أعطت زيارة رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى والوفد الوزاري المرافق له اول امس، إلى غرداية، دفعا قويا لعملية التدخل لإزالة أثار الفيضانات التي اجتاحت الولاية، حيث اتخذت هذه العمليات منذ نهار أمس، شكلا أكثر تنظيما وتنسيقا بين مختلف أجهزة الدولة والمؤسسات والمنظمات المجندة لهذه المهمة منذ يوم وقوع الكارثة في الفاتح أكتوبر الجاري. وشرعت مختلف وحدات التدخل الموزعة على المواقع المنكوبة والمشكلة من فرق الحماية المدنية والأمن والدرك الوطنيين وأفراد الجيش الوطني الشعبي ومصالح الصحة مدعمة بأفواج من المتطوعين من الكشافة الإسلامية الجزائرية والهلال الأحمر الجزائري في حملتين واسعتي النطاق على مستوى كافة المواقع تشمل الأولى عملية التلقيح ضد الأمراض والأوبئة بينما ترمي الحملة الثانية الى إزالة جثث الحيوانات والأنعام من ضفاف وادي ميزاب. وكانت وحدات الحماية المدنية حسب العقيد براهيمي المدير الولائي قد انطلقت منذ يومين في عملية تطهير الوادي والمناطق المنكوبة من جثث الحيوانات حيث شملت العملية فضاء يمتد على طول 2 كلم وذلك حتى تجنب السكان مخاطر الإصابة بالأمراض المتنقلة. غير أن العملية اتخذت أمس شكلا مكثفا وأكثر تنظيما مع انضمام افراد الجيش الوطني الشعبي ومصالح مديرية الصحة التي تكفلت بتطهير المواقع ورشها بالمواد المعقمة وذلك على مستوى منطقة "الغابة" التي تعد من اكثر المناطق تضررا من الفيضانات. وحضرت "المساء" أمس انطلاق حملة إزالة جثث الحيوانات والتي استهلت باجتماع تنسيقي مستعجل بين قيادات الاجهزة السالفة الذكر واعيان المنطقة حيث تم الاتفاق حول نوعية العتاد المطلوب والذي تكفل الجيش الوطني الشعبي بإحضاره وكذا حول مختلف مراحل تنفيذ العملية التي تنتهي بخرق الجثث المعفنة وردمها وعرفت منطقة "الغابة" التي زارها رئيس الحكومة والطاقم الحكومي المشكل من 13 وزيرا حركية ونشاط غير مسبوقين منتصف نهار أمس، حيث انتظمت الجمعيات والمنظمات الموجودة بعين المكان وتجندت كلها لدعم عمل فرق التدخل، بينما انتظم شباب المنطقة في شكل أفواج موزعة عبر مداخل "الغابة" لتسهيل حركة المرور وتنظيم دخول وخروج الآليات الموجهة لحمل الردوم وكذا عربات مصالح الإسعاف والإغاثة. مواجهة الكارثة بمعنويات عالية وقد بدا سكان هذه المنطقة المنكوبة بمعنويات عالية وأحسن مما كانت عليه في الايام السابقة وذلك بفضل زيارة السيد أحمد أويحيى الذي طمأن السكان والأهالي وأكد لهم التزام الدولة التكفل بجميع العائلات المتضررة وإسكانهم قبل نهاية العام الجاري وهي الالتفاتة التي رأى فيها أهالي غرداية وسكان "الغابة" بشكل خاص اكثر من وقفة تضامن من قبل الدولة، حسب ما اكده لنا السيد محفوظ السامت مسؤول الفوج الكشفي حمو الحاج المكلف بتنسيق عمل المتطوعين بمنطقة الغابة وقد كان هذا الفوج الكشفي الذي حظي امس بزيارة من قبل القائد العام نور الدين بن براهم من بين أولى الفرق المتدخلة لإنقاذ المتضررين من جرف السيول يوم وقوع الكارثة حيث تمكن من انقاذ 250 شخصا ولازال قادته وجوالته سندا للعائلات المتضررة حيث يشاركون رفقة ال 500 فرد من الكشافة الاسلامية الجزائرية الذين قدموا من عشر ولايات من الوطن في عمليات نزع الردوم والركام وإزالة الأوحال من أقبية البيوت، كما يساهمون في دعم عمل وحدات الجيش الوطني الشعبي التي باشرت عملية تحضير الفضاءات والمستودعات لاستقبال المساعدات الإنسانية والمؤن بمواقع النكبة ليتخذ توزيعها على العائلات شكلا منظما. وقام والي غرداية بالمناسبة بزيارة موقع "الغابة" لمعاينة عملية تهيئة هذه الفضاءات واغتنم الفرصة للحديث مع السكان الذين اتفقوا معه على العمل والمساهمة جميعا من أجل إزالة كل الردوم ومحو آثار كل الكارثة في حال توفير الوسائل وبالعتاد الضروري لذلك وهذا ما إلتزم بتحقيقيه حيث اشار الى انه طلب دعم البلديات والمؤسسات بهذا العتاد. كما تعهد من جانب آخر التكفل بكافة العائلات المنكوبة التي تضررت منازلها بعدما يتم احصاؤها من قبل مصالح الحماية المدنية واعوان المراقبة التقنية للبناء. وكانت منطقة "الغابة" قد عرفت اثقل حصيلة بشرية بتسجيل 17 حالة وفاة من ضمن الحصيلة مؤقتة بلغت 33 حالة وفاة، و"الغابة" الآن تحصي حسب الأرقام التي قدمها لها أعيانها نحو400 عائلة منكوبة تم توزيعها على ثلاث مدارس ابتدائية لإيوائها بينما فضلت بعض العائلات اللجوء إلى بيوت الأقارب. وبالرغم من الشك السائد في أوساط سكان المنطقة حول إمكانية إخلاء المدارس قبل 15 أكتوبر الجاري للسماح لتلاميذ لمزاولة دراستهم حسب التعليمات التي أصدرها رئيس الحكومة خلال زيارته الى المنطقة، إلّا أن الوتيرة المتسارعة لعمليات التدخل بمنطقة الغابة أمس توحي بأن المهمة ستعرف مستوى متقدما في الايام القليلة القادمة لا سيما في ظل تنسيق المحكم بين جهود مختلف الأجهزة وأسلاك التدخل حيث تم تخصيص وحدات من كل جهاز تضم 200 عون من الحماية المدنية واكثر من 200 فرد من الجيش الوطني الشعبي و100 عون من الدرك وذلك لمهمة إزالة جثث الحيوانات على طول 6 كلم. كما تساهم الروح التضامنية التي تحكم التعاون القائم بين السكان ومؤسسات الدولة وكذا الثقافة والمحافظة لأهل المنطقة في تسهيل أداء كل المهام وتجسيد كل العمليات المبرمجة لإزالة آثار الكارثة، حيث تعمل افواج من شباب الأحياء على دعم مهام الشرطة في حفظ الممتلكات بمواقع النكبة والأمل يحذوها بالتغلب على المحنة ومسح آثارها في اقرب الآجال:" الله تعالى خلق كل شيئ صغيرا ليكبر إلا المصيبة خلقها كبيرة لتصغر"، على حد قول هؤلاء الشباب.