قرر وزير السكن والعمران والمدينة السيد عبد الوحيد طمار إعداد خارطة طريق جديدة للقطاع بالتشاور مع كل الشركاء، تكون مبنية على الإبداع والاقتراح للنهوض بمجال البناء والتعمير، مع الحرص على تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الخاص بإنجاز 1,6 مليون وحدة سكنية، والتحول إلى التكنولوجيات الحديثة في معالجة كل التراخيص، بالإضافة إلى التحكم في مجال ترميم الأحياء السكنية القديمة لتحويلها إلى أقطاب مدنية، وتحيين كل القوانين المتعلقة بمجال البناء والتعمير لتواكب التطور الحاصل في مجال البناء الذكي. وخصص أول لقاء مع الشركاء، نظم أمس، بمقر الوزارة وضم المهندسين المعماريين والمدنيين والمهنيين في مجال الطبوغرافيا، وهم الذين صنفهم الوزير كهيئة للتفكير، لدراسة ومناقشة كل المشاكل المتعلقة بكل هيئة مع اقتراح أفكار جديدة للنهوض بمجال التعمير بما يضمن مستقبلا توزيع سكنات في جو عمراني ملائم. وأكد السيد طمار قائلا: «إن الوقت يداهمنا وعلى الوزارة تبنى أفكار جديدة مستعجلة»، داعيا أعضاء أول ورشة تفكير، نصبت أمس، بحضور ممثلين عن المهندسين المدنيين والعمرانيين والمكلفين بمجال الطبوغرافيا، إلى تسليط الضوء، اقتراح أفكار جديدة تمس 5 ملفات خلال الأيام العشرة المقبلة. وحدد طمار أول ملف للمناقشة والإثراء، مجال القوانين التنظيمية لقطاع البناء والتعمير التي تعود لسنوات التسعينات ما جعلها لا تتماشى مع الواقع الراهن، مطالبا بالأخذ بعين الاعتبار تطور التكنولوجيات الحديثة وإدخال مثل هذه الحلول لعرصنة الإدارة وتسريع عملية معالجة واستخراج كل أنواع التراخيص التي ستتم مستقبلا عبر الأنترنت، على غرار رخصة البناء الإلكترونية ومعالجة ملفات المقاولين عن بُعد من طرف مركز المراقبة التقنية للبناء، بالإضافة إلى التفكير في إدراج مادة في القانون تخص حماية البيئة للحفاظ على الطابع العمراني ونظافة المحيط. كما اقترح الوزير استغلال الحلول التكنولوجية لتطوير إنجاز المدن الذكية التي تعتبر صيغة سكنية جديدة يجب اللجوء إليها، مشيرا إلى أن تعديل قانون البناء سنة 2009 تطرق إلى تكليف الوكالة الوطنية للتعمير بتطوير مثل هذه السكنات، غير أن هذه الأخيرة لم تهتم بكل ما طلب منها، وعليه يقول طمار «حان الوقت لاقتراح مشاريع عصرية في مجال البناء، وعلى الوكالة إشراك خبراء في مجال عصرنة وترميم الأحياء القديمة لتحويلها إلى مدن ذكية». كما أعرب الوزير عن استغرابه لعدم تطبيق مرسوم تنفيذي أعد سنة 2009 ويخص التدخل في النسيج العمراني القديم، بالإضافة إلى المرسوم 15 /19 الخاص برخص التعمير، داعيا أعضاء الورشة إلى إعداد عرض حال عن المرسومين واقتراح التصحيحات الواجب إداخلها لتنفيذها على أرض الميدان. انخفاض عدد مفتشي التعمير وراء الفوضى أما الملف الثاني المقترح على الشركاء، فيخص مناقشة واقتراح حلول ناجعة لكل ما له علاقة بالمراقبة والتعمير، وهذا لوضع حد نهائي للفوضى في العمران، مشيرا إلى أن 14 ولاية لا تملك مفتشين في التعمير، في حين أن عدد المفتشين في الولايات الكبرى يتراوح ما بين 2 و5، وهو ما لا يسمح بمراقبة مدى ملاءمة رخص البناء المسلمة للمواطنين مع نوعية الانجازات على أرض الميدان. ويهتم الملف الثالث بتهيئة المدن الجديدة والأقطاب الحضرية، وفي هذا المجال اقترح الوزير استرجاع الأوعية العقارية القديمة لإنجاز مدن جديدة، مشيرا على سبيل المثال إلى حي بلكور العتيق يمكن أن يتحول إلى مدينة عصرية بالنظر إلى اتساع الأوعية العقارية المسترجعة بالمنطقة وواجهته البحرية، مشددا على المهندسين إدراج مرافق للترفيه عبر كل مخططات البناء للخروج من الصورة القديمة للأحياء التي تحولت إلى مراقد. أما الملف