أصدر مؤتمر الوزراء المسؤولون عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي في ختام أعماله أوّل أمس، "بيان دمشق" بشأن النهوض باللغة العربية للتوجّه نحو مجتمع المعرفة والتقرير النهائي والتوصيات لاجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية، وأكّد المؤتمر الذي انعقد يومي 16 و17 نوفمبر الجاري أنّ اللغة العربية والثقافة العربية هما أساس الوحدة الثقافية وهما المكون الأساسي لهويتنا القومية. جاء ذلك في بيان ختامي أصدره مؤتمر وزراء الثقافة العرب في دورته السادسة والثلاثين، وأشار المؤتمر في "بيان دمشق للنهوض باللغة العربية للتوجّه نحو مجتمع المعرفة" إلى اهتمام مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في دمشق في مارس الماضي بالنهوض باللغة العربية في مجتمع المعرفة واضعا بذلك هذه القضية في رأس أولويات السياسات الوطنية العربية، وأكد على ضرورة تبني سياسة لغوية تلتزم التعليم باللغة العربية في المواد العلمية والحضارية على حد سواء صونا لهويتنا الثقافية والقومية في الوقت الذي نعنى فيه بتعليم اللغات الأخرى. وعبّر المؤتمر في بيانه عن القناعة بأنّ دعم حضور اللغة العربية في الشبكة العالمية للمعلومات وفي الوسائل السمعية والبصرية تصديا لما تتعرّض له اللغة العربية من تهميش في ظل العولمة وثورة المعلومات هو شرط أساسي للحفاظ على الهوية الثقافية العربية في هذا العصر، وأقرّ المؤتمر بمسؤولية الدولة والمجتمع في استخدام اللغة العربية لغة رسمية في مختلف الميادين المعرفية والثقافية والحياة العامة والأنشطة الفنية والإعلامية والإشهارية. ورفع المؤتمر إلى مؤتمر القمة العربية عدداً من التوصيات تناولت العمل على اتخاذ التدابير التشريعية اللازمة لاستخدام اللغة العربية في كلّ مجالات التواصل والتعليم الأساسية ورسم الخطط التنفيذية والإجرائية لتحقيق ذلك والعمل على إيجاد سياسة لغوية تعليمية واضحة تعطي أهمية خاصة لتعميم التعليم باللغة العربية والتعلم بها في جميع مراحل الدراسة وتشجيع تعريب التعليم الجامعي على الوجه الأخص وترجمة العلوم إلى العربية مع الدعوة إلى توحيد المصطلحات. وطالبت التوصيات بتنمية اللغة العربية في ارتباطها بالتنمية الاقتصادية وتنمية مجتمع المعرفة والالتزام باستخدام اللغة العربية في المحافل الدولية باعتبارها لغة رسمية وتعليم اللغة العربية لأبناء الجاليات العربية في المهجر والتعريف بثقافتنا العربية عن طريق نشر روائع الأدب والفكر وتوفيرها بأسعار زهيدة، وكذلك نشر الثقافة العربية عبر وسائل الاتصال والإعلام والاهتمام بالصناعات الثقافية ذات الطابع القومي وخاصة الموجه منها للأطفال. كما دعا المؤتمر في بيانه الفضائيات العربية إلى التقريب بين اللهجات العربية وتقديم لغة عربية فصيحة ميسرة في أدنى الأحوال وذلك في إطار خطة شاملة لحل مشكلة الثنائية اللغوية الراهنة وإنشاء جمعيات ومؤسسات وإصدار تشريعات لحماية اللغة العربية، حاثا في بيانه إلى دعم اللغة العربية في الصناعات المعلوماتية ودعم حضورها في الوسائل السمعية والبصرية وتحديد مطالب اللغة العربية فيما يخصّ نظم التشغيل والبرمجيات للإنترنت وتوزيع مهام تنفيذها على مراكز البحوث العربية وشركات التطوير البرمجية وإعداد معاجم الكترونية لغوية وتاريخية وموسوعية للمتخصين وغير المختصين. كما أصدر المؤتمر التقرير النهائي والتوصيات لاجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية وعرضت تقريرها على المؤتمر، وشمل الموقف التنفيذي لقرارات الدورة العادية السابقة في مسقط والدورة الاستثنائية في الجزائر ومن ضمنها القرارات الموجّهة إلى الدول العربية وإلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "اليكسو" وكذلك دراسة الخطوات العملية في تسجيل التراث المادي وغير المادي العربي وقرارات الدورة الرابعة عشرة للمؤتمر بشأن الموضوع الرئيسي فيها الهادف إلى الحفاظ على التراث الفلسطيني وقرارات الدورة الخامسة عشرة للمؤتمر وموضوعه الثقافة العربية ومجتمع المعلومات. كما شمل التقرير الأوضاع الثقافية في الدول العربية وواقع الحولية العربية للثقافة بين عامي 2005-2006 والعقد العربي للتنمية الثقافية بين 2005 و2014 ويتضمّن العواصم الثقافية العربية وخاصة احتفالية "القدس عاصمة للثقافة العربية 2009" وسبل المشاركة في إنجاحها. كما تضمن التقرير مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة المرفوع إلى القمة العربية المقبلة إضافة إلى الاتفاقيات الثقافية العربية- العربية والعربية مع المنظمات الدولية والدول الأخرى وكذلك تحديث الخطة الشاملة للثقافة العربية. وأقر المؤتمر عقد دورته المقبلة في العاصمة القطرية الدوحة عام 2010 إضافة إلى البند الأخير الذي تضمّن مشروع الهيئة العربية للمسرح وآلية إنشائها المقترح من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة وإقامة مهرجانات عربية مشتركة، ومنها المهرجان الصيني العربي في معرض أمريكا للكتاب عام 2009 ودعم ترشيح فاروق حسني وزير الثقافة المصري لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو. وقال الدكتور المنجي بوسنينة المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إنّ الدورة السادسة عشرة لمؤتمر وزراء الثقافة العرب تنعقد في إطار ما أقرته قمة دمشق هذا العام في مجال تطوير الخطاب الثقافي العربي وإعداد خطة للنهوض باللغة العربية والتوجه نحو مجتمع المعرفة، وأشار بوسنينه إلى أنّ اللغة العربية هي مسكن للذات والتعبير الواقعي عن الشخصية والهوية والوجود العربي، وحول موضوع احتفالية القدس قال بوسنينة "إنّ هذه الفعالية ستكون احتفالية غير عادية وتشمل كلّ مجالات الإبداع في الأقطار العربية لنبرهن على تعلّقنا بالهوية العربية تحدياً للاحتلال الإسرائيلي الذي يرمي إلى تهويد هذه المدينة".