمة، ويبقى استغلال الفضاء هو المشكل، وإذا أحسنا اختيار من توكل لهم المسؤوليات ووضعنا برنامجا سنويا مضبوطة بعيدا عن البرنامج الارتجالي، على الأقل برنامج فصلي.. والأصح أن نقول وجدنا عراقيل وبيروقراطية، لكن الحديث عن الفضاءات شيء واه، مع الإشارة إلى أنّ البيروقراطية سلوك يتعامل به الفنانون أيضا، ومن أساء للفنان هو الفنان الذي تولى مسؤوليات، ويطبق على الفنانين الإجراءات والتعامل الذي لم يطبقها من لم يكن فنانا، والتجربة أثبتت أن المدراء الذين كانوا إداريين فقط خدموا الفنانين أحسن من المدراء الفنانين.
تمنح الشباب فرصة التكوين المسرحي كبف جاءت الفكرة؟
— نلتقي مع شباب يبدي رغبتهم بممارسة المسرح، وكنا نوجّههم نحو معهد برج الكيفان، لكن عندما لا تتوفر فيه شروط الالتحاق كالشهادة أو السن وحتى الجنس، فهناك فتيات يرغبن بذلك لكن لا تستطعن التنقل إلى العاصمة، وفي هذا السياق، وبعد أن كانت الدورة الأولى من التكوين بالتنسيق مع مديرية الثقافة لسطيف، قدّمنا في جمعية "أنيس" ملفا لوزارة الثقافة، ووافقت عليه السيدة حنكور مديرة توزيع الإنتاج.
لاحظنا تزايد الملتحقين بالدورات التكوينية وسط انضباط وتأطير في المستوى، ففي الكتابة المسرحية استعنا بالأستاذ اسماعيل صوفيت صاحب دكتوراه في تقنيات كتابة السيناريو، ونظّمنا الدورة الأولى من التكوين على هامش مهرجان الوان مان شو بسطيف، حيث كان الأستاذ صوفيت مشاركا، واغتنمنا الفرصة وأطّر المجموعة، الأستاذ جمال قرمي المخرج وأستاذ معهد برج الكيفان، إلى جانب الربيع قشي، تونس آيت علي، خالد بوزيد من تونس ومجموعة معتبرة من الأساتذة، وهم الأساتذة الذين سيرافقون المكونين إلى غاية ربما الدرجة الخامسة أو السادسة من الدورة التكوينية، وذلك حسب الدعم الذي ستقدّمه لنا وزارة الثقافة وكذا الجهة المستقلة للدورة.
وهل أعطت هذه الدورات نتائج ملموسة؟
— قدّمت حصيلة للوزارة، وفيها أقراص مدمجة تتضمن آراء الشباب الذين خضعوا للتكوين وجلهم ثمّن المبادرة، كما رصدنا آراء الأساتذة المؤطرين الذين أجمعوا على مواصلة العملية مع نفس الفريق وتقديم ربّما ما يقدّمه المعهد، وحدّدنا أهداف الدورات بوضع قاعدة مسرحية متينة تضم مخرجين مسرحيين، ممثلين وكتاب شباب وكل هذا سيتكلّل بعمل مسرحي متكامل سيخضع للتقييم من طرف أساتذة مختصين وأكاديميين، إذا ما وصلنا إلى نتيجة سنعمل على تعميم هذا التكوين على الجزائر بالتعاون مع الجمعيات الناشطة والتعاونيات الفاعلة، ولا أعني بها جمعيات وتعاونيات "البزنسة"، فجمعية "أنيس" لا يمكنها فعل هذا لوحدها على المستوى الوطني وإذا ما تمكنا من تخريج 10 مسرحيين ممتازين بمختلف التخصّصات فإنّنا سنعتبر أنفسنا أفضل من المعهد.
هذا يعني أنك تقوم بعمل مواز لعمل معهد برج الكيفان، لكن بعد نهاية التكوين هل سيعترف بهم كممثلين شأنهم في ذلك شأن المتخرجين من المعهد؟
— في المسارح المحترفة هناك ممثلون ليس لديهم في الأصل أي تكوين، ويطلق عيهم اسم "ممثل محترف"، هم عصاميون، ليس لديهم تكوين أكاديمي ولا حتى تكوين التعاونيات، أنا لا أمنح شهادة يعترف بها بأنّك فنان ولكن على الأقل عندما تستدعى لدور أو كتابة نص معين ستكون لديك ولو 1 بالمائة من قاعدة أساسية للعمل هي أبجديات العمل المسرحي، أنا عامل مساعد فقط للراغبين في تلقي الدعم وأساهم في وضعه على السكة الصحيحة لأنّه لا خيار لي ولا حق قانوني لمنحه شهادة معترف بها.. أنا إنسان غيور على المسرح أحاول مساعدة الآخرين.. أنا لم أتكون في المعهد، ولكن كنت محظوظا عندما كنت في معهد تكوين الأساتذة، البرنامج الأدبي كان برنامجا مسرحيا ساهم في تكويني، كما كنت منذ السبعينيات في الحركة المسرحية التي تختلف كثيرا عما هو سائد اليوم، حيث كان لدينا النقاش ولم يكن لدينا "النجومية"، وبات مقياس بعض الأشخاص ليس في خبرتهم أو تكوينهم ولا حتى ما يقدمونه ولكن في كيفية تعامل التلفزيونات مع أعمالهم، فيمكن أن يقدّم "سكاتش" واحد فقط ويعامل أحسن ممن أفنى حياته من أجل الفن الهادف.
