نظّمت الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، أوّل أمس، بميدياتيك "بشير منتوريط ندوة فكرية خاصة بعلاقة الثقافة والاتصال نشّطها الأستاذان نصر الدين لعياضي وعاشور فني قدّما فيها إيضاءات عن التحوّلات التي يشهدها الإعلام ومدى علاقته بالثقافة كقيمة معرفية واجتماعية. أشار الدكتور لعياضي إلى أنّ الاتصال مظهر يتجلى في حياتنا اليومية وهو شبيه بالأداء المسرحي وأحيانا يكون بلغة لا تعكس حقيقة الواقع، ومن ذلك مثلا التواصل عبر الشبكات الاتصالية حيث يصوّر الأفراد أنفسهم على غير حقيقة الواقع، وأصبحت المواقع -حسب المتحدّث- تفرض حياة مشاعة لا خصوصية فيها وفلتت من الرقابة وأصبحت إدارة المرئي ليست بالهينة حتى من طرف السياسيين أنفسهم. تحدّث لعياضي عن الاتصال المفارقاتي الذي تجتمع فيه كلّ التناقضات، فنجد شبكات عنكبوتية منفتحة على الجماعات والأفراد، لكنها رغم التواصل ولدت الانفصال، ورغم الانفتاح تسبّبت لهؤلاء في العزلة عن واقعهم المعيش، ورغم الحرية في الاتصال كانت هناك رقابة، وتسيير من وراء الستار لقوى ما، وكأنّ هؤلاء أصبحوا عبيدا يراقبون ويوجّهون، وأصبح الواقع خيالا أو عالما افتراضيا وأصبحت الصورة والأصل شيئا واحدا. من جهة أخرى، تحدّث الضيف عن مسيرة وسائل الاتصال بين القديم والحديث، وكيف حدث التمازج معطيا مثالا عن "التايمز" التي اختلفت صورة ومضمونا بين سنة 1830 واليوم، وسمى ذلك بالنشأة المستأنفة لوسائل الاتصال والإعلام. هناك أيضا مسألة اللغة، التي أحدثت شروخات أضيفت للتوتر اللغوي الحاصل في المجتمع، وكذا كثرة الاتصال الذي قتل الاتصال، بسبب كثرة وترسانة وسائل الاتصال والإعلام، علما أنّ كثرة المعلومات قد تغرق أيّة قضية وتحرمها من النقاش، وهو ما يعرف بالصمت اللولبي الذي تخطّط له أجندات واستراتيجيات لضبط التفكير ولإبعاد الناس عن قضاياهم الحقيقية. بدوره، تحدّث الدكتور عاشور فني عن "الثقافة والوسائط الجديدة"، وهنا أكّد أنّ الوسيط ليس وسيلة الإعلام، بل هو الفكرة والمنظور، فالإنسان الفلاح ثقافته فلاحية، لها علاقة بالطبيعة، وهكذا فلكلّ بيئة ثقافتها، وابتكرت لها وسائل نقل الأفكار والوسائط، لكن مع تطوّر وسائل الاتصال من تلفزيون وفضائيات، لم يعد العالم قرية واحدة، بل شاشة، وهي غالبا غير ثابتة كما كانت في المفهوم التقليدي. عن الوسيط الثقافي، قال إنّه كان في البدء شفويا، يزيد وينقص، حسب الأساطير القديمة المورثة التي تنتهي بالكلام، تماما كما كان الحال عند الفراعنة والإغريق وغيرهم، فقد تأسّست الهويات بالأسطورة ثم تطوّر الشفوي إلى رسوم ثم إلى كتابة، جاءت بعدها مرحلة العقل والتفكير، وهنا تأسّس الاستقرار وظهرت الدولة المركزية التي استمرت حتى العصر الحديث، حيث بداية التفكير الفلسفي وظهور الطباعة، ثم مرحلة المجتمع الصناعي وصراع الطبقات، وبالتالي ظهرت ثقافة جديدة مستقلة عن الدين (المقدس) والأسطورة، وخرجت من خطها الدائري المغلق إلى خطّ مستقيم، تتوالى فيه النقاط، وولد الفكر العلمي والحركات الاجتماعية والديمقراطية وتحوّل إلى صراع الطبقات، وبالتالي ظهرت ثقافة جديدة مستقلة عن الدين (المقدس) والأسطورة، وخرجت من خطها الدائري المغلق، إلى خط مستقيم