استعرض المسرحي الجزائري هارون الكيلاني في آخر يوم من أيام مهرجان المسرح العربي بتونس، تجربته الرائدة في غرس أولى بذور المسرح في موريتانيا. ولخّص تجربته بما أسماه «مسرح بين محيطين»، ففي موريتانيا للمسرح عوائق اجتماعية، ثقافية وسياسية. أضاف الكيلاني خلال محاضرة احتضنها فندق إفريقيا بالعاصمة التونسية، أن المشكل على المستوى الاجتماعي يتمثل في نظرة المجتمع إلى المسرح كفن هابط، وثقافيا يعاني من غياب المثقفين عن المسرح متابعة وكتابة ونقدا مع اعتباره من سقط المتاع. أما العائق السياسي فيرتبط أساسا بغياب الجهات المعنية، ودُور محترفة للعرض المسرحي. ودعا الكيلاني، بالمناسبة، إلى مد اليد للمسرحيين الموريتانيين، وتوسيع دائرة مشاركتهم، وتشجيعهم وإلا فإنه لا مستقبل للمسرح في هذا البلد. من جهته، تدخّل بابا ولد ميني في محور «عوائق وانتظارات المسرح الموريتاتي». وقال إن المسرحية في موريتانيا ولدت انطلاقا من إيمان رسخه عشاق المسرح من هواة آمنوا بدور المسرح، غير أنه لا وجود لاهتمام رسمي بالفن المسرحي، فضلا عن كون العقلية التقليدية تجهل المسرح، بل تعاديه، إلى جانب تقصير الإعلام في التعريف بالمسرح وأهميته وندرة الكفاءات وغياب معاهد للمسرح وتفشي الفساد والمحسوبية؛ كمعيار لإسناد الدعم المالي للجمعيات المسرحية، كما نسجل غياب المهرجانات الاحترافية. وأكد أن تطور المسرح الموريتاني رهين توفر الشروط التالية: إصدار وثيقة سياسات فنية شاملة، يتم إعدادها بين القطاع الثقافي والقطاع الوصي، وإيجاد آليات تواصل مع المستشارين الثقافيين، وإرساء مبدأ الشفافية في تسيير الشأن الثقافي، وتشييد بنية تحتية ومركبات ثقافية. وختم يقول إن المسرح الموريتاني يحتاج إلى الدعم، إذ يتوفر على طاقات شابة مستعدة للتضحية، وكل ما ينقصها هو التكوين والتأطير. الأستاذ إبراهيم ولد سمير عنون مداخلته ب «المسرح الموريتاني بين إكراهات الواقع وانتظارات المسرحيين»، حيث يعاني المسرح الموريتاني من عوائق عدة تقف حجر عثرة أمام تقدمه وتأسيسه على أسس صلبة تضمن له الاستمرارية والتميز هناك. وانطلق الباحث من العوائق الإدارية، معرجا على انعدام وقلة وجود مختصين في الوزارة، علما أن كتّاب المسرح يُعدّون على أصابع اليد الواحدة، مع غياب البنى التحتية وغياب الدعم المالي للفرق والجمعيات المهتمة بالمسرح؛ «لذا فإننا نتطلع لأن تخصص وزارة الثقافة إدارة لترقية الفنون، وخلق مهرجانات وطنية للمسرح». كما دعا إلى دعم المشاركات الخارجية للفرق المسرحية الوطنية، وتكريم رواد المسرح الوطني في التظاهرات الوطنية وبناء مسرح وطني، فضلا عن الاهتمام بالأنماط المسرحية الأخرى؛ مثل المسرح التجريبي ومسرح الدمى والعرائس وخيال الظل. د.م