تعتبر القشابية بولاية تيارت موروثا تاريخيا حقيقيا لا يمكن الاستغناء عنه،على اعتباره أحد مقومات شخصية سكان الولاية منذ سنوات عديدة، يتداوله السكان أبا عن جد ولم يتأثر بفعل مختلف العوامل، بالرغم من عزوف شريحة الشباب حاليا عن ارتدائه وتفضيلهم اللباس الغربي، إلا أن في مناطق عديدة من الولاية كالسوقر، قصر الشلالة، زمالة، الأمير عبد القادر، سرقين وعين الذهب والفايجة، مازال قاطنوها يحافظون على القشابية ويفضلونها عن غيرها من اللباس، خاصة في فصل الشتاء والبرودة الشديدة التي تتميز بها تلك المناطق، بحيث لا يخلو منزل من القشابية التي يعتبرها العديد من السكان أنها من مقومات الشخصية الوطنية، على اعتبار السلف من أباء وأجداد ومجاهدي الثورة التحريرية المجيدة، كانت القشابية تمثل لهم اللباس المحترم الذي يليق بالرجل كما أنه يقي من البرودة، ناهيك على أنه لباس ستر وحرمة، ويعطي أناقة وخصوصية لمن يرتديه. عزوف الشباب عن القشابية وتراجع في خياطتها مالاحظناه اليوم ونحن بصدد إنجاز هذا الروبورتاج عن القشابية، أن شباب اليوم في مختلف المناطق، لا يعطي أهمية للقشابية بدليل تفضيله مختلف أنواع الألبسة الأخرى على ارتداء القشابية، بالرغم من تواجد بعض الشباب في مناطق مختلفة بالولاية، خاصة السهبية منها التي تتميز بالبرودة الشديدة، مازالوا يحافظون على ارتداء القشابية ويحرصون على تواجدها واقتنائها من بعض المحلات المخصصة لخياطة وبيع القشابية التي تراجع عددها بشكل كبير وملفت، خاصة في المناطق المشهورة بها بولاية تيارت، على غرار دائرة السوقر المعروفة منذ القدم بخياطة وبيع وترويج القشابية، بحيث أكد لنا بعض الخياطين بالمنطقة أن طلب القشابية تراجع بشكل كبير في مختلف المناطق، بدليل أن عددا معتبرا من المحلات المختصة في ذلك أغلق أصحابها وغيروا نوع التجارة، فيما بقي عدد قليل محافظا عليها، والسبب في ذلك، أرجعه التجار وأصحاب الحرف إلى عزوف الشباب عن ارتدائها وتفضيلهم ألبسة أخرى على القشابية. جلابة «صوف الجمل» أو الوبر تضاهي 15 مليون سنتيم أكد لنا أحد المختصين في خياطة وبيع القشابية ذات الجودة العالية، أن المصنوعة منها من صوف الجمل المعروفة محليا باسم جلابة الوبر، تعتبر الأغلى ثمنا حيث يصل سعر البعض منها إلى 15 مليون سنتيم وفي بعض الأحيان تتجاوز بكثير هذا السعر، فيما أكد لنا أن هناك غشا في خياطة القشابية وبيعها، على اعتبار اختلاط صوف الجمل مع صوف آخر سواء الغنم أو غيرها، لكن يؤكد الحرفي أن جلابة الوبر الحقيقية معروفة ولها ميزة وخصوصية، كونها تتميز بوزنها الخفيف ولونها، إضافة إلى الجودة العالية والإتقان في خياطتها، من حرفي إلى آخر، فيما يتداول بعض السكان على شراء أنواع أخرى من القشابية كجلابة الصوف، أو الملف الخ، لكن أسعارها أقل بكثير من جلابة الوبر أو صوف الجمل التي تبقى دون منازع القشابية المطلوبة، نظرا لنوعيتها وخصوصيتها. الدولة مطالبة بالتدخل لمساعدة الحرفيين للحفاظ على صناعة القشابية المختصون في مجال الحرف والصناعات التقلدية، خاصة فرع خياطة القشابية بولاية تيارت، يطالبون من الهيئات المختصة والمشرفة على المجال التدخل من خلال تخصيص حيز لهذه الحرفة وإدراجها ضمن برامج التكوين المهني، حفاظا عليها من الاندثار، خاصة أن عزوفا كبيرا سجل لدى الشباب سواء في اقتناء القشابية أو القيام بخياطتها.