من بجاية وبالتحديد من قرية "إفري" ببلدية أوزلاقن التي اختيرت هذا العام لاحتضان الاحتفالات الرسمية للمجاهد، عمت الاحتفالات أمس مختلف ولايات الوطن التي استرجعت بطولات وكفاح من ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استقلال الجزائر وتحريرها من قبضة المستعمر الفرنسي. والبداية من بجاية؛ حيث زار وزير المجاهدين السيد الطيب زيتوني أمس الموقع التاريخي لانعقاد مؤتمر الصومام بقرية إفري ببلدية أوزلاقن، في إطار الاحتفالات باليوم الوطني للمجاهد وتخليد الذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 ومؤتمر الصومال في 20 أوت 1956. ورافق وزير المجاهدين في زيارته إلى هذه المنطقة التاريخية وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي، والأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السيد سعيد عبادو وعدد من أعضاء الأسرة الثورية بالمنطقة. وكانت المناسبة فرصة للوزير لإزاحة الستار عن الجدارية المخلدة للذكرى المزدوجة لليوم الوطني للمجاهد، وإزاحة الستار عن مجسمات الزعماء الثوريين المسيّرين لجلسات مؤتمر الصومام، وهم كل من كريم بلقاسم وزيغود يوسف وعبان رمضان والعربي بن مهيدي ولخضر بن طوبال وعمر أوعمران. وأعطى في السياق إشارة انطلاق أشغال مشروع تزويد سكان قرية إفري بشبكة الغاز الطبيعي، ووضع حيز الخدمة الربط بشبكة الغاز الطبيعي لفائدة سكان قريتي ديدون وتابوريرين بأوزلاقن، كما قام بتسمية مركز التكوين المهني بأوزلاقن باسم الشهيد بوجمعة مجفون. وبهذه المناسبة وجّه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رسالة قرأها نيابة عنه وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أكد فيها أن "العمليات البطولية التي شُنت يوم 20 أوت 1955 شكلت نقلة نوعية في ثورة نوفمبر المظفرة وعلى كل المستويات؛ بفضل عزيمة أولئك المجاهدين البواسل، الذين أكدوا من خلال تلك العمليات النوعية من حيث أسلوبها والعميقة من حيث أهدافها، إرادة الشعب الجزائري برمته في المضيّ قدما في ثورته رغم محاولات الاستعمار لإجهاضها". كما أشرف وزير المجاهدين على إطلاق اسم المجاهد الراحل عبد القادر يياسي المدعو سي نواصري، على ثانوية بحي إحدادن، وتسمية مركز التكوين المهني والتمهين إناث باسم الشهيدة زينب صايفي بنفس الحي. وزار المجاهد المقعد السيد بغداد موهوب بمقر سكناه بحي الإخوة بوعوينة وسط مدينة بجاية؛ حيث أعطى تعليمات بضرورة إيلاء عناية صحية منزلية بهذا المجاهد وبجميع فئة المجاهدين. وكان السيد طيبي زيتوني على هامش حضوره أول أمس أشغال الطبعة الأولى للملتقى العلمي حول "الذكرى المزدوجة للمجاهد" بجامعة الشهيد عبد الرحمان ميرة ببجاية، أكد أن إحياء هذه الذكرى يُعد "وقفة إجلال للرجال الذين ضحوا من أجل استرجاع السيادة الوطنية". وقال بأن "هذه المنطقة ولاية مجاهدة، جمعت القادة من كل النواحي من أجل تحرير الجزائر"، مشيرا: "إذا كنا اليوم رافعين رؤوسنا بشموخ واعتزاز وكرامة وقوة واستقرار، فالفضل في ذلك يعود أساسا إلى الرجال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن". وذكر السيد زيتوني بأن ولاية بجاية احتضنت إعلان ميلاد بيان أول نوفمبر 1954، الذي يُعد مرجعية تاريخية أساسية بما جعله يؤكد أن "الجزائر أمانة يجب المحافظة عليها". وقال: "إذا كانت الحرب من قبل بالدماء والسلاح فإن الحرب اليوم ترتكز أساسا على العلم والمعرفة والتكنولوجيا، وهي الرسالة التي يجب أن نبعث بها من خلال إحياء هذه الذكرى للأجيال الصاعدة". عين اعبيد بقسنطينة تحيي الذكرى احتضنت بلدية عين اعبيد بقسنطينة أمس الاحتفالات المخلدة لهجومات الشمال القسنطيني 20 أوت 1955 ومؤتمر الصومام 1956 تحت شعار "المجاهد إرادة، شعب، مستقبل وأمة". فبعد قراءة فاتحة الكتاب على الأرواح الطاهرة للشهداء بمقبرة الشهداء أعطت السلطات المحلية إشارة انطلاق قافلة 20 أوت، التي ضمت 12 حافلة اتجهت نحو شواطئ القل في إطار المخطط الأزرق. وشملت الاحتفالية زيارة متحف المجاهد بالبلدية والمكتبة المتنقلة إضافة إلى قيام السلطات المحلية بزيارة عدد من المجاهدين المقعدين الذين شاركوا في هذه الهجومات، على غرار المجاهد ديب دراجي وكذا المجاهد