ينقضي اليوم، أسبوعان كاملان من عمر الحملة الانتخابية لتشريعيات 4 ماي القادم لتدخل الأحزاب السياسية والقوائم الحرة المتنافسة، غدا المنعرج الأخير في سباق الإقناع الذي خاضت خلاله لحد الآن في كل الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولعبت أوراقا تعتبرها رابحة في خطاب الاستمالة، الذي عرف في بداية الأسبوع الثاني تصعيدا نسبيا بين بعض التشكيلات السياسية، التي تجمعها منافسة حادة داخل هذا السباق الانتخابي، الذي يرتقب أن يكثف فيه المترشحون من نشاطهم الجواري، في سعي حثيث إلى كسر هاجس العزوف الذي لا زال يخيم على المشهد العام لحد الساعة.. مثلما توقعته «المساء» في بداية الأسبوع الثاني من عمر الحملة، عرفت لغة الخطاب الذي حملته الأحزاب السياسية والمترشحون لتشريعيات 4 ماي القادم، تصعيدا لفظيا، لاسيما بين الغريمين الأفلان والأرندي، حيث كانت ولاية سكيكدة مسرحا لنيران متبادلة أطلقها زعيما الحزبين ضد بعضهما البعض، بتأثير من حمى الحملة الانتخابية، التي بالرغم من أنها لم تكشف لحد الآن عن توجهات واضحة وعن غلبة أي حزب مقارنة بالآخرين، إلا أنها سجلت بعض الاضطرابات والمناوشات التي انتهت بولاية سكيكدة أيضا بتخريب مقر لتحالف «حمس»، وإيداع تحالف الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء لشكوى ضد رئيس بلدية منتمي إلى حزب منافس. هذه الأحداث التي تبقى جانبية برأي الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، لم تتعد الإطار المحلي، حيث تكفلت مندوبية الهيئة على مستوى الولايات بتسجيلها، فيما لم تسجل الهيئة الوطنية التي يرأسها دربال، تجاوزات يمكن وصفها بالخطيرة، فيما عدا بعض المخالفات ذات الصلة بفوضى الملصقات الإشهارية. وحتى الاعذارات التي وجهتها الهيئة إلى 5 أحزاب سياسية لحملها على إعادة نشر قوائمها بالصور الكاملة لمترشحيها، وتهديدها بإلغاء القوائم التي تحمل صورا محجوبة لوجوه المترشحات، انحصر صداها في المستوى المحلي، ولم يتعد حدود ولاية برج بوعريريج، حسب مصادر من الهيئة نفسها. هذه المعطيات تؤكد بأن الحملة الانتخابية لتشريعيات 4 ماي المقبل، تسير في جو من الهدوء التام، بشهادة الهيئة المسؤولة عن مراقبتها، ورئيسها عبد الوهاب دربال، الذي لم يتوان في اعتبار انتقادات بعض التشكيلات السياسية «غير منطقية»، كون بعضها حسبه «تطلب منا تنظيم انتخابات خارقة للعادة»، في إشارته إلى انتقاد عدد من الأحزاب السياسية لخرجات الوزير الأول عبد المالك سلال إلى الولايات في إطار متابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية التنموي في الميدان، واعتبارها «تشويشا على الحملة الانتخابية». يأتي هذا في وقت ضبط فيه الوزير الأول خطابه، في رسالة واضحة ومحددة، ضمنها الدعوة الصريحة للشعب الجزائري بضرورة المشاركة القوية في الانتخابات التشريعية القادمة، واعتباره في لقاءاته بالمجتمع المدني بكل من الوادي والجلفة ووهران بأن التصويت القوي في هذا الموعد الوطني، سيعزز الاستقرار ويحصن الوحدة الوطنية. كلام الوزير الأول حول الانتخابات، لا يخرج عن إطار الحرص الوطني على إنجاح العرس الانتخابي المقبل، لما يمثله هذا الموعد من رمزية كبيرة، كونها تتويج مسار إصلاحات سياسية معمّقة بدستور الجديد للبلاد في مارس 2016، وما يحمله من رهانات تتحدد وفقها التوجهات المستقبلية للبلاد، وتنبني على أسسها، قوة الشعب الجزائري في التلاحم والتكافل، تحصينا لأمن واستقرار الوطن، في زمن «الاضطرابات العابرة للأوطان..». في نفس التوجه وبنفس القدر من الحرص، جاء تأكيد نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح أمس، على أن الجيش اتخذ كافة الاجراءات الكفيلة بتأمين العرس الانتخابي المقرر في 4 ماي القادم، مشددا في نفس السياق على أن أفراد الجيش سيشاركون في هذا الموعد الوطني الهام، مثل كل إخوانهم وسيصوّتون بحرية وشفافية تامة، امتثالا لقوانين الجمهورية المنظمة لسير الانتخابات. وإذ تضاف التطمينات التي أطلقها نائب وزير الدفاع الوطني من إن أمناس، إلى جملة الضمانات التي تحيط بالموعد الانتخابي القادم، والمشجعة في عمومها على تنظيم انتخابات حرة وشفافة، تعود قيها الغلبة للأجدر بكسب ثقة الناخبين، فإن الهاجس الأكبر الذي لا يزال يخيم على هذا الموعد المصيري يرتبط بمدى اقتناع الناخبين بخطابات الأحزاب السياسية والمترشحين لتمثيلهم في الهيئة التشريعية الوطنية. والحقيقة أن خطاب التشكيلات المنشطة للحملة الانتخابية، خلال الأسبوعين المنقضين، لم يدخر أي ملف أو ورقة من الأوراق الرابحة التي يمكن أن يعوّل عليها، للتعبير عن الاهتمام بخدمة مصالح الشعب والاستجابة لانشغالاته الرئيسية. فمن ورقة الشباب إلى ورقة دعم الاقتصاد الوطني وتحسين المستوى المعيشي، ودعم المكاسب الاجتماعية للجزائريين، ضمنت الأحزاب السياسية خطاباتها في التجمعات الشعبية التي نشطها عبر مختلف الولايات التي زارتها، الالتزام بخدمة تطلعات الشعب، والتكفل بتحسين مستوى التعامل مع كل هذه الملفات الحسّاسة، وغيرها من الملفات التي ستعمل وفق تعهداتها على معالجة النقائص المطروحة فيها، سواء باسم تعزيز الاستقرار ودعم المكاسب التي تحققت للبلاد خلال السنوات الأخيرة - بالنسبة لأحزاب الموالاة - أو باسم التغيير، وإعادة بناء مؤسسات قوية، تكون في خدمة كل الجزائريين دون تمييز، - بالنسبة لأحزاب المعارضة - لتلتقي بذلك الخطب التي نقلتها التشكيلات المنشطة للحملة الانتخابية إلى الشعب خلال خرجاتها الميدانية، في رسائل مشتركة، تعد في مجملها بزرع الأمل في نفوس الجزائريين، وتدعو إلى نبذ اليأس والإحباط والثقة في النخب التي تقترحها لتمثيل الجزائريين وحمل همومهم والاستجابة لتطلعاتهم. مع دخول الحملة الانتخابية غدا أسبوعها الثالث والأخير، تجد التشكيلات المتنافسة نفسها في منعرج الحسم ضمن ماراتون الإقناع، الذي يرتقب أن تشهد أشواطه النهائية، تكثيفا في خطاب استمالة الناخبين والعمل الجواري، الذي يرى فيه البعض الوسيلة الأمثل لكسب ثقة المواطن وتحسيسه بقرب المترشحين إليه.