وقعت الجزائر والسعودية أمس، بالعاصمة 8 مذكرات تفاهم تخص اتفاقيات شراكة في قطاعات مختلفة، أهمها مشروع في مجال تعدين وتحويل الفوسفات بقيمة إجمالية تقدر ب15 مليار دولار. وكان التوقيع ثمرة اجتماع منتدى رجال الأعمال للبلدين الذي ترأسه وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب ووزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد بن عبد الله القصبي، اللذان أكدا على ضرورة تعزيز فرص الشراكة النوعية بين الجانبين، مؤكدان صلابة العلاقات الثنائية سياسيا وأهمية انعكاسها على المجال الاقتصادي. وإذا كان التوقيع على الاتفاقيات مؤشرا لاهتمام رجال أعمال البلدين بتجسيد شراكات فعلية، فإن الوزيرين شددا في كلمتهما الافتتاحية على وجود إرادة سياسية حقيقية لدى قيادتي البلدين لدعم وتعزيز العلاقات بينهما، وهو ما أشار إليه السيد بوشوارب عندما قال إن «كلا من الجزائر والمملكة السعودية انطلقتا في تنفيذ خطط لتنويع الاقتصاد، وأرى في هذا المجال آفاقا واعدة للتعاون، وما النتائج التي خلصت إليها لجنتنا المشتركة إلا دليل على الإرادة السياسية القوية لبلدينا». من جانبه، اعتبر السيد القصبي أن مثل هذه اللقاءات «تعزز العلاقات الثنائية خاصة التجارية والاستثمارية ... بما يخدم مصلحة البلدين، ولابد أن نتعاون لتنمية التجارة والاستثمار بيننا»، مؤكدا توجيه خادم الحرمين لتوجيهات لتعزيز العلاقات وتنميتها بما يخدم مصالح البلدين. وتؤشر هذه الاتفاقيات لتوفر فرص هامة بين الجزائر والسعودية اللتان تمران بأوضاع اقتصادية مماثلة في ظل التراجع الحاد في أسعار النفط، وهما المعروفان باعتمادهما الكبير على مداخليهما من النفط في تمويل الميزانية. وهو ما لمح إليه وزير الصناعة والمناجم حين تحدث عن «الوضع الصعب الذي نواجهه معا». بوشوارب للسعوديين: ستحظون بكل الدعم لتحققوا مشاريعكم تعمل الجزائر والسعودية على تنويع اقتصادهما، وهو ما يدفعهما إلى التشديد على أهمية ربط التواصل بين رجال أعمال البلدين، لاسيما بعد أن تأكدت الإرادة السياسية لدى القيادات العليا في البلدين لتجسيد مشاريع شراكة حقيقية. وذلك ما عبّر عنه السيد بوشوارب حين خاطب المتعاملين الاقتصاديين السعوديين قائلا إنهم سيحظون «بكل الدعم والاهتمام والمساعدة لتحقيق مشاريعهم». وذكر أنه خلال الفترة الممتدة من 2002 إلى 2015، تم تسجيل 16 مشروعا استثماريا في إطار شراكة جزائرية سعودية تم تجسيد معظمها في فروع الصيدلة والصناعات الكيماوية والصناعات الغذائية والإسمنت والمحولات الكهربائية. بالإضافة إلى مشاريع في قطاعي الخدمات والسياحة. وجاءت المشاريع الموقعة أمس، لتدعم هذا الاتجاه ويتعلق الأمر خصوصا بمشروع «ضخم» بقيمة إجمالية تقدر ب15 مليار دولار. وحسب رئيس مجلس الأعمال الجزائري السعودي رائد المزروع، فإن المشروع يتضمن «إنشاء شركة واحدة في مجال تعدين الفوسفات والصناعات المشتقة من خام الفوسفات والبنى التحتية اللازمة لتعدينه مثل الميناء والقطار وبعض المرافق الأخرى»، مشيرا في تصريحات صحفية إلى أن إجمالي المشروع سيكلف 15 مليار دولار بشراكة بين شركتي «اسميدال» و»منال» الجزائريتين والشركة القابضة السعودية «راديولا». وحسب مصادر قريبة من المشروع، فإن الجزائر التي تمتلك احتياطات بأكثر من 2 مليار طن من الفوسفات، تعمل على تطويرها وتحويلها بدل بيعها خاما. وأكدت أنه سيتم تحويل 15 مليون طن من الفوسفات في موقعي وادي كبريت والعوينات مباشرة إلى الحمض الفوسفوري ومواد كيميائية أخرى، والذهاب نحو إنتاج أسمدة لبيعها في السوق الجزائرية وتصديرها. وتتعلق الاتفاقيات الموقعة أمس في مجال الفوسفات بثلاثة مشاريع، الأول يخص الصناعات التحويلية للفوسفات والثاني لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية بمنطقتي واد كبريت وحجر السود في تبسة والثالث لتحويل الغاز الطبيعي من أجل إنتاج الأسمدة الطبيعية. كما ينص الاتفاق على إنشاء شركة مشتركة لتطوير واستغلال وتثمين وتسويق الفوسفات بالمنجم الجديد «جبل العنق» جنوب ولاية تبسة، وإنشاء البنى التحتية وتوفير وتكوين الإطارات المتخصصين في المجال. وحسب مصادر، فإن المشروع سينطلق هذا العام ويفترض أن يشرع في الإنتاج نهاية سنة 2019. أما الاتفاقيات الأخرى، فتخص شراكة بين شركة «تونيك» لصناعة الورق وشركة «الصنوبر» لصناعة الورق السعودية، في مجال تصنيع الورق من خلال تأهيل الخط الحالي للإنتاج وإنشاء خط جديد لإنتاج الورق المقوى بطاقة إنتاج 220 ألف طن سنويا وبقيمة 108 ملايين دولار، بآجال إنجاز تمتد إلى غاية 2019. ويخص الاتفاق الخامس، إقامة شراكة بين مؤسسة بن نافع للمشروبات الجزائرية وشركة عبر للخليج وعاد للتجارة السعودية في مجال إنتاج المشروبات، فيما يتعلق السادس باتفاق بين شركة «ايريس جي سي» للصناعة وشركة «المرجان» السعودية في مجال الخدمات الفندقية والصيانة، لإنشاء شركة مختلطة في مجال الخدمات والصيانة الفندقية. أما الاتفاقين السابع والثامن فيخصان مذكرة تفاهم بين الدكتور أحمد بن عثمان القصبي، ممثل الشركة الفنية لتنظيم التقنية «أ.بي.أس» والدكتورة عيساني فريدة المديرة العامة لمركز التشخيص الطبي «أزور ميديكال» وتتعلق بتوطين التقنية في المجال الصحي وعصرنة البرمجيات لخدمة القطاع الصحي والمستشفيات وإدارة المحتويات الطبية.