دعا الناقد المسرحي محمد بوكراس، إلى توثيق كل ما يتعلق بالفن الرابع الجزائري من جهة واستعادة أرشيفنا المسرحي القابع بفرنسا من جهة أخرى، مضيفا أن هذا الأمر بتعلق بهويتنا الثقافية التي يجب أن نحافظ عليها. كما أشار في السياق ذاته إلى أهمية تنمية الوعي الوثائقي لدى الطفل. قدم الناقد المسرحي، محمد بوكراس، مداخلة: «توثيق وأرشفة المسرح الجزائري»، أمس بنادي أحمد بن قطاف، بالمسرح الوطني الجزائري، احتفالا باليوم العالمي للمسرح الذي شهد أيضا تقديم الفنانة نضال لكلمة الناقد المسرحي أحمد شنيقي بهذه المناسبة، وكذا تكريم الفنانة القديرة نورية، إضافة إلى تقديم مسرحية «صفية» لإبراهيم شرقي وقراءة الفنانة أمال منيغاد لرسالة الفنانة الفرنسية ايزابيل إيبارت الخاصة باليوم العالمي للمسرح. أما عن مداخلة الناقد بوكراس فجاء في بعضها دعوة الجهات المعنية لاسترجاع الكم الهائل من الأرشيف المسرحي الجزائري القابع بفرنسا، والذي يتضمن نصوصا نادرة ومراسلات بين الفنانين وتقارير بوليسية تتطرق وبالتفصيل للأعمال المسرحية الجزائرية التي قُدمت في فترة الاحتلال الفرنسي، مشيرا إلى أن محاولة الدولة الجزائرية استعادة أرشيفها التاريخي من فرنسا، أمر لابد منه لكن من الأجدر أيضا أن تطالب بأرشيفها الفني. بالمقابل، طالب المتحدث بأهمية تنمية الوعي الوثائقي للطفل من خلال دفعه للحفاظ على أشيائه القديمة وعدم التخلص منها. مقدما مثالا بالطفل الذي يرمي كراريسه وكتبه بعد نهاية السنة الدراسية وكأنها حمل ثقيل عليه وهكذا فلن يتعلم الاحتفاظ بموروثه. وتأسف بوكراس لضياع الكثير من أرشيفنا المسرحي، رغم بزوغ وعي وثائقي لدى بعض الفنانين مثل الفنان محمد أدار الذي وضع كل أرشيفه في خدمة جامعة وهران، وكذا كتابات علالو وبشطارزي الذي قدم عمله في ثلاثة أجزاء، إضافة إلى كتاب محمد الطاهر فضلاء، أيضا الاطروحات الجامعية التي تتناول الفن الرابع لكل من مخلوف بوكروح وجميلة زقاي وأحمد منور وغيرهم، بدون أن ننسى كتابات إعلاميين مثل كمال بن ديمراد وصور المصورين مثل المصور فضيل حدهم. كما تساءل المتحدث عن مصير الكثير من الأرشيف الذي يبقى مجهولا مشيرا إلى أنه قد يكون مخفيا في خزانة ما ولكنه غير موجود في المؤسسات الرسمية، لينتقل إلى أهمية الأرشيف في جلب الحقائق، فقال إن كل مصادر المعلومات تشير إلى أن القراقوز كان موجودا في الجزائر إلى غاية سنة 1843 ومن ثم تم منعه من طرف المستعمر الفرنسي، ولكن –يضيف المتحدث- لا توجد أي وثيقة تؤكد هذه المعلومة أو تنفيها، كما لا يوجد أي نص مسرحي ل»جحا» الذي يعتبره البعض يشكل بداية للمسرح الجزائري. وفي هذا السياق، ناشد بوكراس، السلطات المختصة للاهتمام بالأرشيف وعدم اقتصار الحفاظ عليه من طرف أشخاص لأن ذلك قد يعرضه للتلف جراء الحفظ السيئ، أو حتى بفعل الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، كذلك يمكن له ان يتلف بفعل القوارض. واعتبر المتحدث أن مشروع إنشاء مؤسسة مستقلة لحفظ الأرشيف المسرحي، قضية عالقة لم تر النور رغم الحديث عنها منذ سنة 2007 على هامش تنظيم تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية. كما أكد أهمية جمع وحفظ كل ما يتعلق بالعرض المسرحي من ملصقات ومطويات وصور وفيديوهات التي تمثل شواهد لعرض مسرحي قد لا يقدم مجددا على خشبة المسرح. في إطار آخر، قال الإعلامي سعيد بن زرقة الذي أدار المداخلة إن الاحتفال باليوم العالمي للمسرح، عرف النور سنة 1961 خلال المؤتمر العالمي التاسع للمعهد الدولي بالمسرح بفيينا (النمسا)، والذي يتم فيه تقديم عروضا مسرحية وإلقاء كلمة بهذه المناسبة، مضيفا أن هذا المعهد أصبح لديه 100 فرع ويعمل تحت رعاية اليونسكو. أما الفنانة نضال فقد قرأت أمام الحضور، كلمة الناقد السينمائي أحمد شنيقي التي جاء في بعضها أن المسرح يمثل لحظة مكان جماعي ودلالة للاحتفال، كما انه فضاء لمناقشة قضايا المدينة وحل للخلافات وقبول برأي الآخر من دون مشاحنات، إضافة إلى كونه يختزن الذاكرة كما انه رمز للمواطنة ومرافعا صادقا للحركة الوطنية.