دعا مختصون في مجال استرجاع وتثمين النفايات الصناعية إلى ضرورة تنسيق الجهود بين الباحثين والمقاولين لإيجاد حلول ناجعة بالاعتماد على نتائج دراسات الباحثين للتوصل إلى تحويل هذه النفايات إلى ثروة حقيقية عبر عمليات الرسكلة والتدوير، في الوقت الذي يسجل فيه غياب الثقة بين الباحثين وأصحاب المؤسسات مما يبقي الدراسات التي تجرى حول استرجاع وتثمين النفايات حبيسة الأدراج ولا يستعان بها في الميدان. أكدت السيدة جميلة حليش ممثلة الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث والتنمية التكنولوجية في تصريح صحفي على هامش الندوة الصحفية التي نظمتها الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة أمس حول الصالون الدولي لاسترجاع النفايات، غياب الثقة وانعدام التنسيق بين الباحثين المختصين في إجراء دراسات علمية يمكن استغلالها والاعتماد عليها في إنجاح المشاريع والمقاولين الحاملين لهذه المشاريع، مشيرة إلى أن معظم المقاولين يفضلون الحلول السريعة لتحقيق الأرباح ولا يعتمدون على هذه الأبحاث التي تستغرق وقتا طويلا. وركز منشطو الندوة الصحفية على أهمية العمل المشترك بين كل الفاعلين في المجال للتمكن من خلق ثروة باسترجاع النفايات ورسكلتها، مثل العديد من الدول المتطورة التي تمكنت من خلق نشاط اقتصادي حيوي برسكلة النفايات يساهم في الدخل ويخلق مناصب الشغل. وفي هذا السياق، ذكر المتدخلون بأن الجزائر قادرة على بعث هذا النشاط باستغلال إمكانياتها إذا علمنا أن الكمية السنوية من النفايات الصناعية ببلادنا تقدر ب2547000 طن، منها 1.2 مليون طن نفايات بلاستيكية، 110.000 طن نفايات الزيوت ومواد التشحيم و173.800 طن عبارة عن نفايات إلكترونية وأجهزة كهربائية وكهرومنزلية، بالإضافة إلى أكثر من مليوني وحدة من العجلات حسب نتائج دراسة أجرتها التعاونية التقنية الألمانية بالجزائر. ويشكل تثمين النفايات الصناعية عن طريق إعادة التدوير وإعادة الاستخدام مصدر قلق كبير للسلطات الجزائرية، الأمر الذي أدى إلى تصميم وإطلاق العديد من المشاريع بما في ذلك البرنامج الوطني لإدارة النفايات الصناعية والخاصة الذي أطلق سنة 2006 لإيجاد حلول لهذا النوع من النفايات. وأشار المتدخلون في الندوة إلى أن تراجع مداخيل الجزائر نتيجة تراجع أسعار النفط يدفعها اليوم لإيجاد مصادر جديدة للاقتصاد، مما يحفز البحث عن استثمارات جديدة لخلق الثروة والتقليص من فاتورة الاستيراد باستبدال الواردات بالإنتاج الوطني باستغلال الموارد الإنتاجية المتوفرة في كل الميادين بما فيها تثمين واسترجاع النفايات الذي يعد نشاطا واعدا يمكن الاستثمار فيه بإنشاء مؤسسات حديثة. نفايات التمر تكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة السكر وأضافت الوكالة الوطنية للنفايات أن عدد المؤسسات الصغيرة المختصة في استرجاع وتثمين هذه النفايات قدر سنة 2015 ب 88 مؤسسة مصغرة، منها 60 مؤسسة منتجة. وذكرت الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة أن تثمين النفايات لا يزال مجالا غير مستغل كما ينبغي في الوقت الذي بينت فيه الدراسات أن العديد من المنتوجات يمكن إنتاجها باسترجاع النفايات الصناعية بما فيها المواد الغذائية كالسكر مثلا والذي يمكن إنتاجه بالاعتماد على نفايات مادة التمر التي ترمى بمصانع التمر بالجنوب الجزائري ببسكرة والتي تعد كافية لتحقيق اكتفاء ذاتي في مادة السكر والتوقف عن استيراده في حال تثمينها. ولتوعية المقاولين والمواطنين الراغبين في الاستثمار في مجال الرسكلة وتثمين النفايات، تنظم الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة بالتعاون مع الوكالة الوطنية للنفايات والشركة الجزائرية للمعارض والتصدير أول صالون دولي لاسترجاع وتثمين النفايات الصناعية، سيشمل كل المراحل المتعلقة بهذه العملية من جمع، فرز، نقل، معالجة، استرجاع وتثمين النفايات تحت شعار "التحديات الاقتصادية في إعادة تدوير النفايات الصناعية"، بمشاركة 30 مؤسسة منها مؤسسات أجنبية وذلك من 5 إلى 8 أكتوبر المقبل. ويهدف المعرض إلى التعرف على المعدات والتقنيات المستخدمة في مجال استرجاع ومعالجة النفايات، تعزيز مجال استرجاعها ورسكلتها مع تشجيع الاستثمار وإنشاء مؤسسات جديدة، وكذا تعزيز وتطوير إدارتها وتثمينها. وستتخلل المعرض ندوات تقنية ينشطها خبراء في المجال حول عدة مواضيع ذات العلاقة بإعادة تدوير النفايات الصناعية والتنمية الاقتصادية، قضايا إعادة تدوير المعادن الإستراتيجية والتنمية المستدامة، فكرة مصنع الإسمنت كونها عنصرا أساسيا في تعزيز عمليات التثمين وحرق النفايات، بالإضافة إلى مواضيع تخص الانتعاش وإعادة تدوير النفايات الحديدية وغير الحديدية وإعادة التدوير الحراري للنفايات الصناعية والتعريف بنظام الدعم لخدمة التقنيات والابتكارات في مجال التدوير.