قد تكون تصريحات الرئيس الفرنسي المنددة بماضي استعمار بلاده للجزائر قد أجبرت خواطر البعض وقد تكون في نظر البعض الآخر اعترافا ضمنيا بممارسات فرنسا الاستعمارية في الجزائر، وقد تكون محاولة منه لامتصاص اللوم والعتاب لدى البعض من أصدقائه الذين دفعوا به في هذا الاتجاه وقد يرى فيها مصالحة مع الذاكرة· وقد تكون كل هذه القراءات تصب في خانة الترويج لفلسفة جيل جديد من قادة الضفة الشمالية للمتوسط الذين يقرون صراحة أنهم لا يتحملون تبعات ما اقترفه الأباء والأجداد من ممارسات يقال أنها من الماضي· وقد نقر بدورنا بمثل هذا الطرح نحن الذين إكتوينا بويلات الإستعمار الذي يتم الآلاف منا ورمل أمهاتنا وشوّه وعذب الآلاف من مجاهدينا لو أن مثل هذا التنديد صدر ممن عانوا الويلات مثلنا في الضفة الأخرى، لكن أن يتم من قادة رسميين دون اعتذار رسمي فهذا يعني أن مثل هذه الإلتفاتة لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تمحي من الذاكرة كيف عذب وقتل الأباء والأعمام والأخوال والأجداد بدم بارد وأعصاب باردة وباعتراف جلاديهم أيضا· إن التصالح مع الذاكرة لن يتم بمثل هذه السهولة أو من خلال تصريح مناسباتي بقدر ما يتطلب تهيئة الخواطر من خلال اعتذار رسمي يمكنه أن يجعل الذاكرة الجماعية لكل الجزائريين دون استثناء قادرة على التكيف مع التوجه الجديد لمستعمر الأمس· من هنا نستطيع الحديث عن التصالح مع الذاكرة ومن هنا أيضا يمكننا إعطاء الفرصة للمؤرخين من الجانبين لإنصاف التاريخ والتأسيس لمستقبل العلاقات على أساس الاحترام، الصداقة والمصالح المشتركة بين بلدينا