** في اعتقادك أين الفرق بين الحركة المسرحية اليوم وتلك التي كانت في السابق، وماذا جعلنا نفقد تقاليدنا المسرحية لصالح سلوكات دخيلة؟
— هذا لا يعني أنه سابقا لم تكن هناك سلبيات، وكان هناك احتكار لبعض الأسماء دون الأخرى، أنا أقارن من حيث الحجم والكم، لكن بالرغم من وجودها كنا نملك معالم واضحة وفقدنا رصيدنا المسرحي الذي توقف تميّزه في الثمانينيات، والكل يتذكر "بابور غرق"، "الحافلة تسير"، "قالوا العرب قالوا" وغيرها لكن لا أحد يتذكر ما جاء بعدها، ونتساءل لماذا توقفنا في هذه المرحلة ولم نكمل المسير، مشكلنا في الأشياء الإيجابية التي لها انعكاسات سلبية كالتكنولوجيا التي طغت على حياتنا.
هناك أمور خارجة عن نطاقنا وعن مجال الحركة المسرحية، لم يكن لدينا عبثية في التوزيع مثلا، وأضعف المسرحيين في عرض كان أستاذ الأساتذة، حاليا هناك عروض ب12 ممثلا تجد أن ال 12 لا يعرفون التمثيل..
لكن يطلق عليها صفة "مسرحية".. وما الذي يجعل الأمور تصل إلى هذا المستوى؟
— لو تحدثنا فقط عن كيفية منح الدعم في بلد شقيق لعرفنا السبب، هذه الدولة تمنح الدعم على 3 مراحل، الدفعة الأولى 30 بالمائة ثم 60 بالمائة ف10 بالمائة، عند منح 30 بالمائة الأولى تبدأ في المراقبة، وإذا ما أخفقت في الأولى لن تصل إلى 60 بالمائة، وتطالبك بإرجاع الدفعة الأولى، لأنّك لم تكن أهلا للثقة وللمستوى المصرح به وأخللت بالعقد المبرم.. أنا الناس الذين يستفيدون من الدعم لكن لست خائفا من وجود لجنة تراقب عملي وتسترد دعمها إن أخفقت.
نحن لا نحب أن نتعب.. هناك دول قطعت أشواطا معتبرة في المجال، وليس من العيب الاستفادة منها.. أصلا اقتبسنا 80 بالمائة من أمور عديدة.
من المفروض أن لا تقبل المسارح بممثلين لم يتخرجوا من معهد برج الكيفان، لأنّ المتخرج لا يجب لن يجد نفسه حبيس مكتب أو يتابع أمورا إدارية، وهذه الهيئات المسرحية مطالبة لمنح المتخرجين فرص الإبداع والعمل.
تحمل رؤية جديدة لتسيير المؤسسات الثقافية، ما هي أهم معالمها؟
— هناك عزوف للجمهور عن التوافد على المسارح، وهناك عدة عوامل مسببة وفقد الجمهور ثقته في الفنان الجزائري كي يمنحه ساعة من وقته، في اعتقادي حدث في وقت سابق مثل هذه الأمور في فترة رشيد قسنطيني حينما طالب الجمهور بالترفيه والفكاهة في الأعمال المسرحية، وأظن وأقولها بحذر، "الجمهور الجزائري لا يحب الظلمة"، والبعض لم يفهم تصريحي هذا والمقصود "الظلام الفني المعنوي"، لا بدّ من إيجاد حل لنعيد الجمهور للقاعات، وأفضل الحلول هي إنتاج "مسرحيات كوميدية" وأقول هذا عن قناعة، لأنّ الجزائري يحب الضحك، وهذا لا يعني أن هذه المسرحيات ستكون خالية من الرسائل الهادفة مشفرة كانت أم علنية، ولا تتوفّر على عناصر العرض الناجح.
