ستكون التجربة الجزائرية في مجال إصلاح السجون والمنظومة العقابية محل نقاش على مدار ثلاثة أيام بين مختلف الوفود المشاركة في الاجتماع الثاني دون الإقليمي لإدارات السجون لدول الساحل الإفريقي ودول الجوار الذي انطلقت أشغاله أمس بالجزائر العاصمة. ويشرف على الاجتماع مكتب الأممالمتحدة ضد المخدرات والجريمة وبتمويل من الدانمارك، ويهدف إلى فتح المجال من أجل عرض تجارب الدول المشاركة وتبادلها فيما بينها إضافة إلى تقييم مدى تطبيق التوصيات التي خلص إليها الاجتماع الأول المنعقد بعاصمة النيجرميامي شهر نوفمبر 2014. وهو الاجتماع الذي صنف حينها الجزائر في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال بمنطقة الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا مما جعل الأممالمتحدة ترتئي هذه المرة تنظيم الاجتماع الثاني بالجزائر من أجل الاستئناس بتجربتها وإصلاحاتها.ويناقش المشاركون أهم الطرق الكفيلة بوضع سياسات ناجعة في مجال تسيير المؤسسات العقابية وتكييفها وفقا للمعايير الدولية خاصة مع تزايد نسبة الإجرام نتيجة انتشار الإرهاب وتنامي التحديات الأمنية بالمنطقة. وفي هذا السياق، قال مختار فليون المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن الجزائر على استعداد للتعاون سواء مباشرة أو عبر الأممالمتحدة مع دول المنطقة للاستفادة من التجربة الجزائرية في إصلاح المنظومة العقابية. وأضاف أن موضوع الاجتماع يدور حول كيف يمكن لهذه الدول الشروع في تطبيق القواعد الدنيا في معاملة المحبوسين والتي صدرت عام 1957 بالأممالمتحدة وجرى تعديلها العام الماضي، حيث أصبحت تسمى باسم "قواعد نيلسون مانديلا". وتتعلق هذه القواعد بمعاملة المحبوسين من كل الجوانب سواء التغذية أو الحقوق أوالصحة أوالتعليم أوالتكوين، حيث ستكون محور المناقشات في جلسات الاجتماع، إضافة إلى مناقشة كيفية التعامل مع من يوصفون ب "السجناء العنيفين" وتقييم مدى تقدم تطبيق التوصيات التي خرج بها اجتماع ميامي. من جانبه، ثمّن باه كيتا ممثل منظمة الصحة العالمية التجربة الجزائرية التي وصفها بالرائدة وحيا السلطات الجزائرية على احتضانها لمثل هذا الاجتماع الذي يندرج في إطار مساعي الأممالمتحدة على تحسين ظروف المسجونين والمنظومة العقابية في إفريقيا ككل. وأكد المسؤول الأممي على أن المسائل المتعلقة بحماية المجتمع من تزايد نسب الإجرام وغياب البدائل للعقوبات المطبقة وارتفاع نسب الحبس المؤقت وكذلك غياب الثقافة الصحية للمساجين وانتهاك حقوق الإنسان بالمؤسسات العقابية "تظل نقائص يتعين القضاء عليها من خلال تطبيق قواعد مانديلا". كما لفت إلى أن انتشار الإرهاب أدى إلى غياب الاستقرار بالعديد من دول الساحل والجوار واتساع رقعة الجريمة، وهو "ما يدفع بهذه البلدان أكثر من أي وقت مضى إلى وضع سياسات ناجعة في مجال المؤسسات العقابية وتكييف تسييرها وفقا للمعايير الدولية". وذكر ممثل منظمة الصحة العالمية بأن المنظمة الأممية كانت قد باشرت في مشروع "طموح" يهدف إلى مد يد العون لدول الساحل والجوار من أجل إصلاح النظام العقابي بها، وهو الإطار الذي يندرج فيه الاجتماعين. يذكر أن اجتماع ميامي كان كشف أن نسبة اكتظاظ السجون في إفريقيا بلغت 150 بالمائة وهي الأعلى في العالم، مما يؤكد الوضع المتدهور للسجون الإفريقية. إضافة إلى تثمينه للتجربة الجزائرية بعد أن وضع الجزائر في مصاف الدول التي حققت تقدما في هذا المجال مقارنة بدول المنطقة. وتتواصل أشغال هذا الاجتماع على مستوى الورشات في وقت تم فيه برمجة يوم غد تنظيم زيارة لمؤسسة عقابية نموذجية وكذا المدرسة الوطنية لإدارة السجون الكائن مقرها بالقليعة.