رغم اعترافه صراحة أمام الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والشعب ب«صعوبة الوضع» الذي تمر به البلاد، فإن الوزير الأول أحمد أويحيى أكد بان الدولة ستبقى محافظة على سياسة العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني، وذلك خلال عرضه لتصور الحكومة لكيفية مواجهة هذا الوضع، بمناسبة لقاء ثلاثي جمعه أول أمس بممثلي العمال والمؤسسات. وفي أول خرجة للوزير الأول منذ تنصيبه على رأس الوزارة الأولى، فضل السيد أحمد أويحيى لغة «الطمأنة» أكثر من التهويل بشأن الوضع المالي والاقتصادي للبلاد، بالرغم من أنه لم يخرج عن نطاق الواقعية التي يتميز بها في رؤيته للأمور، لاسيما عندما قال صراحة بأن الجزائر تمر بظرف صعب. واختار الوزير الأول أن يكون أول نشاط رمسي له لقاء الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، الذي كان قد طالب الأطراف الثلاثة بتوحيد جهودها لتحقيق التنمية والحفاظ على الاستقلال الاقتصادي الذي تتهدده ضغوط خارجية ناتجة عن الانهيار في أسعار النفط بالخصوص. في هذا الصدد، صرح السيد أويحيى أن «الحكومة أطلعت شركاءها الاقتصاديين والاجتماعيين خلال الاجتماع التشاوري الذي جمعهم على المصاعب المالية التي تمر بها البلاد وعرضت عليهم تصورها لمواجهتها بناء على توجيهات رئيس الجمهورية لرفع هذا التحدي». وأضاف أن اللقاء كان «فرصة لإعادة ربط الصلة بين الحكومة وشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين في سياق توجيهات رئيس الجمهورية الذي دعا إلى التجند ورص الصفوف وتضافر الجهود والتعبئة في خدمة اقتصاد البلاد»، مضيفا أن الاجتماع سمح أيضا ب«تبادل الآراء الأولية حول الأوضاع الراهنة». وخاطب المواطنين بالتأكيد على «صعوبة الظرف»، لكن بالمقابل عزم الحكومة على مواجهة الوضع. وحسب الوزير الأول، فإن ذلك سيتم من خلال «الاستمرار في ترقية التنمية الوطنية والحفاظ على ديناميكية بناء الاقتصاد الوطني»، «الحرص على الحفاظ على سياسة العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني»، «السهر على احترام القانون في جو من السكينة والهدوء بعيدا عن البلبلة»، «حماية حقوق العمال باعتبارهم طرفا فعالا في تحقيق التنمية» و«التعامل مع المؤسسات جميعها بنفس الأسلوب ودون تمييز»، إضافة إلى «تعبئة التمويلات الداخلية غير التقليدية» و«الحفاظ على نمو القطاعات خارج المحروقات». في هذا الصدد، أوضح الوزير الأول في افتتاح اللقاء أن «الجزائر دولة قانون ولديها كل الوسائل لمحاربة أي مساس بالقانون بالاعتماد على عدالة مستقلة»، مضيفا «سنسهر على احترام القانون في جو من السكينة والهدوء بعيدا عن البلبلة». كما أكد حرص الحكومة على «استمرار السياسة الاجتماعية المبنية على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني التي تبنتها الدولة الجزائرية وأصبحت من ثوابتها»، مشيرا إلى أن الجزائر «تجاوزت النقاش حول نمطها الاقتصادي وهي تسير على نمط اقتصاد السوق ذي البعد الاجتماعي منذ 30 سنة»، معتبرا أن رهان الحكومة يكمن في «خدمة فعالية الاقتصاد ورفاهية الشعب والحفاظ على الاستقلال الاقتصادي للجزائر». وللعمال وجه «رسالة تقدير وتضامن» كونهم «طرفا فعالا في التنمية الوطنية وفي مسار بناء الدولة»، مؤكدا حرص الحكومة على «حماية حقوقهم». أما للمؤسسات، فقد شدد على أن الحكومة ستتعامل مع العمومية منها والخاصة والمختلطة «دون تمييز» وستستفيد من «الدعم والتسهيلات المنصوص عليها في القانون، بهدف خلق المزيد من مناصب الشغل ومزيد من الثروة للبلاد وتأسيس اقتصاد متنوع». في السياق ذاته، وعد بعدم ادخار أي جهد من أجل تحسين إطار الاستثمار وبناء «علاقات رصينة مع المؤسسات في إطار القانون». وأمام «التوترات المالية التي تواجهها البلاد»، تنص «خريطة الطريق» التي رسمها رئيس الجمهورية