توسعت الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية إلى عديد المدن المغربية احتجاجا على مقتل صياد السمك (محسن فكري) سحقا داخل شاحنة لجمع القمامة بمدينة الحسيمة الواقعة على الشريط الساحلي للبحر المتوسط. السلطات المغربية متوترة حد الارتباك لأن هذه المظاهرات لم تتوقف عشية انعقاد الندوة الدولية للمناخ «كوب 22» التي ينتظر أن تنطلق يوم الاثنين القادم بمدينة مراكش وتتواصل إلى غاية ال18 من الشهر الجاري والتي تراهن عليها الرباط لتلميع صورتها أمام المجموعة الدولية وخاصة في مجال حقوق الإنسان واحترام الحريات العامة قبل أن تأتي هذه الحادثة الفظيعة لتخلط عليها كل حساباتها. لم يهدأ الشارع المغربي في مختلف مدن البلاد أربعة أيام بعد سحق الصياد محسن فكري الذي أدخل المغرب في متاهة المظاهرات الاحتجاجية المطالبة بكشف الحقيقة حول ظروف مقتله عندما حاول استعادة بضاعته من سمك أبو سيف «الاسبادون» من شاحنة جمع قمامة التي سحقته بطريقة بشعة. في محاولة لتهدئة النفوس، تم أمس إحالة 11 شخصا أمام قاضي التحقيق بمحكمة الحسيمة بتهمة القتل غير العمدي من بينهم عوني أمن وممثل مصلحة الصيد البحري في المدينة ورئيس مصلحة الطب البيطري بسبب علاقتهم المباشرة بهذه الحادثة. ورغم ذلك، فقد تواصل الاستنفار الشعبي العام وسط مخاوف السلطات المغربية من استمرار حالة الاحتقان العام عشية ندوة يحضرها رؤساء دول وحكومات العديد من دول العالم من بينهم الأمين العام الأممي بان كي مون. وتكون هذه المخاوف هي التي جعلت ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأممالمتحدة يؤكد أن الأمين العام الأممي بان كي مون يتابع عن كثب تطورات هذه القضية في تلميح إلى احتمال مقاطعته لها في حال اشتدت موجة الغضب الشعبي العام. في انتظار ما تخفيه الساعات القادمة من تطورات، التقت مختلف الصحف المغربية على طرح سؤال موحد: من قتل الصياد محسن فكري؟ دون أن يمنع ذلك من توسع رقعة الاحتجاجات لتشمل العديد من كبريات المدن المغربية وحتى الصغيرة منها ولكن خطورتها تكمن في خروج فئات مجتمعية بعينها إلى الشارع للمطالبة بالقصاص ومحاكمة المتسببين في الفاجعة التي أصابت عائلة فكري. وكان خروج الطلبة الثانويين أمس إلى شوارع مدينة الحسيمة التي ينحدر منها الصياد القتيل للمطالبة بمحاكمة المتسببين في مقتله مؤشرا سلبيا في نظر السلطات المركزية المغربية التي تخشى أن تخرج فئات مهنية أخرى إلى الشارع بما قد يؤدي إلى انفلات الوضع العام في البلاد. وهي التوقعات التي وضعت الشعب المغربي في حالة ترقب لما يخفيه المستقبل من مفاجآت رغم أن الملك محمد السادس هو الذي تكفل بملف قضيته وأمر وزيره للداخلية محمد حصاد، بالإشراف شخصيا على إجراء تحقيق دقيق ومعمق لتحديد المسؤوليات. وقال حصاد إن الملك محمد السادس لا يريد تكرار مثل هذه الحوادث، وأضاف أنه سيسهر على معرفة الملابسات وتحديد الظروف التي أدت إلى مقتل الصياد المغربي ومعاقبة المتسببين في ذلك. وقال في توضيح لما وقع أن محسن فكري رفض الامتثال لأمر بالتوقف أمام حاجز أمني قبل أن يتم اعتراض سيارته وعلى متنها كميات معتبرة من سمك أبو سيف «الاسبادون» الممنوع صيده وتقرر بعدها حجز بضاعته غير القانونية ورميها. السؤال الذي طرحه الوزير: ماذا حدث بعد ذلك وهل كان الأمر يستدعي حدوث تلك المأساة؟ وهو نفس السؤال الذي يطرحه الشارع المغربي وتركه ينتظر نتائج التحقيق الذي وعد به الوزير الذي قال إنها لن تظهر إلا بعد أيام. ولكن هل سيصمت المغاربة طيلة هذه الأيام أمام جريمة تمت على المباشر من هيئة نظامية؟