تنظم جمعية "أيادي الخير" لولاية الأغواط مخيما صيفيا لفائدة مرضى السرطان، في بادرة هي الأولى من نوعها تستحق الإشادة والتنويه، حيث يستفيد عدد من المرضى من التخييم ببلدية بودواو البحري بولاية بومرداس في الفترة ما بين 18 جويلية و20 أوت الجاري، إلى جانب عائلاتهم وحتى أطفال من مختلف بلديات الولاية، وحُدّد لهم برنامج اختير بدقة للترفيه عنهم بعيدا عن الإرهاق والتعب نظرا لخصوصية إصاباتهم.. تستقبل ابتدائية "سعيد دريسي" ببلدية بودواو البحري، المخيم الصيفي لولاية الأغواط الذي يستقبل بين جويلية المنصرم ونهاية أوت الجاري، 3 دفعات، تضمّ كل دفعة ما بين 70 و80 مخيما من مختلف الأعمار، منهم مصابون بالسرطان من الجنسين وحتى أطفال أقل من 15 سنة. يصل عدد المرضى إلى حوالي مائة مريض ممن عملت جمعية "أياي الخير" على أن يستفيدوا من المخيم الصيفي، حسب حمزة مريڤي نائب رئيس الجمعية، ملفتا إلى أنّ السلطات المحلية لبومرداس وعلى رأسهم رئيس الأمن الولائي، قدّموا كلّ التسهيلات لتخييم "أيادي الخير" وضيوفها في أحسن الظروف، ومن ذلك توفير الأمن ليلا خاصة. وعن أغلب خرجات المرضى تكون ليلا؛ تفاديا للإرهاق ساعات النهار تحت أشعة الشمس اللافحة. لأنّها تعيش معاناتهم.. نظمت لهم مخيما صيفيا يستفيد ضيوف المخيم الصيفي ببودواو البحري من برنامج متنوّع يتضمّن الاستجمام والاستكشاف والرحلات السياحية وحتى التنقّل نحو الأسواق، مع توفير جوّ من الترفيه، وهو ما يساعد كثيرا في الاستقرار النفسي للمرضى تحديدا، ما يحفّز في التغلّب على المرض، هذا ما أكّده عطا الله حمادي مؤسس جمعية "أيادي الخير" في حديثه إلى "المساء"، موضّحا أنّ الجمعية فكّرت في إقامة مخيم صيفي لمرضى السرطان؛ لأنّها تعيش معهم معاناتهم مع هذا الداء، وتعمل على تذليل الصعوبات لهم، خاصة ما تعلّق بإجراء الكشوفات المتخصّصة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو العمل على أخذ مواعيد العلاج الكيماوي بدون إغفال نقل المرضى وإيوائهم، خاصة من فئة المعوزين أو ذوي الدخل المحدود. ولأنّ عطا الله حمادي مختص نفساني ممارس منذ قرابة عشرين سنة، فإنّه يؤكّد علمه المسبق بأنّ العامل النفسي يؤثّر بشكل كبير على الصحة الجسدية للأفراد، "واستقراره مهم جدا بالنسبة لمرضى السرطان؛ لذلك فإنّ جمعيتنا درست سبل المساهمة في استقرار نفسية المرضى، وذلك بتنظيم هذا المخيم الذي جعلناه لفائدة مرضى الداء لولاية الأغواط وأسرهم"، يقول عطا الله، مضيفا أنّ تقاسم معاناة الإصابة بالسرطان بين المرضى أنفسهم عبارة عن نوع من المساعدة على تخطي مرحلة تقبّل الداء. "والمخيم الصيفي فرصة ذهبية لتقاسم الحياة اليومية عن قرب معهم، ونوع من العلاج النفساني لهم كذلك". في السياق، قالت عائشة بورنان وهي مصابة بسرطان الغدة اللمفاوية، إنّ المخيم الصيفي قد ساعدها في نسيان أمر إصابتها ولو مؤقتا؛ "التواجد قريبا من البحر يُشعر الإنسان بالراحة النفسية، خاصة أنني مع أسرتي وحتى ضمن مخيم يضم مصابات أخريات، أصبحنا نتقاسم تحضير الأكل والحديث عن الحياة اليومية وليس عن المرض"، تقول عائشة، التي أكّدت أنّ شجاعتها ستمكّنها من قهر السرطان بعد أن تجاوزت عدم قبول الإصابة في بدايتها. عائشة أجرت آخر حصة لها للعلاج الكيماوي قبيل أيام فقط بمستشفى ورقلة، ومن أجل ذلك أرسلتها الجمعية عبر الطائرة لإجراء حصتها العلاجية، وعادت بعدها إلى المخيم الصيفي الذي تقول عنه إنه "فرصة للنسيان والهروب من الروتين"، مضيفة: "كنت أسافر من الأغواط نحو ولاية البليدة من أجل العلاج والقلب مقبوض، ولكني سافرت هذه المرة نحو الشمال للتخييم والاستمتاع بنسائم البحر، وهذه نعمة في حدّ ذاتها". مصابات نجحن في بعث مشاريع مستقلة يتحدث عطا الله حمادي عن حالات كثيرة لمصابات بالسرطان خاصة سرطان الثدي ممن عملت الجمعية على مساعدتهن على الاستقرار النفسي والاجتماعي كذلك. وقال: "الكثير من المريضات طُلقن بسبب إصابتهن، ووجدن أنفسهن بعد عشية وضحاها في مواجهة ظروف الحياة القاسية والداء على السواء، فعملت الجمعية على مساعدتهن أولا في العلاج، وبعده في تكوينهن. واستفادت الكثيرات من مشاريع مصغّرة للأسر المنتجة، وهن اليوم مستقلات ماديا"، يقول عطا الله، موضّحا أنّ من بينهن من استفادت من المخيم الصيفي الجاري ببودواو البحري. ومن بين الحالات المرضية الأخرى التي تؤكد أنه لا مستحيل مع الإرادة، يتحدث عطا الله عن الشابة مسعودة خروبي (26 ربيعا) وهي يتيمة الأب، عانت لسنوات من إصابتها بسرطان الدم وزادتها الظروف المعيشية المزرية ضنك العيش؛ مما سبب لها كذلك الإصابة بالسل بسبب سوء التغذية، قدمت لها "أيادي الخير" كل الدعم والمساعدة بفضل المحسنين، فشُفيت من السرطان والسل نهائيا، وانفتحت لها ولوالدتها الحياة الكريمة بفضل إعانة سكن اجتماعي مقدم من طرف والي الولاية السابق يوسف شرطة، "ما يعني أن تكاتف أيادي الخير يوقف المستحيل"، يقول عطا الله، الذي يضرب موعدا متجددا لمرضى السرطان في فرص للتخييم الصيفي ببومرداس في سنوات لاحقة، "ولكن نتمنى أن نصبح كأهل وأصدقاء ومعارف بعد أن يتغلبوا على مرضهم ويقهروا السرطان"، يختم حديثه.