هذا سيجعلنا نستقطب الجمهور لعدة سنوات، ونخلق تقاليد أخرى، فعندما يصبح لديك جمهور يمكن أن تحوّل المسار إلى غير الكوميدي ربما وفق طبيعة الجمهور.. لكن في الظرف الحالي الجمهور يبحث عن المستوى الجيد والجودة.. صراحة تعب الكوميديون في الجزائر فعندما نشكّل قاعدة جماهيرية في منطقة ما هناك من يعمل على تفرقتها، ولا يحافظ على المكتسبات، والقائلون بأنّ "مهرجون" و«عجاجبية" مخطؤون لأنّنا من نستقطب أكثر من 500 متفرج في العرض الواحد بعروض قدّمت لأكثر 500 مرة.
وعلينا أن نقف عن سبب عزوف الجمهور عن عروض معينة وإقباله بقوة على عروض أخرى، لابدّ من البحث في الأسباب..
يجب أن نجد الطرق التي تخرج الجزائري من بيته وتجعله يدخل المسرح، فمثلما يبرمج حياته حول مباراة بين برشلونة وريال مدريد، علينا أن نعرف كيف نبرمج المسرح في أجندته، لذا اقترح ضمن هذه الرؤية خلق "جمعية أصدقاء المؤسسة الثقافية المعنية"، واستقطب إليها اكبر قدر ممكن من الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء، وإذا ما وصلت إلى 500 شخص سأوفر لهم امتيازات معينة، كتخفيض سعر تذكرة الدخول إلى المؤسسة، كما أضع عقدا معنويا مع الجمعية لحضور العروض وتقديم الدعم للفنانين، لتشمل العملية بعد ذلك المطاعم ومساحات ركن السيارات التي تدخل في العملية، كما يمكن تقليص الميزانية والوصول إلى مؤسسة ذات طابع تجاري تموّل نفسها بنفسها فعيب الحديث عن مؤسسة بطابع تجاري وهي تلقى الدعم في كلّ شيء، فكيف لمؤسسة بهذا الطابع مداخيلها لا تتعدى 10 ملايين سنتيم في الوقت الذي يمكن أن تصل لدى التعاونيات الحرة والجمعيات الملايير.
لابدّ من إعادة النظر في تسيير مؤسساتنا الثقافية، هذا تصوري، وكفنان لدي معجبيّ والمهتمين بما أقدّمه، ويمكنني استغلال هذا الأمر لجذب الجمهور، كل هذا تصوّري يمكن أن يصيب ويمكن أن يفشل ولكن ربما أيضا سيحقق 50 بالمائة من أهدافه، مع المحاسبة المستمرة والتقييم يمكن أن نحل الكثير من المشاكل ونتدارك شتى النقائص، أشير إلى أنّه لا يمكن أن نقيس إقبال الجمهور بعدد الأطفال ونتفاخر بهذا الشيء لأنّ الطفل بريء وليس مقياسا للنجاح أو لاستقطاب الجمهور، والمبلغ الذي يدفعه الطفل رمزي جدا.. أريد أن ندرج المسرح في حياتنا اليومية وأن نبرمجه في نشاطاتنا العادية.
لديك أفكار ورؤى عديدة لتغيير المشهد الثقافي عموما والمسرحي خاصة، وخضت مجال التكوين، وأشياء أخرى، في خضم كلّ هذا هل تجد مكانا للوقوف على الخشبة؟
—آخر مرة وقفت فيها الخشبة كانت ربّما منذ سنتين مع عرض "ساعة صفر" وكانت حالة استثنائية، وانغمست أكثر في الكتابة المسرحية، والكتابة تجعلك قريبا من الخشبة، وعندما تجد من يقدّم نفس ما تقدّمه ويشبهك في التمثيل يكون هناك شعور بالارتياح، -في تعاونية "أنيس" هناك الهاني محفوظ-، وهناك أيضا جيل لابدّ من أن يجد الوقت ليبرز ويجتهد، وأنا لا أقول بفسح المجال لهم ولكن قبول الآخر ومرافقتهم فوق الخشبة.. وصراحة لم أعد بنفس روح الشباب حيث كنت أتنقل كثيرا لكن الآن تعبت، ويقال أنّ فرقتي هي صاحبة أكثر عروض قدّمت في الجزائر.
وهذا يعود للحب الكبير الذي يحمله أعضاء التعاونية للفن الرابع، كما لا يضعون شروطا تعجيزية للعمل، ناهيك عن أنّني منذ البداية أسعى لتقديم عمل صالح لجميع الفضاءات والظروف..كل هذا أتعبني بالرغم من وضع أسس عمل أعجبت الكثير من المتتبعين..
من يمكنه أن يخلف العمري كعوان فوق الخشبة؟
— لا تحضرني الكثير من الأسماء، لكن عند زيارتي لمختلف الولايات أجد فرقا لديها نفس الخط المسرحي، كما هناك فنانين يقدّمون المونولوغ من بينهم جهيد من سيدي بلعباس، نبيل عسلي كمسرحي، مراد صاولي قبل تجربة "جرنان القوسطو"، وأسماء أخرى تريد شق طريق "الوان مان شو"، وكلها تجارب تستحق التنويه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.