وصف رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، الدورة البرلمانية المنقضية بالاستثنائية والمميزة في جانبها السياسي، كونها جاءت في ظل تحديات عديدة عاشتها الجزائر، داعيا كافة الجزائريين إلى الإسهام في رفع هذه التحديات بتوحيد صفوفهم والتشمير على سواعدهم والانصراف لبناء غد واعد من أجل تمكين البلاد من تجاوز الأزمة و«إسكات أصوات الشؤم والهزيمة التي تسعى إلى التشويش على مسيرتها من الداخل والخارج». بن صالح الذي أبرز خلال إشرافه على مراسم اختتام الدورة البرلمانية بمجلس الأمة، أهم الإنجازات التي حققتها الجزائر على مختلف الأصعدة «بفضل جهود العمال والعاملات الجزائريات والسياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة»، انتقد من أسماهم ب«أولئك الذين لا يرون في المشهد العام سوى جانبه الأسود أو أولئك الذين من داخل الوطن أو خارجه يروجون لأفكار لا تنم عن الحقيقة في شيء». في نفس الصدد قال بن صالح، في كلمته «صحيح أن الجزائر لا تزال تواجه مصاعب إلا أنها تعمل في حدود إمكانياتها على معالجتها»، معددا مختلف المشاريع التي تم تجسيدها في قطاعات السكن والتربية والتعليم العالي وتحسين المستوى المعيشي للسكان وغيرها، ليخلص في نفس السياق إلى أن «الجزائريين لهم القدرة على تجاوز التحديات القائمة التي تواجهها البلاد من خلال توحيد صفوفهم و«الانصراف بتصميم نحو بناء غد واعد». ولدى تطرقه إلى حصيلة الدورة البرلمانية المنقضية، والتي دامت لأول مرة عشرة أشهر، تماشيا مع التعديل الدستوري الأخير، وصف السيد رئيس مجلس الأمة هذه الدورة ب«الثرية في أعمالها سواء في جانبها التشريعي أو الرقابي أو البرلماني»، لافتا إلى تزامنها مع ظروف سياسية خاصة «كونها انعقدت في ظل مستجدات وتحديات صعبة عاشتها الجزائر». وأكد المتحدث أن الجزائر تمكنت من تجاوز تلك المستجدات بفضل رصانة سياستها وحكمة رئيسها، «ما جعلها وباعتراف الجميع، بلدا نموذجا في مجال تحقيق وتثبيت الأمن والاستقرار ونموذجا في مجال معالجة أوضاع الأزمة في جانبها الاقتصادي والاجتماعي». وذكر بالمناسبة بتزامن الفترة التشريعية مع تنظيم انتخابات تشريعية تمت حسبه بنجاح «وفي جو ديمقراطي شفّاف وهادئ ترجم بوضوح واقع الوضع السياسي في البلاد وثبتت فيه أركان الممارسة الديمقراطية، وتأكد فيه للجميع حقيقة الاستقرار السياسي والمؤسساتي والاجتماعي والاقتصادي الذي تنعم به الجزائر في ظل القيادة الرشيد للرئيس بوتفليقة»، مشيرا إلى أن أهمية هذه الانتخابات برزت بوجه خاص في كونها تمت في وقتها المحدد، وعدت أول استحقاق انتخابي يأتي بعد التعديل الدستوري الجديد الذي دعم المنظومة القانونية الوطنية بمزيد من المكاسب الديمقراطية.. كما لفت بن صالح، إلى أن الدورة البرلمانية المنقضية عرفت حدثا بارزا آخر تمثل في تكليف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لتولي منصب الوزير الأول وتشكيل حكومة جديدة وتقديم هذا الأخير، مخطط عمل حكومته أمام البرلمان ونيله دعمه، وأشار إلى أن عرض ومناقشة مخطط عمل الحكومة شكل فرصة ثمينة لممثلي الشعب لإسماع وجهة نظرهم حول العديد من القضايا المطروحة على الساحة، والتعرض إلى مضمون المخطط وتوجهاته التي ترمي إلى ترجمة برنامج رئيس الجمهورية في ترقية الاستثمار وتحسين معيشة المواطن وعصرنة المالية العمومية والمنظومة المصرفية وتطهير الفضاء الاقتصادي وتثمين سائر ثروات البلاد وتعزيز الحكم الراشد. بعدها تطرق رئيس الغرفة العليا للبرلمان إلى حصيلة الدورة البرلمانية في جانبها التشريعي، والذي وصفه بالهام والنوعي «لما تضمنه من مشاريع قوانين جاءت بالواقع ترجمة لمضمون مخطط الإصلاح السياسي والاقتصادي الذي انتهجه الرئيس بوتفليقة منذ تقلده الحكم». واعتبر في هذا السياق، مراجعة النظام الداخلي لمجلس الأمة، فرصة فريدة من نوعها في إطار إعادة تنظيم أمور المجلس، قبل أن يذكر بمصادقة أعضاء المجلس على قانون المالية لسنة 2017 والقانون المتضمن تسوية الميزانية لسنة 2014، وكذا القانون المحدد لتشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي جاء حسبه ليحقق الانسجام مع مضمون التعديل الدستوري في مجال تكريس مبدأ سلطان القانون وتوسيع نطاق الضمانات القانونية لحقوق وحريات المواطنين. أعضاء الغرفة البرلمانية العليا ناقشوا أيضا خلال الدورة المنتهية نصوصا قانونية أخرى، ذكر بها السيد بن صالح، في كلمته منها القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من القوانين التي ترمي إلى ضمان نجاعة وتنظيم النشاط الاقتصادي الوطني، كما ذكر بن صالح، بمصادقة المجلس على القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 83-12 المتعلق بالتقاعد، مشيرا إلى أن هذا الأخير أملته الصعوبات المالية للصندوق الوطني للتقاعد، والضرورة الماسة إلى تفادي أي أزمة قد يواجهها مستقبلا. في مجال الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة، مارس أعضاء مجلس الأمة، حسبما أكده بن صالح، دورهم الرقابي العادي بشكل منتظم وتجلى ذلك حسبه في طرح الأسئلة الكتابية والشفوية، وفي عمل اللجان الدائمة التي واصلت مهامها في نطاق التحرك الميداني عبر مختلف مناطق الوطن، فضلا عن استدعاء عدة وزراء للاستماع إليهم حول قضايا تهم قطاعاتهم. كما أخذ النشاط الخارجي لمجلس الأمة حسب رئيسه حيزا هاما ومميزا خلال الدورة، من خلال التنسيق والتكامل مع المجلس الشعبي الوطني والجهات الوطنية المختصة للمرافعة لصالح مواقف الجزائر من مختلف القضايا الإقليمية والدولية والتعريف بواقع التنمية والتقدم الاجتماعي والثقافي المحقق، وكذا والتعريف بما تقوم به الجزائر من جهود من أجل عودة الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بالتعاون والتنسيق مع الدول الجارة في مجال تثبيت الاستقرار. وختم بن صالح، حصيلة مجلس الأمة خلال الدورة البرلمانية المنقضية، بالتطرق إلى النشاط الفكري الذي بادر به مجلس الأمة في إطار ترقية الثقافة البرلمانية، مؤكدا بأن المجلس استطاع بفضل هذا النشاط الفكري أن يفرض نفسه في الساحة كملتقى ومنبر للنخبة المثقفة في الجزائر.