على ضرورة «تعبئة التمويلات الداخلية غير التقليدية، الحفاظ على دعم النمو في جميع القطاعات بما فيها الصناعة، الخدمات والفلاحة وكذا الحفاظ على السياسة العمومية للعدالة الاجتماعية والتضامن الوطني وترشيدها». من جانبها، جددت المنظمات الحاضرة في اللقاء «انضمامها ودعمها لمسعى رئيس الجمهورية». ويتعلق الأمر إضافة للاتحاد العام للعمال الجزائريين، بتسع منظمات لأرباب العمل وهي منتدى رؤساء المؤسسات، الاتحاد الوطني للمقاولين العموميين، كنفدرالية المنتجين والصناعيين الجزائريين، الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين، الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين، الاتحاد الوطني للمستثمرين، الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، الكنفدرالية العامة لأرباب العمل للبناء والأشغال العمومية والري والكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل. النص الكامل للبيان الختامي الصادر عقب لقاء الثلاثية انعقد يوم الخميس لقاء تشاوري بين الحكومة وشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين (الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل) بقصر الحكومة وتوج ببيان ختامي، فيما يلي نصه الكامل: «استقبل السيد أحمد أويحيى الوزير الأول هذا اليوم بقصر الحكومة، شركاء الحكومة الاقتصاديين والاجتماعيين. وقد سجل في هذا اللقاء، الذي شارك فيه السادة الوزراء المكلفون بالمالية، والصناعة والمناجم، والعمل والتجارة، حضور المسؤولين الأوائل (أو ممثليهم) لكل من الاتحاد العام للعمال الجزائريين (UGTA)، ومنتدى رؤساء المؤسسات (FCE)، والاتحاد الوطني للمقاولين العموميين (UNEP)، وكنفدرالية المنتجين والصناعيين الجزائريين (CIPA)، والجمعية العامة للمقاولين الجزائريين (AGEA)، والكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين (CNPA)، والاتحاد الوطني للمستثمرين (UNI)، والكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية (CGEA)، والكنفدرالية العامة لأرباب العمل للبناء والأشغال العمومية والري (CGP-BTPH) والكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل (CAP). وفي مستهل كلمته، أشار الوزير الأول إلى أن هذا اللقاء يأتي عقب التوجيهات الأخيرة التي أسداها فخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية، إلى الحكومة وشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين، من أجل إعطاء مثال إلى المجتمع بغرض تحقيق وثبة للتضامن والتعبئة والوحدة، بما يمكن الجزائر من رفع تحدي الأزمة المالية ومن مواصلة مسار التنمية الذي باشرته منذ نحو عشريتين. وبهذه الروح، أعرب الوزير الأول عن مشاعر التقدير والتضامن التي تكنها الحكومة لجميع العمال. وأضاف بأن الحكومة تكن كذلك التقدير إلى كل المؤسسات العمومية والخاصة أو المختلطة، التي تشكل دعامة للنمو واستحداث مناصب العمل وتنويع الاقتصاد الوطني. كما أضاف السيد أحمد أويحيى قائلا بأن الحكومة لن تدخر أي جهد من أجل تحسين إطار الاستثماري ومن أجل بناء علاقات رصينة مع المؤسسات في إطار القانون. بعد ذلك، خلص الوزير الأول إلى وضع المشاركين في صورة التوترات المالية التي تواجهها البلاد، وكذا في صورة خريطة الطريق التي رسمها له السيد رئيس الجمهورية، وخصوصا من أجل: (1) - تعبئة التمويلات الداخلية غير التقليدية (2) - الحفاظ على دعم النمو في جميع القطاعات، بما فيها الصناعة، والخدمات والفلاحة، (3) - الحفاظ على السياسة العمومية للعدالة الاجتماعية والتضامن الوطني، وترشيدها. أما المنظمات الحاضرة، فقد جددت انضمامها ودعمها لمسعى فخامة السيد رئيس الجمهورية. وفي الأخير، أقرت الحكومة وشركاؤها باتفاق مشتركي تأجيل اجتماع الثلاثية الذي كان من المقرر أن يعقد في شهر سبتمبر القادم». (واج)