بوقفة ميهوب، الذين تم تكريمهم والاستماع لبعض شهاداتهم، حيث أكد المجاهد بوقفة أن عين اعبيد لوحدها وفي ظرف أسبوع من الهجمات، فقدت أكثر من 700 شهيد. وتم أيضا تكريم عدد من عائلات الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حرية الجزائر، وزيارة معرض خاص بصور نادرة للهجومات، وكذا حضور نشاطات ثقافية في وقت تم تنشيط ندوة تاريخية، أكد خلالها أغلب المتدخلين من مجاهدين وشهود عيان، أن أحداث الشمال القسنطيني التي قادها الشهيد زيغود يوسف، كانت منعرجا حاسما في مسار الثورة التحريرية، وإثباتا لقوة هذه الأخيرة وحسن تنظيمها، وبأنها ليست عملا منعزلا لمتمردين وخارجين عن القانون. ونفس مشهد الاحتفالات عاشته وهران أما بوهران فقد احتضنت بلدية ارزيو الواقعة إلى شرق الولاية، الاحتفالات الرسمية المخلدة للذكرى تحت شعار "المجاهد إرادة شعب مستقبل أمة"، بحضور السلطات المحلية والعسكرية والأسرة الثورية إضافة إلى ممثلي المجتمع المدني. وبدأت الاحتفالات بتجمع الحضور بمربع الشهداء في الساحة العمومية لبلدية ارزيو؛ حيث تم وضع باقة من الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء، الذين قدّموا أرواحهم ثمنا من أجل الحرية والاستقلال. ثم ألقى العضو الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين كلمة، استعرض خلالها أهم الأحداث التي ميزت هذه الذكرى التاريخية المزدوجة؛ باعتبارهما محطتين هامتين في تعميق مبادئ الثورة التحريرية المجيدة. من جانبه، اعتبر سومر عبد القادر رئيس المكتب الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين بوهران، هجومات الشمال القسنطيني إثباتا آنذاك للمستعمر الفرنسي أن الثورة التحريرية بلغت من القوة ما جعلها تستهدف مواقع هامة له في وضح النهار، وتم بالمناسبة تدشين عدد من المرافق التنموية على مستوى بلدية ارزيو، منها منتزه يقع بوسط المدينة، إلى جانب الوقوف على مدى تقدم أشغال الملعب الجواري الشهيد كربوشي منور، وتكريم فريق ترجي ارزيو المتوج بالبطولة الوطنية لكرة اليد هذا الموسم، فيما دعمت مديرية المجاهدين المكتبة البلدية لأرزيو بألفي مؤلف عن تاريخ الجزائر الثوري وأبطاله. برج بوعريريج مع الموعد على غرار باقي ولايات الوطن أحيت ولاية برج بوعريريج الذكرى المزدوجة لليوم الوطني للمجاهد وانعقاد مؤتمر الصومام المصادفة ل 20 أوت من كل سنة. واحتضنت عاصمة الولاية الاحتفالات الرسمية التي أشرف عليها والي الولاية السيد عبد السميع سعيدون بمعية السلطات المدنية والعسكرية التي زارت متحف المجاهد، وبعدها قاموس الشهيد بساحة الحرية؛ حيث تمت قراءة فاتحة الكتاب والترحم على أرواح الشهداء، ليقوم بعدها الوفد الولائي بزيارة السيدة بهلولي صخرية أرملة الشهيد كاهية علي بعين سلطان، واختُتمت الاحتفالات بتسمية شارع بحي 20 أوت باسم المجاهد المتوفى بن سهيل إبراهيم. تزويد 40 مسكنا بالغاز الطبيعي بسيدي معروف (جيجل) أما بولاية جيجل فقد شكل إحياء هذه الذكرى التاريخية فرصة لقرابة 40 مسكنا ببلدية سيدي معروف، الواقعة ب 50 كلم إلى شرق عاصمة الولاية، استفادت من الربط بشبكة الغاز الطبيعي؛ مما سيخفف من معاناة سكان الحي خاصة في فصل الشتاء. واحتضنت أمس بلدية سيدي معروف الاحتفالات المخلدة لذكرى اليوم الوطني للمجاهد؛ حيث أشرفت السلطات الولائية على جملة من النشاطات، على غرار الترحم على أرواح شهداء الثورة بالمنطقة المعروفة برصيدها الثوري الحافل، وتسمية بعض الأحياء على أسماء الشهداء وتكريم بعض الأسماء الثورية وعائلاتهم؛ عرفانا لما قدموه خدمة للوطن. تدشين مقام الشهيد يوسف دمرجي بمنطقة تافرنت بسعيدة وبسعيدة تم تدشين مقام الشهيد الطبيب يوسف دمرجي بمنطقة تافرنت بحضور السلطات المحلية التي خصصت مبلغ 900 ألف دج لإنجازه ضمن مساعي الحفاظ على الذاكرة التاريخية لنضال الشعب الجزائري، وإتاحة الفرصة للأجيال القادمة للتعرف على الأماكن التي شهدت معارك دامية سقط فيها الكثير من الشهداء. إضافة إلى ذلك تميزت الاحتفالات بهذه المناسبة، بتوجه السلطات المحلية إلى مقبرة الشهداء بمدينة سعيدة لقراءة فاتحة الكتاب على أرواحهم الزكية وكذا تنظيم معرض للصور حول هذا الحدث التاريخي ببلدية سيدي اعمر.