بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة برقية تعزية إلى أسرة المجاهد عبد الرحمن الحاج صالح الذي وافته المنية أمس، أشاد فيها بما قدمه الفقيد من أعمال جليلة في النضال الوطني ومهام نبيلة في مجال العلم والمعرفة. وجاء في برقية التعزية «نعي إليّ نبأ انتقال المجاهد والأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح إلى رحمة الله وعفوه، تاركا فراغا هائلا في نفوس أهله ورفاقه وطلبته وزملائه، نسأل الله العلي القدير أن يكرم مآبه ويجزل ثوابه، كفاء ما قدم إلى وطنه من أعمال جليلة في النضال الوطني، وما أدى من مهام نبيلة في مجال العلم والمعرفة». وذكر رئيس الجمهورية بأن المرحوم نذر شبابه «من أجل تحرير وطنه المفدى، إلى جانب كل اللائي والذين كافحوا بالقلم والكلمة في الداخل والخارج، لتسمع كلمة الجزائر في كل محفل وعلى كل منبر». وأضاف الرئيس بوتفليقة «عرف الفقيد بوطنيته وإخلاصه، وكان قامة في علوم اللغة واللسانيات، واجتهد حتى أصبح أحد أعمدتها وخبيرا دوليا في هذا المجال، كما أمضى جل عمره منقبا وباحثا في لغة الضاد التي يراها أصل كل اللغات والألسن تمتلك التطور والبقاء، وقد ظل يبث هذه الأفكار السامية في وعي طلبته على مدى عقود من الزمن». كما ثمّن رئيس الجمهورية الرصيد الذي خلفه الفقيد، والذي يمثل «زادا ثريا من المؤلفات العلمية والبحوث التقنية والنقدية أغنى بها مشهد الثقافة والمعرفة في بلادنا، وتزكى بها مسيرة النهضة الوطنية وتنهل منها الأجيال الصاعدة، ويرجع إليها المختصون في اللسانيات في أبحاثهم». وختم الرئيس بوتفليقة برقيته بالقول «وإذ أعزي أسرته اليوم ورفاق دربه، أبتهل إلى المولى أن يبعثه مقاما يرتضيه له مع الذين سبقوه إلى جنات الخلد من الأبرار والصديقين، وأن يتنزل في قلوب أفراد أسرته وذويه وطلبته جميل الصبر والسلوان». «وبشر الصابرين الذين إذأ أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون». الفقيد عبد الرحمان حاج صالح، رئيس المجمع الجزائري للغة العربية، توفي صبيحة أمس، بمستشفى عين النعجة (الجزائر العاصمة)، عن عمر ناهز ال90 سنة، حسب ما علم لدى المجمع، ويوارى جثمان الفقيد الثرى اليوم بمقبرة دالي إبراهيم. وقد ولد المرحوم الملقب ب«أبو اللسانيات والرائد في لغة الضاد» بمدينة وهران في 8 جوان 1927، حيث تتلمذ على يد أساتذة من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، قبل أن يلتحق بحزب الشعب الجزائري وعمره لا يتعدى ال15 سنة. وبدأ المرحوم مشواره التعليمي في الطب، حيث توجه إلى مصر ليكمل دراسة التخصص في جراحة الأعصاب وكان يتردد على جامع الأزهر ليتم اكتشاف موهبته في اللغة العربية. وبعد حصوله على التبريز في اللغة العربية، أوكل إليه تدريس اللسانيات في كلية الآداب بالرباط سنة 1960. وبعد الاستقلال عين سنة 1964 رئيسا لقسم اللغة العربية وقسم اللسانيات بكلية الآداب لجامعة الجزائر قبل أن ينتخب عميدا لها إلى غاية 1968، وقد تفرغ بعد ذلك للدراسة والبحث في اللسانيات، حيث أنشأ عام 1980 ماجستير علوم اللسان قبل أن يتم تعيينه عضوا مراسلا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة ثم انتخب عضوا عاملا به سنة 2003. وسبق للفقيد قبل ذلك أن عين عضوا في كل من مجمع دمشق ومجمع بغداد ومجمع عمان للغة العربية، كما كان عضوا في عدة مجالس علمية دولية.