أعلن وزير السكن والعمران والمدينة عبد الوحيد طمّار عن الانطلاق في تحضير خارطة للمنتجين المحليين في مجال مواد البناء، بالتعاون مع وزارة الصناعة والمناجم ومنتدى رؤساء المؤسسات، تهدف إلى معرفة القدرات الوطنية في هذا المجال، من حيث الكم والنوع ومكان تواجدها، مشيرا إلى أنّ إنجازها سيؤدي إلى إصدار دفاتر شروط تتلاءم والمنتوج المحلي. وكشف عن برنامج مكثّف لسنة 2018 يتضمّن إنجاز أكثر من 320 ألف سكن، منها 150 ألف تابعة لبرنامج «عدل». تزامن هذا التصريح الصحفي وافتتاح الطبعة الأولى لمعرض الإنتاج الوطني للسلع والخدمات في قطاع البناء، أمس، بقصر المعارض، بحضور وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، حيث اعتبر طمّار أنّ الحدث يدخل في إطار سلسلة اللقاءات التشاورية التي نظّمتها الوزارة، وشملت مكاتب الدراسات ومؤسسات الإنجاز والمرقين العقاريين. وإلى منتجي مواد البناء، وجّه رسالة مفادها أنّ الوزارة ستكون أهم زبون لهم في المستقبل، ببرنامج سيتم إنجازه رغم الوضع المالي الراهن، كما شدّد عليه. وتوقّع في هذا الصدد، خلال لقاء على هامش المعرض، أن يتم استلام 1.6 مليون وحدة سكنية من هنا إلى 2019، وهو ما يعني أنّ القطاع سيكون أكبر مستهلك لمواد البناء، التي يريدها من الآن فصاعدا «محلية الصنع»، لكن بشرط توفّرها بالكميات وبالنوعية المطلوبة، وإلاّ اللجوء إلى الاستيراد. وليوضّح أهمية السوق التي يضمنها برنامج السكن إلى غاية 2019، أشار إلى الحاجة إلى 3 ملايين طن من الحديد و30 مليون طن من الإسمنت و30 مليون طن من الآجر و110 ملايين متر مربع من البلاط، إضافة إلى 50 مليون طن من الخزف و6 ملايين حنفية ومليوني تجهيز صحي، من دون إغفال التجهيزات الكهربائية وقنوات صرف المياه والكوابل... وقد أحصت الوزارة 2500 مؤسسة في مواد البناء، لكن يبقى التعرف على قدراتها الإنتاجية ونوعية منتجاتها، أهم رهان لضمان اتجاه الحكومة الجديد، للاعتماد على المنتج المحلي لتقليص الواردات. وضمن هذا المنظور، دعا طمّار المنتجين للعمل في نفس الاتجاه والترويج لمنتجاتهم، وكذا التواصل عبر صفحة الوزارة في «الفيسبوك»، كما طالب الشباب المقاولين بالانخراط في هذا المسعى، اقتداء بالمقاولين الشباب في مجال البناء، حيث تحدّث عن 23 ألف وحدة سكنية يتم إنجازها من طرف مؤسّسات مصغّرة. يوسفي: مصنع الإسمنت بأولف، مثل يحتذى به من جانبه، أكّد وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي، مرافقة الوزارة للحيوية التي عرفها قطاع البناء في السنوات الأخيرة، من خلال الاستثمارات الهامة في مختلف الفروع الصناعية، ولاسيما مواد البناء، للاستجابة كما ونوعا للطلب، حيث تمّ إحصاء 2128 مشروعا عموميا وخاصا في مختلف شعب مواد البناء منذ 2002. ولتأكيد ذلك، استدل الوزير بفرع الإسمنت الذي تمكّن من تغطية الاحتياجات الوطنية كليا وشرع في التصدير مؤخرا، بإنتاج قدّر ب22 مليون طن عام 2016، مع تقديرات تشير إلى وصول الرقم إلى 25 مليون طن خلال السنة الجارية و40 مليون طن عام 2020. ودعا يوسفي إلى الاقتداء بمثال مصنع الإسمنت المنجز بأولف في أدرار، الذي دشّنه الوزير الأوّل منذ أيام. وقال «في قلب الصحراء .. وفي غياب شبكات الكهرباء والغاز والطرق، المستثمر أنجز مصنع إسمنت عصري (له مصاف أكثر فعالية بكثير من تلك الموضوعة في مصنع مفتاح) من أجل الاستجابة للطلب المحلي والتصدير...وحتى كلفة الإنجاز والإنتاج ومدة الانجاز كانت أقل بالنصف مقارنة بمصانع أخرى ...فلم تثبط عزيمته أي صعوبات ولم توقفه أي عراقيل». إنّه النموذج «الذي يجب إتباعه»، والذي اعتبره نتاج «سياسة الدعم والتشجيع للاستثمار المطبقة ببلادنا»، مذكرا أنّ المصنع سيصدر 60 مليون دولار خارج المحروقات، وعبّر عن تفاؤله بقدرة الصناعة الجزائرية على تغطية احتياجات السوق. حداد: منح الأفضلية في المشاريع للمؤسسات الجزائرية وحيا رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، علي حداد، الحيوية التي يعرفها قطاع السكن، بعد ما وصف «الجمود» الذي ساده سابقا وأعاق عمل المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة كما قال معتبرا أنّ الرهان اليوم هو منح الأفضلية للمؤسسات الوطنية لإنجاز مشاريع السكن، مؤكّدا أنّ المنتدى يلتزم بتجنيد كلّ القدرات الوطنية لتحقيق الأهداف المسطرة، لاسيما أنّ البناء يعدّ من أكثر القطاعات التي تأثّرت بالأزمة المالية، كما أضاف، منبّها إلى أنّ تنظيم المعرض جاء امتدادا للجامعة الصيفية للمنتدى، والتي سجّلت أن المؤسسات الجزائرية لا تمثّل سوى 30 بالمائة من حصة السوق في البناء، معتبرا أن ذلك يعدّ «أمرا غريبا». ما دفعه للمطالبة باتّخاذ «إجراءات عاجلة» لقلب هذه المعادلة، التي تعود -حسبه - إلى «خيارات شخصية» وليس ل»إرادة سياسية»، باعتبار أنّ الإطار التشريعي والتنظيمي يشجّع الإنتاج الوطني، ودليله هو عدم تطبيق تعليمة 2011 حول هامش الأفضلية ب25 بالمائة للمنتجات الجزائرية المنشأ والمؤسّسات ومكاتب الدراسات الخاضعة للقانون الجزائري، وهو ما جعله يحيي تصريحات الوزير الأول الأخيرة حول تفضيل ما هو محلي، خلال زيارته لأدرار. ولتجسيد التوجّهات الحكومية، أوصى حداد بإنشاء فرع للبناء المحترف والمنظّم وتشجيع الابتكار عبر أقطاب التميز وكذا تحسين نوعية البناء بمضاعفة عدد مراكز التكوين.