كشفت أولى التعيينات التي أجراها الوافد الجديد للبيت الأبيض دونالد ترامب، في المناصب الإستراتيجية عن بعض التوجهات السياسة للإدارة الجديدة، والتي تحمل في جانب منها استمرار سيطرة ما يسمى ب«المركّب الصناعي العسكري» كقوة خفية في صناعة القرار الأمريكي، لتتأكد مرة أخرى ثقل المصالح الصناعية في تحديد التوجه العام للسياسة الخارجية لأكبر قوة في العالم. رغم أن سيطرة اللوبيات الكبرى على صناعة القرار الأمريكي بات مألوفا في كل عملية انتخابية أمريكية، إلا أن تعيين ترامب لتلك الشخصيات في مناصب كبرى يدل على أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستكون ملتزمة بالنهج المحافظ الصارم، في مقابل الانفتاح على الحوار مع «الخصوم» مثل موسكو عكس الإدارة الديمقراطية لباراك أوباما. كما بدا أن أعضاء الفريق الذي يشكله ترامب مهتمون بالدرجة الأولى، بالولاياتالمتحدة ذاتها ومصالح أمريكا على الساحة الدولية. وفي هذه الظروف بالطبع لا يستبعد متتبعون أن تكون هناك مواجهة محددة بين الولاياتالمتحدةوروسيا، رغم إمكانية التوصل إلى اتفاقات بين الجانبين وهذه بعض أسماء المعيّنين في المناصب الإستراتيجية. السناتور جيف سيشنز النائب الأمريكي العام الجديد (رئيس وزارة العدل في الولاياتالمتحدة) أحد المتشددين ضد الهجرة مثل السيناتور جيف سيشنز البالغ من العمر 69 عاما من ولاية ألاباما في مجلس الشيوخ الأمريكي منذ عام 1997. وخدم في جيش الاحتياط الأمريكي ما بين 1973-1986. شينز يعرف بتشدده إزاء الهجرة غير الشرعية التي كانت من بين موضوعات الحملة الانتخابية لترامب الذي وعد بترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي إلى بلادهم. ويرى متتبعون أن وزير العدل الجديد الذي عرف بمواقفه العنصرية خلال سنوات الثمانينيات لا سيما تجاه الزنوج مثل انتقاده سنة 1986، لمحام ذي بشرة بيضاء قرر المرافعة لصالح أحد موكليه من البشرة السوداء. وهي قضية مازالت تلقي بظلالها إلى غاية اليوم، كما يرى متتبعون للشأن السياسي الأمريكي أن سيشنز يملك معرفة كبيرة بآليات اتخاذ القرار بواشنطن. مستشار الأمن القومي الجديد الجنرال المتقاعد مايكل فلين مناهض للتطرف الإسلامي شغل مايكل فلين البالغ من العمر 57 عاما منصب مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية ما بين 2012-2014. وشغل أيضا منصب مساعد مدير الاستخبارات الوطنية، وخدم في العراق وأفغانستان. فلين الذي جاء ليعوض سوزان رايس معروف بمناهضته للتطرف الإسلامي ومواقفه التصالحية مع روسيا والصين، مثلما سبق أن أعلن عن ذلك في مأدبة عشاء جمعته شهر ديسمبر 2015 بموسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) مايك بومبيو من الصقور المعادية لإيران رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) عهدت لمايك بومبيو، البالغ من العمر 52 عاما وهو عضو مجلس النواب عن ولاية كنساس. وتم انتخابه تزامنا مع وصول حزب «الشاي «الجناح المحافظ المتشدد في الحزب الجمهوري إلى الكونغرس. بومبيو الذي يلقب ب«الصقر» يعد خصما متشددا للنظام الإيراني وللاتفاق النووي المبرم مؤخرا. كما كان بومبيو من بين أعضاء لجنة التحقيق في ملابسات اغتيال السفير الأمريكي كريس ستيفنس، إثر الهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي يوم 11 سبتمبر 2012 من قبل مجموعة متطرفة. وقد اتهم هيلاري كلينتون، التي كانت تشغل منصب كاتبة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية للتقليل من تهديدات هذه المجموعة الخطيرة، فضلا عن بروز فضيحة الرسائل الإلكترونية التي بعثتها عن طريق بريدها الإلكتروني الشخصي بخصوص أسرار خطيرة لم تفصح عنها، رغم أنها تشكل تهديدا على أمن الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما تسبب في خسارتها في الانتخابات الأمريكية الأخيرة. ستيف بانون: كبير المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض رافض للعولمة ينوي الحكم 50 سنة هو رئيس موقع بريتبارت اليميني المتطرف ومدير سابق لحملة دونالد ترامب. ولم يتوان في الإعلان عن «قوميته الاقتصادية»، مؤكدا سعيه لبناء حركة سياسية جديدة ترتكز على مخططات عمل كبيرة موفرة لمناصب الشغل وأغلفة مالية ضخمة بنسب فوائد قليلة، مضيفا أن ذلك يعد الوسيلة الوحيدة لإعادة بناء كل شيء. بنظر بانون فإن الداعين للعولمة قد حطموا الطبقة العاملة الأمريكية وخلقوا الطبقة المتوسطة في آسيا. وأوضح قائلا «أن مخطط الأعمال الكبرى من شأنه أن يحصد 60 بالمائة من أصوات البيض و40 بالمائة من أصوات السود والمنحدرين من أصول إسبانية وسنحكم لمدة 50 سنة». حسب الآراء المتداولة في الولاياتالمتحدةالأمريكية فإن نجاح ترامب، في تشكيل حكومة موحدة وفعّالة سيعتمد على قدرته على دمج ميوله الشعبوية مع أجندة الإصلاح للجمهوريين في الكونغرس، وإن تعييناته لكبار معاونيه وموظفيه بالبيت الأبيض تشير إلى أن هاتين النزعتين ستتنافسان داخل إدارته بالطريقة نفسها التي كانت خلال الحملة الانتخابية. الصحافة الأمريكية لا تستبعد أن يصدر الرئيس الأمريكي المنتخب خلال الساعات القادمة، تسميات جديدة أخرى لتشكيلة فريقه الحكومي المقبل، فضلا عن عقد لقاءات مع ممثلي المجتمع المدني وشخصيات جمهورية، خصوصا أحد أبرز منتقديه في الحزب الجمهوري ميت رومني المرشح للرئاسة الذي هزم في 2012. ترامب قال للصحافيين أمس، خارج جناح نادي الغولف الفخم الذي يملكه في بيدمينستر في ولاية نيوجيرسي، حيث عقد لقاءات طوال نهار أمس، «نلتقي مواهب رائعة.. أشخاص سيعيدون لأمريكا عظمتها كما أقول دائما».