عرفت عاصمة الولاية بسكرة، حركة كبيرة خلال 5 سنوات الأخيرة، تتجلى في حجم الاستثمارات الضخمة في مجالات الصناعة والسياحة والخدمات، ولعل اختيارها لتكون أول محطة خارج العاصمة لاحتضان أشغال الثلاثية (حكومة - نقابة - أرباب عمل) في دورتها 18 تحت إشراف الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، دليل على أهمية ولاية بسكرة عموما وعاصمتها تحديدا، ورغم ذلك فإن هناك اختلالات يسعى إطارات البلدية لتداركها. في هذا الشأن، قال رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية بسكرة عز الدين سليماني، إن عدد سكان عاصمة الولاية يقدر بأكثر من 300 ألف نسمة، ما يجعل الإشراف على تسيير هذا الكم الهائل من الساكنة أمرا صعبا للغاية، ويُعد من بين معوقات بلدية بسكرة، باعتبارها من المدن الكبرى، وتسييرها من قِبل مجلس شعبي بلدي واحد تحدّ كبير لرئيس البلدية وكل نوابه. ولفت إلى أن بسكرة كبيرة جدا وبحاجة إلى تقسيم جديد، يكون منشئا لعدة بلديات، فإذا أردنا التحكم في التنمية بكل بلديات الوطن حسبه بما فيها بلدية بسكرة، فينبغي الذهاب إلى الطريقة المعمول بها في الدول المتقدمة، والمتعلقة بحصر وتضييق مجال البلديات؛ من خلال التقسيم الإقليمي الذي يمنح المنتخبين والمسؤولين المحليين قدرة كبيرة في التحكم في التنمية، فضلا عن العائق المالي الآن، الذي يُعتبر أحد المعوقات على ضوء شح المداخيل والإعانات على مستوى الجماعات المحلية. ويُعتبر هذا الجانب أحد المفرملات الأساسية للتنمية. وفي تقدير المير فإن المعوّق الرئيس لازدهار التنمية وتطورها، يكمن في الذهنيات؛ ذهنيات المواطن والمسؤول والإدارة التي لم تتكيف مع روح المصلحة العامة. وأضاف أن تغيير ذهنيات المواطنين ومجرى التفكير من السلبي إلى الإيجابي، يفسح المجال لإمكانية اختصار الجهد والوقت لتحقيق التنمية المنشودة، متأسفا لعقلية «البايلك» والنظر إلى البلدية على أنها ليست ملكا للشعب وإنما ملك للمسؤولين ولا تعني المواطن لا من قريب ولا من بعيد، وهم ليسوا معنيين بنظافة المحيط والعناية بمختلف المكتسبات، سواء تعلق الأمر بالإنارة العمومية أو المساهمة ومساعدة عمال النظافة في عملية إخراج القمامة في أوقاتها، ولا معنيين أيضا بالمحافظة على المساحات الخضراء والتقيد بالنظام العام بصفة إرادية ورفض الفوضى، موضحا أن خلق هذا الإحساس لدى المواطن وإيجاد صيغة للتعاون بين المواطن ومختلف مؤسسات الدولة وإطاراتها المحليين، يضمن بالقليل من الأموال والجهد تحقيق التنمية بشكل ملموس، ومجسدة على أرض الواقع. ويبقى الطموح يحذو المسؤولين والمنتخبين لتخطّي العقبات، والسعي بكل الطرق لتوعية المواطن وجعله ينخرط وينسجم ويندمج في عملية التنمية، من خلال تحسيسه بأنه شريك فعال وأساس للمساهمة في تحقيق التنمية على مستوى مدينة بسكرة، مؤكدا أنه بدون انخراط المواطن لا يمكن الحديث عن تحقيق أي تنمية، وإنما تحقيق بعض الأمور الظرفية، وبالتالي لتجسيد تنمية مستدامة ينبغي إشراك المواطن بشكل فعلي وفعال ودائم، وهي السبل الوحيدة لبلوغ الأهداف على مستوى بلدية بسكرة. الاستثمار لم ينطلق