يخضع الأشخاص المائة المرشحون لمهمة الإقامة الدائمة على سطح المريخ لاختبار في الأشهر الستة المقبلة، يشكّل المرحلة الثالثة من اختيار الأفضل من بينهم لهذه المهمة الفريدة من نوعها والمثيرة للجدل، وتقدّم 200 ألف شخص من 140 بلدا في العالم للمشاركة في هذه المهمة التي تقضي بإرسال فريق إلى كوكب المريخ، في رحلة ذهاب فقط، ليقيموا هناك إلى الأبد وينشئوا مستعمرة بشرية، وهو مشروع تقوم عليه شركة "مارس وان" الهولندية. والسبب في كون الرحلة رحلة ذهاب من دون إياب، هو أنّ التقنيات العلمية المتوفرة حاليا تتيح الهبوط على كوكب المريخ، لكن لا تتيح الإقلاع منه للعودة إلى الأرض، لأنّ جاذبيته كبيرة، بخلاف القمر ذي الجاذبية الصغيرة الذي يمكن الإقلاع منه. وسيموّل هذا المشروع من الإعلانات التجارية، إذ أنّ كلّ مراحل التدريب والانطلاق والرحلة الفضائية والهبوط على المريخ وإنشاء المستعمرة البشرية والإقامة فيها ستكون منقولة مباشرة، وسيجري اختيار المرشّحين بناء على معايير عديدة، منها القدرة على اتّخاذ القرار وحسن التعامل مع المشاكل والروح المعنوية والتركيبة النفسية والسلوك أثناء الاختبارات وخارجها. ومع انتهاء هذه المرحلة الثالثة من الاختيار، سيبقى من المرشحين 24 فقط، يوزّعون على ست مجموعات قوام الواحدة أربعة أشخاص، وتبلغ تكلفة إرسال أول 4 رواد فضاء حوالي 6.1 مليار دولار أميركي، حسب أرقام "مارس وان"، ولم يجمع المشروع حتى الآن سوى 780 ألف دولار. وتعتزم شركة "مارس وان" أن ترسل في مرحلة أولى مركبة غير مأهولة، لاختبار قدرتها على الهبوط على سطح المريخ، وسيكون ذلك في العام 2018، أما الرحلة المأهولة الأولى، فتنوي الشركة إطلاقها في عام 2026، حاملة الفريق الأول من مستعمري المريخ، ثم تليه الفرق تباعا بفاصل زمني مدته 26 شهرا بين الرحلة والأخرى. ويدرك المشاركون في هذه المهمة أنهم ذاهبون من دون عودة، وأن عليهم أن يتدبروا أمورهم على كوكب المريخ، من حيث بناء مساكنهم الصغيرة التي تقيهم من جو المريخ وحرارته، وأن يبحثوا عن الماء، وأن ينتجوا الأكسيجين، وأن يزرعوا طعامهم داخل حجرات مقفلة. ولا يبدو أن هذه المتطلبات الضرورية لحياة البشر سهلة التحقيق على سطح كوكب قاحل ذي غلاف جوي غني بغاز ثاني أكسيد الكربون، حيث متوسط درجة الحرارة 63 درجة مئوية تحت الصفر، وقالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية؛ إن الشركة طرحت على المرشحين سؤالا حول استعدادهم ليصبحوا من أكلة لحوم البشر إن استدعى الأمر ذلك للبقاء على قيد الحياة. ويثير هذا المشروع الكثير من الجدل والمخاوف رغم أنه يحظى بتأييد كبير من عالم الفيزياء الهولندي، جيرارد هوفد، الحائز على جائزة نوبل للسلام، وهذا المشروع هو الأول من نوعه الذي يحدد تاريخا لإرسال بشر إلى سطح المريخ، فكل المهمات الفضائية إلى المريخ حتى الآن أنزلت على سطحه مسبارات أو روبوتا. وتعتزم الولاياتالمتحدة إرسال رواد فضاء إلى المريخ، لكن في رحلات ذهاب وإياب بطبيعة الحال، ويقتضي ذلك التوصل إلى تصميم مركبات قادرة على الإقلاع من كوكب المريخ للعودة إلى الأرض، وهو ما لم تتوصل له التقنيات البشرية بعد. وعلى ذلك فإن المهمة الأمريكية لن تتم على الأرجح قبل عشرين عاما. وكان معهد ماساتشوستس الأمريكي للتكنولوجيا، وهو من أبرز المؤسسات العلمية في العالم، قد حذر من أن خطة الرحلة مليئة بالعيوب ومصيرها الفشل، مشيرا إلى احتمال وفاة المشاركين فيها بعد وصولهم إلى المريخ بعد 86 يوما. يذكر أن الدفعة الأولى من المرشحين ضمت عربيان واحد مصري، والآخر عراقي، في حين تم التخلي عن 6 سعوديين تم تأجيل انضمامهم إلى الدفعتين الثانية والثالثة، حال نجاح وصول الدفعة الأولى.