شرعت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري أمس، في جرد الأضرار التي تسببت فيها الاضطرابات الجوية الأخيرة التي مست عدة ولايات من الوطن. وحسب مصادرنا، فقد اقترح كل من الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين والغرفة الوطنية للفلاحة تخصيص دعم مالي للمتضررين خاصة أنهم من فئة المهنيين الصغار، وذلك لضمان استمرارية النشاط الفلاحي. نظمت الغرفة الوطنية للفلاحة، بالتنسيق مع مديريات الفلاحة خرجات ميدانية لعدة بلديات ريفية للوقوف على حجم الأضرار المادية التي لحقت بالحقول وإسطبلات المربين. وحسب الأصداء الأولية، فقد سجلت خسائر لدى مربي الأغنام والأبقار الحلوب وتربية الدواجن بنسب كبيرة، في حين سجلت حالات لإتلاف مستثمرات زراعية بمنطقة الشلف بعد الفيضانات التي مست المحيطات الفلاحية القريبة من الأودية. وقد طالب الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين بمساعدة المهنيين المتضررين خاصة غير المؤمنين، من منطلق أن الخسائر التي تكبّدوها تخص آثار الاضطرابات الجوية المصنفة في خانة الكوارث الطبيعية، ونظرا لمداخليهم الصغيرة فهم غير قادرون على تأمين مستثمراتهم الفلاحية من منطلق أن نشاطهم يدخل في إطار توفير مستلزماتهم اليومية من المواد الزراعية وتسويق جزء بسيط منها فقط. وتمت دعوة الوزير الأول عبد المالك سلال إلى تخصيص دعم مالي لتغطية قيمة الخسائر وضمان مزاولة النشاط الفلاحي في المناطق الريفية النائية، خاصة أن الخسائر الكبيرة سجلت وسط مربي الأغنام وأبقار الحلوب ومربي الدواجن بسبب غلق الطرقات ما حال دون تمكنهم من جلب الكلأ لحيواناتهم، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي وتذبذب التزود بقارورات غاز البوتان، مما ساهم في نفوق عدد كبير من الدواجن، خاصة أن درجات الحرارة انخفضت إلى مستويات قياسية مما أضر بنشاط المربين الصغار خاصة الناشطين في السوق الموازية التي تموّن السوق ب70 بالمائة من منتوج اللحوم البيضاء. من جهتهم، سارعت كل من الفدرالية الوطنية لمربي المواشي والمجلس المهني لشعبة الدواجن لمطالبة الوزارة الوصية بالتدخل لدى بنك الفلاحة والتنمية الريفية لدراسة ملفات الفلاحين والمربين المستفيدين من قروض بنكية بالنسبة للموسم الفلاحي الجاري، قصد إعادة جدولة ديونهم وتمديد آجل التسديد للسنة الفلاحية المقبلة بالنظر إلى الخسائر التي سجلوها. الثلوج تؤثر سلبا على أسعار الخضر والفواكه في سوق الجملة وأشارت مصادرنا إلى أن أهم انعكاس للاضطرابات الجوية الأخيرة هو الارتفاع الجنوني لأسعار مختلف أنواع الخضر والفواكه، على غرار منتوج البطاطا الذي بلغ عتبة 80 دج في بعض الأسواق، وهو ما أرجعه الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين السيد محمد عليوي في تصريح ل»المساء» إلى توقيف كل عمليات جني المحصول منذ أكثر من 25 يوميا، وهو ما سبب اضطرابات في تموين السوق المحلية وفتح الباب على مصرعيه أمام المضاربة بالمنتجات الفلاحية التي كانت مخزنة. من جهتها، سارعت وزارة الفلاحة الأسبوع الفارط بعد لقاء استعجالي مع مدير الديوان الوطني للخضر والفواكه إلى إصدار قرار إخراج أكثر من 10 آلاف طن من البطاطا المخزنة في إطار نظام ضبط المنتجات واسعة الاستهلاك «سيربلاك» لتدعيم السوق، والضغط على قانون العرض والطلب لخفض الأسعار إلى 50 دج. بالمقابل، ارتفعت أسعار الطماطم في سوق الجملة إلى 150 دج في حين بلغ سعر «الكوسة: 110دج وتراوحت أسعار البطاطا بين 42 دج بالنسبة لمنتوج عين الدفلى و52 دج بالنسبة لمنتوج الصحراء. وحسب تصريح عدد من تجار الجملة ل»المساء» أمس، فإن اضطرابات التموين بالمنتجات الفلاحية خلال الأيام الأخيرة وراء ارتفاع الأسعار، مع تسجيل تدني في نوعية البضائع التي يتم شراؤها لدى الوسطاء الذين استغلوا الوضعية لرفض قانونهم الخاص ورفع عتبة الأسعار. منافع الاضطراب الجوي غطت على قيمة الخسائر بالمقابل أكدت مصادرنا من وزارة الفلاحة استحسانها لقدوم الأمطار الشتوية في الوقت المناسب لسقي المستثمرات الفلاحية خاصة القمح، مع العلم أن السنوات الماضية تميزت بالجفاف، مما جعل الفلاحين يضطرون إلى تخصيص استثمارات مالية ضخمة لضمان سقي مزارعهم عبر تقنيات السقي التكميلي والسقي بالتقطير، وهو ما يتطلب اقتناء معدات خاصة يتم جلبها من ممونين أجانب بأسعار خيالية. الأمين العام للفلاحين الجزائريين محمد عليوي توقع ارتفاع مستوى المياه الجوفية خاصة في منطقة المتيجة المشهورة بالحمضيات بعد أن بلغت مستوى متخوفا خلال السنوات الفارطة، وجعل السلطات المحلية تجمد كل تراخيص حفر الآبار، الأمر الذي هدد مستقبل العديد من الفلاحين وأتلف اللآلاف من الأشجار المثمرة، مشيرا إلى أن إنتاج الحمضيات بالنسبة لهذه السنة الفلاحية سيكون معتبرا بعد ارتفاع المياه الجوفية لأكثر من 20 مترا، وهو ما يسمح بتغطية طلبات كل الفلاحين من المياه للرفع من قدرات الإنتاج لتلبية طلبات السوق المحلية وتصدير فائض الإنتاج إلى الأسواق الإفريقية والأوروبية.