الرابع فهو يمس مجال الهندسة المعمارية، وبالمناسبة اقترح طمار على7 آلاف مهندس معماري، ينشطون عبر التراب الوطني تحرير قدراتهم الإبداعية للخروج بمخططات بناء جديدة لاسترجاع الرؤية الجمالية للمحيط العمراني عبر كل الولايات، متسائلا عن سبب عدم تنظيم عدد كبير من المسابقات لتشجيع المهندسين على الإبداع. وفي نفس السياق، لم يخف الوزير عدم ملاءمة الدروس النظرية والتطبيقية بالمدارس العليا للهندسة مع واقع الهندسة المعمارية، مشيرا إلى أن طلبة الهندسة لا يعرفون شروط تحرير تراخيص البناء، وهو الأمر الذي سيكون محور اللقاء المرتقب ما بين وزير السكن ونظيره وزير التعليم العالي والبحث العلمي لإعادة النظر في المنظومة البيداغوجية مع اقتراح مواد تدريس جديدة تتماشى وطلبات البناء والتعمير. كما تعهد طمار بالحد من ظاهرة تكليف المقاول بالدراسات والانجاز، وهو ما أبعد المهندس المعماري عن إنجاز المخططات وانحصرت مهمته في اعتماد كل ما يصله من المقاول للاستفادة من 1 بالمائة من قيمة المشاريع السكنية، مؤكدا أنه من اليوم فصاعدا سيتكفل كل شريك في البناء بمهمته، وسيكون للمهندسين فرصة لإبراز إبداعاتهم وأفكارهم على أرض الميدان. وفيما يخص آخر ملف للمناقشة، فستكون كيفية تسليم رخص البناء الإلكترونية، وهو ما يسمح بعصرنة الإدارة وضمان المتابعة الدورية لهذا الملف، وبعد الانتهاء من جمع كل الاقتراحات يقول الوزير سيتم تنظيم لقاء مع وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية لضبط النقاط الأخيرة قبل إطلاق رخصة البناء الإلكترونية، من منطلق أن رؤساء المجالس الشعبية هم من يوقعون على التراخيص. وفيما يخص باقي الورشات، أشار الوزير إلى أنها ستتكفل بالبحث عن أنماط جديدة للتمويل تتماشي والواقع الاقتصادي الحالي، المتميز بانخفاض المداخيل وصعوبة التمويل العمومي للمشاريع الكبرى، مشيرا إلى أن مقترح الحكومة الخاص بإشراك الخواص مع القطاع العمومي في إنجاز الاستثمارات الكبرى هو أحسن حل في الوقت الراهن لضمان إنجاز كل المشاريع المقترحة والمسجلة في مجال البناء والتجهيز. كما طالب طمار بفرض على كل مستفيد من السكن، بمختلف الصيغ، غرس شجرة، وهو ما يضمن لنا غرس 1,6 مليون شجرة مع نهاية 2019، وهو تاريخ تسليم برنامج رئيس الجمهورية. على صعيد آخر، سيتم فتح ورشة خاصة بمجال التكوين في مهن البناء بالتنسيق مع وزارة التكوين والتعليم المهنيين لاستقطاب الشباب البطال، من منطلق أن قطاع السكن من شأنه الحد من أزمة البطالة. كما سيكون لملف السوق الإيجاري ورشة خاصة به بمشاركة كل الشركاء، من مهندسين، مقاولين ومؤسسات إنجاز مواد البناء، لتطوير كل ما له علاقة بسكنات البيع عن طريق الإيجار، بالإضافة إلى فتح ورشة حول المرافق العمومية بغرض وضع حد لعملية إنجاز ثانويات ومدارس بنفس النمط عبر كامل التراب الوطني، وعلى المهندسين اقتراح مخططات تضمن النوعية في الانجاز. وعن الموعد الزمني المخصص لجمع كل الاقتراحات والشروع في تنفيذها، أشار الوزير إلى أن كل ورشة ستعمل على تحديد الأولويات لتنفذ الاقتراحات حسب جدول زمني محدد، منها ما سيكون قريب ومتوسط وبعيد المدى، من منطلق أن الملفات المقترحة تتطلب وقتا للتفكير والمشاورات قبل رفع الاقتراحات للوزارة لاعتمادها على شكل مراسيم تنفيذية، مراسيم وزارية ومشاريع قوانين ستقدم للبرلمان للمصادقة عليها. للتذكير، سيتم تخصيص اللقاء الثاني مع الشركاء بحر الأسبوع المقبل وسيكون مع مؤسسات الإنجاز العمومية والخاصة، على أن يخصص آخر لقاء لمؤسسات إنتاج مواد البناء، وهي اللقاءات التي تسمح بعرض حال لواقع بناء السكن وجمع الاقتراحات بما يضمن استعمال مواد بناء محلية لتخفيض تكاليف الإنجاز.