تتوالى فيه النقاط، وولد الفكر العلمي والحركات الاجتماعية والديمقراطية، وتحوّل الإنسان من كونه رعية إلى مواطن أيّ أنّه لم يعد يؤمن بالمقدّس بل يطلب الإقناع والمحاورة. تطرّق المتحدّث إلى مسألة الصورة في المجتمعات الإلكترونية، حيث حوّل التراث البشري إلى محتويات الوسائل الاتصالية، لتغذية الفكر المعاش للمواطن، ليس ككائن مفكّر بل لجعله مستهلكا، ينبغي إغراؤه لا إقناعه، ويتطلّب ذلك تعطيل قدراته العقلية وروابطه الاجتماعية، وبالتالي يتحوّل المجتمع من أمة إلى فرد، ويتم برمجة تعديل سلوك الفرد وحتى جدول نشاطه اليومي، ويصبح يعيش اللحظة وكفى، ولا ينتظر ما تخطّطه السلطة المركزية، وتحوّل الزمن من السنوات ثم الشهور إلى مجرد لحظة، لا قبل ولا بعد لها، وألغي العقل وثمّن التفاعل الذي يمثّله الشباب ورسمت معايير للجمال والبطولة، وأصبح نجوم الفن أهم من الشهداء أو العظماء في الترويج للأفكار والمشاريع، وتوجيه الرأي العام، وطبعا فإنّ هؤلاء النجوم لا معارف ولا قدرات لهم، يخدمون بها الناس نحو الآفاق، وهي مرحلة خطيرة تعاكس مراحل التنوير والعقل في التاريخ المعاصر. أشار الأستاذ فني إلى أنّ وسائل الإعلام اليوم لا تبحث عن زرع الوعي والأفكار بل تلهث وراء الاستجابة والحضور الآني للمشاهد ولا يهمها العقل، لذلك أغلب ما يكون تفاعلا عاطفيا وعراكا بالأيادي وصراخا بدل المجادلة وتغلّب الانتباه عن جلب الرأي، موضحا أنّ أصبحت الأرض اليوم بلا جغرافيا فهي رمشة عين وكبلت التكنولوجيا حرية الإنسان. أثناء المناقشة، اتّفق الجميع على أنّ مستقبل البشرية مجهول، واستنكر البعض دور وسائط الاتصال التي سلبت من بعض وسائل الإعلام التقليدية دورها وأصبح لها مصطلحاتها ومقاييسها وقوانينها والخطير هي أنّها أصبحت نموذجا أو مصدرا لوسائل الإعلام التقليدية سواء في نوعية الخطاب أو في الصورة. تمّ التطرق أيضا لموضوع "الفايسبوك" الذي لا يستعمل في الولاياتالمتحدة ويستعمل في المرتبة الثالثة في أوروبا بينما ينتشر في البلدان العربية وإفريقيا وهو لا يصلح إلا للدردشة السطحية ولا وظيفة خدماتية له عكس "التويتر" مثلا، وأصبحت هذه الشبكات، حسبما جاء في الندوة، تفرض القضايا ولغة الخطاب والاتّجاهات الكبرى . ثقافيات «ماديبا" تكريما لنيلسون مانديلا في إطار إحياء الذكرى ال27 لإطلاق سراح مانديلا، قدمت أوبرا "بوعلام بسايح" في الجزائر، أول أمس، كوميديا موسيقية بعنوان "ماديبا"، تكريما لزعيم مقاومة الأبرتايد في جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا، من تنظيم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وإخراج البلجيكي بيار إيف دوشين. استعرض قرابة عشرين ممثلا بين مغنين وراقصين وممثلين، المسار النضالي لنيلسون مانديلا، من خلال أغان وعروض كوريغرافية أبرزت نضاله من أجل التسامح والسلم والتعايش، على أنغام موسيقى الزولو والأناشيد التقليدية، حيث سلّط العرض الضوء على قصة حب بدت في بدايتها مستحيلة بين هيلينا فتاة من البيض، وويليام فنان شاب أسود، ضحية نظام الأبرتايد، وبينت كيف أن الزوج تمكن من تحقيق حلمه بفضل نضال نيلسون مانديلا لصالح المساواة بين الأعراق. حضر التكريم وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الذي