وقّعت الجزائروموريتانيا أمس على 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم خلال اختتام الدورة 18 للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية الموريتانية، شملت قطاعات الخارجية والعدالة والصناعة والصحة والتكوين المهني والبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فضلا عن اعتماد خارطة طريق لتعزيز التعاون في شتى المجالات. كما أعلن الوزير الأول السيد عبد المالك سلال عن فتح معبر حدودي مع موريتانيا، لمضاعفة المبادلات التجارية مستقبلا، وإقامة مشاريع مهيكلة لا سيما في مجالات تكنولوجيات الإعلام والاتصال والتجارة والفلاحة والصيد البحري. الإشراف على توقيع هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تم مناصفة بين السيد سلال ونظيره الموريتاني السيد يحي ولد حدمين بقصر الحكومة، اللذين أكدا على ضرورة توسيع التعاون بين البلدين في المجالات الأمنية والاقتصادية والعلمية والثقافية والتقنية. الوزير الأول السيد سلال أكد في كلمته أن ما تم تحقيقه حتى الآن إيجابي جدا ومشجع بعد دخول اتفاقيات التعاون القنصلي والازدواج الضريبي حيز التنفيذ، بالإضافة إلى المكاسب المسجلة في تنمية الموارد البشرية عبر التعليم العالي والتكوين المهني واستثمارات الشركة الوطنية سوناطراك بموريتانيا في ميدان الطاقة. رئيس الهيئة التنفيذية دعا في هذا الصدد غرف التجارة والصناعة ورجال الأعمال، إلى تكثيف التواصل والمشاركة في المعارض واللقاءات الاقتصادية الثنائية من أجل اغتنام فرص الشراكة المتاحة. الوزير الأول الموريتاني يحي ولد حدمين أكد من جهته، أن الدورة الحالية ستكون فرصة لبعث المزيد من الديناميكية والنجاعة في العلاقات بين البلدين وتعزيز المكاسب والتطلع إلى الآفاق في العديد من المجالات، خاصة منها الفلاحة والصيد البحري والتجارة والصناعة والطاقة. كما اعتبر السيد ولد حدمين أن بروتوكولات واتفاقيات التعاون الممضاة على هامش هذه اللجنة مهمة جدا؛ لأنها ستعطي دفعا قويا لعلاقات التعاون بين البلدين. الوزير الأول الموريتاني: التعاون الأمني بين البلدين نموذج يُحتذى به المسؤول الموريتاني أشاد من جهته، بمستوى التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين، معتبرا إياه نموذجا يحتذى به في مسار توطيد الأمن والسلم في المنطقة. كما شدد على «أهمية التعاون الثنائي الذي يجمع بين الجزائروموريتانيا لمواجهة الجرائم العابرة للقارات، كالإرهاب والجريمة المنظمة والمتاجرة بالمخدرات، والتي تُعد ظواهر دخيلة على مجتمعاتنا». كما ثمّن السيد ولد حدمين مسار العمل المشترك بين البلدين، الذي يعكس اليوم «الإرادة القوية التي تحذو قائدي البلدين للدفع بالعلاقات الثنائية إلى أبعد مدى ممكن»، مضيفا أن ذلك ما تؤسس له الدورة 18. كما أشار إلى أن «المستوى العالي» الذي بلغته حلقات التشاور والتنسيق التي تجمع بين قائدي البلدين لمجابهة التحديات الدولية والإقليمية الراهنة، ساهم في «إنضاج العديد من المواقف والمقاربات المتشابهة بين الطرفين». على الصعيد المغاربي، أكد السيد ولد حدمين على ضرورة العمل على بناء صرح اتحاد المغرب العربي؛ باعتباره «خيارا استراتيجيا ملحّا». الجانبان أجمعا على أهمية تعزيز التعاون الأمني كشرط أساس للنهوض بالمنطقة، مع التأكيد على ضرورة توثيقه وتنسيقه بشكل مكثف، إذ أوضح السيد سلال في هذا السياق، أن الأزمة الليبية مازالت تشكل تحديا كبيرا لدول المنطقة على المستوى الأمني، في حين ذكّر بما بذلته الجزائر من جهود لتقريب وجهات النظر والدفع نحو حل سياسي؛ باعتباره الوحيد والكفيل بالحفاظ على وحدة ليبيا وسلامة ترابها وسيادتها من خلال حوار وطني ومصالحة، تسمح بتطبيق اتفاق 17 ديسمبر 2015. المسؤول الموريتاني أكد وجدد موقف بلاده القاضي بأن الحل يكمن في التوصل إلى اتفاق شامل بدون إقصاء بين الأشقاء الفرقاء؛ للحفاظ على الوحدة الترابية لهذا البلد، والسماح بإعادة إعماره، مؤكدا دعم نواقشط المبادرة الإفريقية الأخيرة التي تمخضت عنها قمة دول الجوار الليبي المنعقدة الشهر الماضي في أديس أبابا بمشاركة البلدين. فيما يتعلق بالوضع في الساحل أوضح سلال أنه يظل انشغالا أساسيا، «يدعونا إلى مواصلة التشاور وتكثيف الجهود من أجل مواجهة الأخطار المختلفة وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني»، مع التأكيد على أن مسار التسوية السلمية في الجارة مالي، يمر عبر تنفيذ اتفاق الجزائر والتزام جميع الأطراف بكل بنوده ومرافقة المجموعة الدولية. الجانبان أكدا على تطابق وجهات نظرهما إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وإيجاد حل دائم وعاجل للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، علاوة على إيجاد حلول كفيلة بحقن الدماء في عدد من الدول العربية، كسوريا والعراق واليمن، تحفظ لهذه البلدان وحدتها الترابية، وتحقق التناغم بين مكونات شعوبها. ولد حدمين: سنفتح كل الأبواب وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد تحادث مع نظيره الموريتاني، الذي ترحم قبل ذلك بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة، على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة. الوزير الأول الموريتاني كان مرفقا بوزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل. ووضع السيد ولد حدمين إكليلا من الزهور بمربع الشهداء، وقرأ فاتحة الكتاب على أرواح شهداء الثورة التحريرية. رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح كان استقبل مساء أول أمس، الضيف الموريتاني والوفد المرافق له. وأوضح بيان مجلس الأمة أن هذا اللقاء سمح باستعراض «العلاقات الثنائية بين البلدين، وترقيتها وتوسيعها إلى مجالات أخرى على ضوء اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين». السيد ولد حدمين كان وصل مساء أول أمس إلى الجزائر، مشيدا في تصريح صحفي أدلى به في القاعة الشرفية بمطار هواري بومدين، ب «العلاقات المتميزة التي تربط البلدين»، معتبرا هذه الدورة «فرصة لفتح آفاق مستقبلية بين الطرفين في كل المجالات». ضبط خارطة طريق لتنفيذ الاتفاقيات تنوعت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المبرمة أمس، بين الجزائروموريتانيا لتشمل مختلف القطاعات بحضور الوزراء المعنيين، والتي عكفت لجنة المتابعة على صياغتها. وتتعلق في شقها الاقتصادي بأربع اتفاقيات ومذكرات تفاهم. كما تم لأول مرة الخروج بخارطة طريق طُرحت على الوزير الأول السيد عبد المالك سلال ونظيره الموريتاني؛ باعتبارهما رئيسي اللجنة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه. في هذا الصدد تم التوقيع على بروتوكول للتعاون المؤسساتي بين وزارتي العدل لكلا البلدين، من قبل وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح ونظيره الموريتاني إبراهيم ولد داده، فضلا عن إبرام اتفاق تعاون في مجال الوظيفة العمومية وعصرنة الإدارة بين المديرية العامة للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، ونظيرتها الموريتانية من قبل كل من وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل ووزير الوظيفة العمومية والعمل وعصرنة الإدارة، سيدنا عالي ولد محمد خونا. كما وقّع السيد مساهل رفقة السيد ولد محمد خونا، على بروتوكول للتعاون المشترك في مجال العمل والعلاقات المهنية، إضافة إلى اتفاقية للتعاون الثقافي بين البلدين، وقّع عليها كل من السيد مساهل والوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المكلفة بالشؤون المغاربية والإفريقية والموريتانيين بالخارج، خديجة امبارك فال. الوزيران وقّعا كذلك على اتفاقية تعاون في مجال الإسكان والعمران والمدينة، وعلى مذكرة تفاهم في مجال التكوين المهني، وعلى اتفاقية شراكة بين الوكالة الوطنية للتشغيل بالجزائر ونظيرتها الموريتانية. كما وقّع السيد مساهل والسيدة أمبارك فال أيضا على مذكرة تفاهم حول إنشاء لجنة تقنية في مجال الموارد المائية، وعلى اتفاقية تعاون تتعلق بالحماية المدنية، علاوة على برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الشؤون الدينية والأوقاف لسنوات 2017-2019. من جهة أخرى، وقّع الوزيران على مذكرة تفاهم تخص مجالات الحماية الاجتماعية والأسرة والطفولة والأشخاص ذوي الإعاقة والتكوين المتخصص للمؤطرين الاجتماعيين. كما تضمنت قائمة الاتفاقيات التي تمخضت عن هذه الدورة، مذكرة تفاهم في مجال التقييس وإدارة الجودة بين الديوان الوطني للمترولوجيا القانونية بالجزائر وإدارة التقييس وترقية الجودة لموريتانيا، وقّع عليها كل من وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب ووزيرة التجارة والصناعة والسياحة الناها بنت حمدي مكناس. الوزيران وقّعا أيضا على مذكرة تفاهم في مجال الاعتماد بين الهيئة الجزائرية للاعتماد (ألجيراك) وإدارة التقييس وترقية الجودة بوزارة التجارة والصناعة والسياحة لجمهورية موريتانيا. على صعيد آخر، وقّعت كل من وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال هدى إيمان فرعون والسيدة فال، على اتفاقية-إطار للتعاون الثنائي في مجال البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون بين المدرسة الوطنية للإدارة والمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء لموريتانيا من طرف المديرين العامين للمدرستين عبد الحق سايحي وعلي ولد أعلاده.