بالشكل المناسب ومجال المناورة ضيّق أمام المنتخب تتمثل ردود فعل المسؤولين والمنتخبين في السعي للاستجابة لمطالب المواطن في حدود الإمكانيات المتاحة، لأن كل ما يطلبه يحتاج إلى أموال ضخمة، سواء تعلّق الأمر ببناء السكنات المرتبطة بمشاريع أو مناصب الشغل التي تعرف بأنها محدودة جدا، سيما أن الاستثمار الذي يوفر مناصب شغل لم يسيَّر بالشكل الكافي. بسكرة تحتوي على قاعدة فلاحية وصناعية وخدماتية، بإمكانها توفير مئات الآلاف من مناصب الشغل، التي من شأنها امتصاص اليد العاملة العاطلة عن العمل، لكن «الماكنة» الاستثمارية لم تنطلق بالشكل الجيد في المشاريع الطموحة، خاصة أنه يمكن في المجال الصناعي والفلاحي توفير مناصب شغل كبيرة. توزيع 10 آلاف سكن بصيغ مختلفة استجابة لمطالب المواطن أيضا يؤكد عز الدين سليماني، أن السعي قائم لبناء ملاعب ومرافق ترفيهية بالأحياء، وترميم الطرقات المهترئة، وتوفير أكبر عدد ممكن من السكن. وفي هذا المجال يمكن الحديث عن توزيع 2252 سكنا مؤخرا بعاصمة الولاية. ولأول مرة في تاريخ بسكرة يستفيد هذا العدد الهائل من المواطنين من السكن الاجتماعي، فضلا عن توزيع 8000 قطعة أرض صالحة للبناء، بإجمالي يقدّر بأزيد من 10 آلاف و500 مستفيد. وتسعى السلطات المحلية من خلال هذه العمليات، للاستجابة لاحتياجات المواطنين في هذه المجالات الحيوية، للتخفيف من حدة أزمة السكن التي يعيشها سكان المدينة كباقي مدن الوطن. مصارحة المواطن تبدد الأجواء المشحونة شدد رئيس البلدية على أهمية مصارحة المواطن بحقائق الأمور وعدم تقديم الوعود الكاذبة، وأن يكون للمنتخب الشجاعة لمجابهة المشاكل مهما كانت طبيعتها وصعوبتها، لأن التلاعب بمصالح المواطن من خلال تفويت مرحلة معيّنة وبطريقة معينة، لا يزيد إلا قلقا لدى المواطن، لأن إحداث أمل كاذب لدى الساكنة ستكون تبعاته سيئة، مؤكدا على أن لغة الصراحة هي المفتاح حتى لو كانت مرة فإنها ترضي المشتكي فيتقبلها، لكن الكذب «حبله قصير»، كما تقول الحكمة. القوانين تكبّل مبادرة المنتخب في بعض الأحيان، يقول السيد سليماني، يجد المنتخب نفسه مكبلا بالقوانين ولا يستطيع التصرف حتى في فتح مناصب شغل وإن كانت الميزانية تسمح بذلك، ويكون مطالبا برخصة من الوزير أو الوزير الأول، علما أن تسجيل برامج سكنية للاستجابة لمختلف المطالب، حسبه، مرتبط برخصة أو بقرار أو بأموال، والسعي للاستجابة لمطالب المواطن، يكون في حدود صلاحيات المنتخب فقط. نظافة المحيط من أولويات السلطات المحلية من جهته، أكد أحمد كروم والي بسكرة في تصريح ل «المساء»، أن الاهتمام بنظافة المحيط من أولويات مصالحه، معتبرا أن مساهمة المواطن في استعادة بريق عاصمة الولاية مسألة جوهرية، منوها بالعمل الذي تقوم به مؤسسة «سكرة نات» في مجال جمع النفايات وحتى ترميم بعض الطرقات. وأبدى رئيس الهيئة التنفيذية استعداد هيئته لتقديم الدعم الكافي لكل الفاعلين، من أجل إقلاع حقيقي لعجلة التنمية المحلية، معتبرا أن مجال الاستثمار بعاصمة الزيبان مفتوح أمام رجال الأعمال، الذين سيجدون كل المرافقة التي تضمن لهم النجاح في مشاريعهم الاستثمارية.