سمحت لنا الفرصة أن نرافقها هي ومساعدتها في رحلة تحد أخرى بتونس، حيث أقيم مؤخرا رالي "عليسة" الدولي لسباق السيارات النسوي، فكان تصميمها على الفوز ورفع الراية الجزائرية عالية، كبيرا وأكيدا، وبالفعل وسط أكثر من ستين مشاركة من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية تصدرت القائمة ومساعدتها.. جازية خدام، شابة جزائرية حاصلة على شهادة عليا في الهندسة الميكانيكية للسيارات، متزوجة وأم لطفل في الخامسة وعاملة بشركة للسيارات عشقت القيادة وبرعت فيها لدرجة أن أصبحت رائدة، بل وبطلة في مجال قلّ فيه تواجد النساء عن مشوارها وتحدياتها وسر نجاحاتها وعن مشاركتها في رالي عليسة، تحديدا دار محتوى اللقاء الذي جمعنا بها. ❊ اقتحمت عالما قد يهابه الرجال وتحديت ونجحت، فكيف كانت بداية دخولك مجال سباق السيارات ومن شجعك على ذلك؟ ❊❊— عشقي لقيادة السيارات ليس وليد اللحظة، فمنذ الصغر وأنا شغوفة بعالم كان يراه المجتمع حكرا على الرجال لأفقه الضيق وعدم ثقته بقدرات المرأة الجزائرية التي لا تعرف حدودا، فكل ما يعرقل المرأة عندنا هو عدم تشجيعها، فأنا مثلا حين بلغت الثامنة عشر، كنت قد تحصلت على رخصة قيادة وسيارة هدية من والدي الذي شجعني كثيرا، وهو من نمّى في حب القيادة ودفعني للأمام، إذ كان يأخذني دوما معه في تنقلاته عبر ولايات الوطن، وهكذا تدرّبت على القيادة فتلاشت لدي شيئا فشيئا رهبة المسافات طويلة، لأجد بعدها تشجيعا من زوجي الذي هو أيضا ممارس للرياضة الميكانيكية نفسها، أي سباق السيارات، فتشجيعا أكبر من الشركة التي أعمل بها والتي دفعتني إلى هذه الرياضة، بعد أن لاحظت موهبتي الكبيرة وتفوقي في هذا المجال. ❊ ما هو عدد السباقات التي شاركت فيها وما أبرز نتائجها؟ ❊❊— أكثر من عشرين سباقا، منها سباق اليمامات ورالي الغزالة ورالي تحدي صحاري بسكرة وتيميمون وجنات، حيث قطعنا أكثر من 5 آلاف كلم، جلنا من خلال هذه المسافة الطويلة مدن جزائرية رائعة كمنطقة الحمراء، اكتشفتها أنا شخصيا من خلال مثل هذه السباقات الهامة رياضيا وسياحيا، إذ تمكننا من زيارة مدن سياحية كثيرة، وطبعا كنت تقريبا دائما في المقدمة أية حائزة على المراتب الأولى، ففي 2016 فزت بالمرتبة الأولى في سباق اليمامات. ❊ماذا عن سباق "عليسة" تونس 2018؟ ❊❊هو سباق المواظبة، يعتمد أكثر على احترام قوانين المرور واحترام السرعة المحددة وفاطمة الزهراء، وأنا كطاقم جزائري قائد ومساعد، رفعنا التحدي وفزنا عن جدارة في المراحل الثلاث التي قطعنا سويا من خلالها أزيد من 1200 كلم، أي أننا جلنا أغلب المدن التونسية تقريبا بداية من طبرقة، وصولا إلى "قفصة" صحراء تونس، وعودة إلى الحمامات، فطبرقة، الرالي كان ممتعا وصعبا نوعا ما في وجود متسابقات تونسيات وأجنبيات من أهم الجنسيات الأوروبية، مشاركة كبيرة من كندا خاصة، سويسرا، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا وألمانيا، وكانت هناك متسابقات قويات سبق لهن أن شاركن في أشهر وأكبر الراليات، كرالي دكار، لكن مع هذا كنا أنا ومساعدتي فاطمة الزهراء بن علي، الأقوى وأخذنا المرتبة الأولى عن جدارة واستحقاق بشهادة المنظمين، ومنهم السيد الطيّب بوحجر منظم الرالي الذي نشكره بالمناسبة، وكذا الاختصاصيين والمتسابقات العربيات والأجنبيات. ❊ في مثل هذه السباقات، على ما يعتمد الفوز؟ ❊❊— بالنسبة لنا كمتسابقات جزائريات، اعتمدنا على الإرادة وروح التحدي والتصميم على رفع راية الجزائر عالية، خارج الجزائر، هذا كان سلاحنا الأقوى أنا وفاطمة الزهراء، ثم طبعا على الالتزام بما جاء في كتاب الطريق أو "الراود بوك" الذي احتوى على كل ما يتوجب الالتزام به من احترام قوانين المرور والمسافة المحددة، وغيرها من القوانين الأخرى التي سنت خصيصا لمثل هذا السباق، أي سباق المواظبة الذي يرتكز أساسا على حسابات دقيقة جدا لابد من إجادتها، وبما أن اختصاصنا رياضيات، لم نجد صعوبة. ❊ ما إحساسكم وأنتم تنتزعون الفوز من بين أيدي أكثر من ستين متنافسة تونسية وأجنبية؟ ❊❊— طبعا هي فرحة لا توصف، فمنذ البداية جئنا للفوز وكنا أهلا لذلك، وكافأنا الجزائر بالكأس والمرتبة الأولى، وهما هديتنا لها والجزائر تستحق أن نضحي ونفوز لأجلها، وما تحدينا إلا لرفع رايتها خفاقة عالية وكان لنا ذلك بتوفيق من الله طبعا ، هي فرحة لا توصف ممزوجة بفخر واعتزاز. ❊ هل من كلمة أخيرة؟ ❊❊— كلمتي ستكون أولا للمرأة الجزائرية التي أشجعها شخصيا بالتحدي في أي مجال تعشقه، فيجب أن لا تتراجع إذا كان في ذلك خير لهذا الوطن، وأن لا تستمع لمن يحاولون عرقلة طريق نجاحها، كما أوجه نداء خاصا للمسؤولين على الرياضة الميكانيكية في الجزائر وأدعوهم للالتفاتة والاهتمام بالمرأة المتفوقة في هذا المجال، لأن اهتمامهم على ما يبدو وهو صراحة ظاهر جدا، منصب على الرجال فقط، اعتقادا منهم أن الاستثمار في المرأة في هذا المجال هو دون فائدة، فأنا أقول العكس وها نحن كبطلات جزائريات في الرالي أمامكم وكمثال حي للنجاح والتفوق، ومن هذا المنبر أوجه شكرا وامتنانا لزوجي الذي يقف بجانبي دائما، ولأبي الذي كانت ثقته واهتمامه دافعين قويين لانطلاقتي ونجاحي وأمي التي تسهر على تربية ابني ورعايته في غيابي، دون أن أنسى جريدة "المساء" التي منحتني فرصة هذا اللقاء.