درس المجلس الأعلى للقضاء وصادق، أول أمس، على قائمة القضاة المقترحين للتعيين من قبل رئيس الجمهورية ضمن أعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، عملا بأحكام المادة 194 من القانون رقم 16-01 المتضمن التعديل الدستوري وكذا المادة 04 من القانون العضوي رقم 16-11 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات. وأكد الطيب لوح وزير العدل حافظ الأختام بالمناسبة أن المشرع الدستوري وبتعيينه نصف أعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات من القضاة، "يكون قد رسم الطريق التي رآها أكثر ملاءمة لتعميق المسار الديمقراطي وتكريس الإرادة الشعبية". وفي بيان للمجلس الأعلى للقضاء جاء أن هذا الأخير اجتمع في دورته العادية الثانية لسنة 2016 بمقره الكائن بالمحكمة العليا برئاسة الطيب لوح وزير العدل، حافظ الأختام، نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء. وبعد المصادقة على جدول أعماله، قام بالدراسة والمصادقة على قائمة القضاة المقترحين للتعيين من قبل رئيس الجمهورية ضمن أعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات. وتتشكل الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الإنتخابات من 410 أعضاء، نصفهم قضاة يقترحهم المجلس الأعلى للقضاء ويعينهم رئيس الجمهورية والنصف الآخر كفاءات مستقلة من المجتمع المدني، يعينها أيضا رئيس الجمهورية. كما أنه وبمقتضى المادة المذكورة تترأس هذه الهيئة "شخصية وطنية يعينها رئيس الجمهورية، بعد استشارة الأحزاب السياسية". وحسب البيان، فإن المجلس الأعلى للقضاء قام أيضا بالدراسة والمصادقة على بعض النقاط المدرجة في جدول أعماله، وأبقى على دورته مفتوحة لاستكمال باقي النقاط المدرجة في جدول أعماله في جلسة قادمة. وفي كلمة له بالمناسبة قال وزير العدل، حافظ الأختام أن "المشرع الدستوري وبتعيينه نصف أعضاء (الهيئة) من القضاة يكون قد رسم الطريق التي رآها أكثر ملاءمة لتعميق المسار الديمقراطي و تكريس الإرادة الشعبية وحق المواطنين في انتخاب من يتولى شؤونهم بكل حرية وشفافية". واستدل السيد لوح في ذلك إلى كون القاضي "الذي يمارس مهنته في إطار الاستقلالية ويتحلى بكل قيم التجرد والحياد وعدم الانتماء السياسي أو الميل لأي اتجاه كان"، سينتقل إلى هذه الهيئة محملا بهذا الرصيد وباليمين الذي التزم به، وبالتالي "سيكون ضامنا موثوقا ومجسدا لمبادئ الشفافية والمساواة واحترام القانون"، مذكرا بأن الكثير من الدول الديمقراطية، اعتمدت هذه الآلية التي "أثبتت نجاعتها". وأشار إلى أن هذه التجارب قد اعتمدت على "المداخل الصحيحة المرتكزة على المبادئ العامة التي من شأنها أن تقوي عود الممارسة الديمقراطية والبناء المؤسساتي وتفادي افتعال معارك وهمية أو المساس بالترابط الاجتماعي"، لافتا إلى أن الديمقراطية هي قبل كل شيء "سلوك مسؤول وقيم واضحة وسياج يعصم الجميع من الزلل والشطط ويحثهم على عدم تضييع الحدود بين الحقوق والواجبات". ومتوجها إلى القضاة المعينين لعضوية هذه الهيئة الدستورية، استعرض أهمية الدورة العادية الثانية للمجلس الحافلة بالقضايا ذات الصلة بالحياة المهنية والوظيفية للقضاة وتلك ذات العلاقة بتحليل ما يجري تحقيقه على صعيد الممارسة القضائية ودرجة تطابقه مع الأهداف المرسومة في إطار مسار الإصلاح. وقال إنها ستعكف أيضا على الوقوف على مسايرة الممارسة القضائية للمقتضيات الدستورية الجديدة التي جاءت ‘'لتضفي المزيد من المناعة للسلطة القضائية وتصون استقلاليتها وتعزز دورها في حماية الحقوق والحريات وترسيخ دولة القانون"، مذكرا بهذا الخصوص بأن الجزائر التي "تتقدم على أسس دولة القانون"، قطعت "أشواطا معتبرة في تجذير الديمقراطية وتدعيم الحريات الأساسية". وذكر لوح أن السياسة المعتمدة خلال كل هذه السنوات في إطار برنامج رئيس الجمهورية قد "مكنت من استعادة الأمن والاستقرار وعودة قيم التسامح والحوار"، وهو ما سيسمح ب«توسيع مستمر في مجال الحريات والحقوق بشتى أنواعها بما فيها حق الشعب الجزائري في اختيار ممثليه على كافة المستويات عن طريق الاقتراع بكل حرية وشفافية". يذكر أن رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، كان قد أعلن في التاسع أكتوبر الجاري عن نيته في تعيين الوزير الأسبق ورجل القانون عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات. وأكد عزمه على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنصيب هذه الهيئة "في أقرب الآجال" وتمكينها من ممارسة مهامها بدء بالإنتخابات التشريعية القادمة المزمع تنظيمها سنة 2017. وتنفيذا لتعليمات رئيس الدولة قام ديوان رئاسة الجمهورية بإطلاع الأحزاب السياسية المعتمدة باختيار السيد دربال على رأس الهيئة وطلب منهم إبداء رأيهم بهذا الخصوص قبل نهاية شهر أكتوبر الجاري. للإشارة، تم بموجب المادة 194 من الدستور استحداث الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات التي تسهر على شفافية ومصداقية الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية والاستفتاء، بدء من استدعاء الهيئة الناخبة وإلى غاية الإعلان عن النتائج المؤقتة للاقتراع. ورحبت أحزاب سياسية باقتراح رئيس الجمهورية لاسيما حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب النهضة وحركة الاصلاح الوطني وتجمع أمل الجزائر الذي ثمن ممثلوها اختيار رئيس الجمهورية للسيد دربال، في حين أبدت أخرى تحفظها على الشخصية بالنظر إلى انتمائها السياسي مثلما هو الحال بالنسبة لحزب العمال، وعلى الدور الذي يمكن أن تؤديه هذه الهيئة مثلما عبرت عنه حركة مجتمع السلم.