نفى وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، أن يكون قد عين أي مستشار أو ناطق باسمه، مشيرا إلى أن "صفحته الخاصة على الفيسبوك هي همزة التواصل الرسمية والوحيدة بإسمه". واختارت وزير التربية، نورية بن غبريط، التواصل المباشر مع جميع المشتركين في صفحتها، ولا تتردد في الرد على كل الاستفسارات والإشاعات بوتيرة منتظمة، ومؤخرا اختار الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحي مخاطبة الجزائريين عبر صفحة حزبه الجديدة على الفيسبوك عن طريق فيديو تحدث فيه لأول مرة بالانجليزية. هي بعض الأمثلة التي تشير إلى بداية تحول في الطريقة الاتصالية لبعض الشخصيات والمسؤولين والسياسيين مع المواطنين. وذلك باختيار الفضاء الافتراضي والتكنولوجيات الحديثة. أن يقول السيد خليل أن صفحته على الفيسبوك هي الناطق الرسمي له، أمر كان سيبدو غريبا منذ سنوات، وأن تجيب وزيرة على سؤال مواطن يوجد في منطقة بعيدة من الوطن، أمر كان سيبدو مستحيلا من قبل، إلا أن التغيرات التي حدثت في المجال الاتصالي، جعلت مثل هذا الاتجاه نحو العالم الافتراضي للتواصل أمرا مألوفا. ومازال الأمر في بداياته ببلادنا، إلا أن الملاحظ هو الإدراك المتزايد لأهمية هذه الوسيلة التواصلية لدى شريحة هامة من الفاعلين في المجالات السياسية والاقتصادية، لاسيما بعد النجاح الذي عرفته صفحات الفيسبوك لبعض المسؤولين والسياسيين، والتي أصبحت مصدر معلومات للصحافة الوطنية، ومكانا للتواصل مع كافة المواطنين بلا استثناء. وهكذا فضل الأمين العام للارندي على سبيل المثال، استدراك التأخر الذي عرفه حزبه، ليس فقط بالعمل الميداني، ولكن بفتح صفحة على الفيسبوك، اختار "بذكاء" أن تبدأ بفيديو تحدث فيه لأول مرة باللغة الانجليزية، وهو ما شكل "حدثا وطنيا"، تقاسمه كل رواد موقع التواصل الاجتماعي وتناقلته الصحافة كذلك. أكثر من ذلك، فإن مناضلي هذا الحزب تسابقوا لفتح صفحات تمثل حزبهم، فيما وصف ب"غزو افتراضي" للحزب الثاني في الجزائر. وقبل ذلك، كان برلمانيون ومسؤولو هيئات عمومية ورجال أعمال، قد اختاروا اللجوء إلى الشبكات الاجتماعية، للترويج لعملهم وإبداء مواقفهم حول عديد المسائل الراهنة. كما اختار مسؤولون بالدولة ووزراء، الدفاع عن برامجهم وقراراتهم عبر الانترنت، هذه المرة ليس من خلال مواقع وزاراتهم الالكترونية التي مازالت شحيحة من المعلومات، ولكن عبر صفحات فيسبوكية، يعلمون أنها أصبحت أفضل فضاء للتواصل والتفاعل مع كل طبقات المجتمع. ومن بين أهم المسؤولين الذين احتاروا هذه الطريقة في الاتصال، الوزير الأول عبد المالك سلال الذي فتح صفحة رسمية، حتى وإن مازالت بعيدة عن التفاعل اليومي، فإنها تستخدم في كثير من الأحيان لنقل رسائل خاصة، آخرها كانت تهنئة الرياضي مخلوفي على أدائه في أولمبياد "ريو". وزراء آخرون اختاروا نفس النهج،لعل أبرزهم وزيرة التربية نورية بن غبريط التي عرفت صفحتها شهرة واسعة بالنظر لتضمنها كل المستجدات، وتفاعلها المباشر بالرد على كل الأسئلة المطروحة عليها في كافة المجالات. بدوره، اختار الأديب والشاعر عز الدين ميهوبي مواصلة التفاعل والتواصل عبر صفحته بعد تعيينه وزيرا، حيث يقوم بشكل دوري بنشر معلومات وأخبار عن نشاطاته والاجابة عن بعض الأسئلة والتعليقات. وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من محترفي الاعلام، يجدون في مثل هذه الصفحات مصدرا للمعلومات وللتواصل السريع والسلس مع مسؤولين وسياسييين وحتى خبراء وممثلي المجتمع المدني. وهو ماخلق جوا من التبادل والثقة وحتى الصداقة أحيانا بين الطرفين، في وقت يشتكي فيه الصحفيون كثيرا من شح مصادر المعلومات وصعوبة الوصول إليها. لكن مايجب التنبيه إليه، هو أن الأمر مايزال في بداياته ببلادنا، فمازال الكثيرون لم يلتحقوا بالركب التكنولوجي، لأسباب مختلفة، منها الخشية من هذا النوع الاتصالي بالنسبة لشخصية عمومية، بما يحمله من انفتاح تام أمام كل التعليقات سلبية كانت أم إيجابية، وفي بعض الأحيان حتى انتقادات وتهجمات وربما كلمات بذيئة. الأستاذ براهيمي: الفيسبوك جيد لكن لايجب إهمال وسائل الاتصال التقليدية وحسب أستاذ علوم الاعلام والاتصال إبراهيم براهيمي فإن هذا النوع من الاتصال "أمر جيد"، وهو –كما أشار إليه- طريقة تواصل تستخدم اليوم في كل بلدان العالم سواء من طرف شخصيات ثقافية أو سياسية أو غيرها،لأنها تمس عدد كبير من الأشخاص. لكن الأستاذ براهيمي يرى في تصريح ل"المساء" أن الأمر ليس بالسهولة التي نراها، لأن أي مسؤول أو سياسي أو شخصية عمومية عادة لايجد الوقت الكافي للتواصل والتفاعل بالنظر إلى كثرة انشغالاته، فهم – كما لفت إليه – "أحيانا لايملكون حتى الوقت للحديث مع أبنائهم". لكنه يؤكد مع ذلك على ضرورة استخدام هذا النوع من الاتصال من طرف المسؤولين مثلها مثل كل الوسائل الأخرى حتى التقليدية التي لايجب التفريط فيها. ويقول في هذا الصدد "إن الوزير الذي يهتم بالمصلحة العامة عليه استخدام كل الوسائل الاتصالية حتى التقليدية، فيجب التنبيه إلى أن الاتصال التقليدي ليس مستعملا كثيرا عندنا". ويعتبر أن ماتشهده الساحة السياسية بالخصوص في الفترة الأخيرة من "إشاعات" تمس شخصيات سياسية يستدعي أن تخرج عن صمتها وأن تتحدث، لكن ليس عبر الفيسبوك فقط، وإنما عبر لقاءات وندوات صحفية وحوارات وكل الأساليب الاتصالية الأخرى المعروفة. وبالنسبة للأستاذ إبراهيمي فإن المشكل المطروح في شبكات التواصل الاجتماعي هو "التجاوزات والسب والقذف"، الذي يطبع في أحيان عديدة تعليقات المتصفحين، وهو راجع بالخصوص إلى "مستوى المجتمع"، حسب محدثنا، الذي شدد على أنه رغم هذا الجانب السلبي في العملية الاتصالية، فإنه يجب التركيز على الجوانب الايجابية واستخدام مثل هذه الفضاءات لحل المشاكل والأزمات لاسيما على المستوى الجهوي.