أبدى ارتياحه لتقديم هذا العرض الذي يمثل عرفانا لشخصية مانديلا، الذي تميّز بنضاله ومبادئه بعد خروجه من السجن في 11 فبراير 1990، مذكرا أن نيلسون مانديلا زاول تكوينه العسكري بالجزائر سنة 1962، معلنا أنه سيتم عرض شريط طويل معنون للمخرج البريطاني جون إريفين حول تكوين مانديلا العسكري بالجزائر وإثيوبيا سنة 1962، في إطار الأيام الثقافية لجنوب إفريقيا في الجزائر. للإشارة، حضر العرض وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، وممثلون عن السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. ‘'هواجس الممثل المنفرد بنفسه" في القاهرة عرض فيلم "هواجس الممثل المنفرد بنفسه" للمخرج الجزائري حميد بن عمرة، أول أمس بسينما "الهناجر" بالقاهرة، في إطار أنشطة نادي السينما الإفريقية التابع لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية. تدور أحداث هذا العمل الذي يعتمد على الكثير من صور الأرشيف، حول اهتمامات وأحلام وطموحات وفلسفة فنان مسرحي، وهو بمثابة تكريم للفنانين والسينمائيين ورجال الثقافة في الجزائر والبلدان العربية، وسبق للفيلم أن عرض في الدورة الخامسة لمهرجان الأقصر، حيث فاز بتنويه خاص من لجنة التحكيم. وعرض الفيلم الجزائري في هذا النشاط الذي ينظّمه مهرجان الأقصر إلى جانب ثلاثة أفلام أخرى قصيرة وهي "الذهب الأبيض" للمخرج أداما سالى من بوركينا فاسو و«أسماك من الأرض" للمخرج إميل شيفجى من تنزانيا و«وراء الكلمات" للمخرجة مارى كلمنتين من رواندا. وتنظم عروض نادي السينما الأفريقية إدارة مهرجان الأقصر السينمائي بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية ومركز الهناجر للفنون بغرض إطلاع جمهور الفن السابع في مصر على المدارس والتجارب السينمائية المختلفة في دول القارة السمراء وتنظيم ندوات عنها يشارك فيها سينمائيون. ‘'الافتتان على سفح جبال كردادة" ببوسعادة سيتم ضمن فعاليات الأيام السينماتوغرافية المنظّمة ببوسعادة (المسيلة) التي تدوم إلى غاية 14 فبراير الجاري تقديم العرض الأوّل للفيلم الوثائقي "الافتتان على سفح جبال كردادة ببوسعادة" (المسيلة) الذي أنتجته مديرية الثقافة. واستنادا لمدير الثقافة محمد الشريف بوهالي فإنّ هذا الفيلم الوثائقي يعكس ويصوّر المناظر الطبيعية لواحدة من الأماكن التي جذبت لها عديد المخرجين من جميع أنحاء العالم، وستتميز هذه التظاهرة بعرض عديد الأفلام على غرار "البئر" للطفي بوشوشي و«خارجون عن القانون" لرشيد بوشارب و«العقيد لطفي" لأحمد راشدي و«حراقة بلوز" لموسى حداد و«وقائع سنين الجمر" لمحمد لخضر حامينا. ويتضمّن برنامج التظاهرة كذلك عرض مسار امرأة بسنيماتيك الجزائر العاصمة "خضراء والآخرون" لسهام مراد الذي يروي تاريخ امرأة تعمل بسينيماتيك الجزائر فضلا عن تقديم مداخلة حول "تاريخ السينما الجزائرية" من طرف نبيل حاجي، وسيتم ضمن فعاليات هذه التظاهرة الثقافية تنظيم معارض حول بانوراما السينما وصور تجسد مدينة بوسعادة. وتهدف هذه التظاهرة كما أوضحه السيد بوهالي أساسا إلى تشجيع وترقية الإنتاج السينمائي وإثراء نقاش حول هذا الموضوع فضلا عن اكتشاف مدينة بوسعادة وترقية السياحة بها.