أكدت مصادر مطلعة بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن مشروع انشاء "ديوان وطني لتسيير الأملاك الوقفية" يوجد قيد الدراسة، وتعمل جهات قانونية واستشارية على بلورة نصوصه وصياغته في شكل مرسوم يقدم الى الحكومة للموافقة عليه والعمل على الإعلان عنه ونشره بالجريدة الرسمية. يأتي ذلك بعد إعلان وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد بوعبد الله غلام الله منذ عدة أشهر عن التفكير في إيجاد هيئة مستقلة تضطلع بتسيير الأملاك الوقفية تكون في شكل "ديوان" على غرار ديوان الحج والعمرة. وتؤكد مصادرنا أن مديرية الأوقاف طالبت منذ سنوات بتوفير آليات وقوانين لاسترجاع آلاف الأملاك الوقفية، ونجحت في افتكاك قانون مشترك أمضته وزارات: الداخلية، المالية، الفلاحة والشؤون الدينية والأوقاف بتاريخ 20 مارس 2006 يقضي بالعمل عن طريق لجنة مشتركة - على استرجاع العقارات وحل النزاعات وترسيم الأملاك وتثبيتها لفائدة الجهة المعينة، واستطاعت مديرية الأوقاف بقوة النصوص الجديدة حل مئات القضايا العالقة واسترجاع آلاف الهكتارات هي اليوم تدر أموالا، وتعمل المديرية على تنميتها وتسييرها وفق "وصايا الوقف" التي تعد أمانة تؤدى مدى الحياة دون زيادة أو نقصان من منطلق "لا تبديل لإرادة الواقف". إلا أن هذه الأملاك الوقفية المتزايدة صارت عبئا كبيرا على الجهات الإدارية بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، مما استلزم عليها المطالبة بإنشاء ديوان يتكفل بذلك، تفرد له قوانينه وهياكله وموارده البشرية ويتمتع باستقلالية مالية وتسييرية. وفي هذا السياق تشير مصادرنا بأن الأملاك الوقفية بحاجة ماسة الى توفير هيئة مختصة تتسم بالمرونة في اتخاذ القرار ويكون لها قانون داخلي وخصوصية الطابع "الاجتماعي الديني" بعيدا عن الطابع "الإداري الاقتصادي"، وهو ما يتعين أخذه بعين الاعتبار من طرف مديرية الدراسات القانونية والاستشارية بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي تعمل على انضاج المشروع. وفي تقدير بعض المسؤولين المهتمين بالمشروع فإن إعداده يتطلب سن نصوص تراعي "فلسفة الوقف" وتسيير تبرعات المحسنين وفتح المجال لذوي البر والإحسان ل"وقف أملاك أو التبرع بأشياء عينية أو فقدية" للديوان الذي يوفر إطارات في المحاسبة ويعمل تحسيس المواطنين ممن فتح الله عليهم، بأملاك وخيرات، بالتقرب من الجهات المكلفة بصفة مباشرة للتصريح بتبرعاتهم ووقفهم ويمكن للهيئة المسيرة المنتظرة أن تطلع المحسنين في شفافية تامة على طبيعة تسيير الأوقاف، وتعمل على نشر "الثقافة الشرعية" الغائبة في المجتمع فيما يخص احترام "حركة الأوقاف" وذلك عن طريق المساجد ووسائل الإعلام وشبكة الأنترنت. للإشارة كانت "المساء" قد تناولت موضوع "وضعية الأملاك الوقفية" في أعدادها السابقة، حيث أوضح مدير الأوقاف والحج والزكاة السيد بلقاسم بوخرواطة أن الملكية العقارية المتوارثة عن العهد الاستعماري كانت غير واضحة، ولم يكن غداة الاستقلال قانون يحمي الأوقاف، لكن مع مرور الأعوام بدأت تظهر دلائل، وقرائن تثبت وجود آلاف العقارات "الحبوس" أوصى أصحابها أن تبقى صدقة جارية، وأوضح محدثنا سابقا بأن مديرية الأوقاف استرجعت بفضل قانون 1991 أزيد من 2400 هكتار من الأراضي بالعاصمة، بومرداس، البليدة وتيبازة وأن المديرية تعمل على تسوية عملية استغلالها، وأنها تمكنت من انجاز مشروع استثماري يضم مركز أعمال، مصحة وسكنات تعود إيراداتها الى خزينة الدولة، مشيرا أن حظيرة الأملاك الوقفية بلغت عبر التراب الوطني 5479 عقارا بين أراض، محلات وأملاك أخرى.