إشتدت لهجة الاتهامات بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي من جهة وسوريا وإيران وحزب الله من جهة أخرى قد تؤدي إلى مواجهات عسكرية على خلفية إسقاط إسرائيل لطائرة بدون طيار إيرانية وتمكن الدفاعات الجوية السورية من إسقاط مقاتلة إسرائيلية من طراز أف 16. وتعد هذه سابقة في سياق تطورات الحرب الأهلية السورية والتداخلات الإقليمية التي تعرفها منذ التدخل العسكري الروسي وقبلها تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة قبل أن تتدخل تركيا قبل أسبوعين ضد أكراد سوريا بدعوى أنهم "إرهابيين". ولم تنتظر إسرائيل طويلا للرد على العملية النوعية التي حققتها القوات السورية، بإقدامها على قصف 12 هدفا عسكريا داخل العمق السوري ضمن تطورات حملت في طياتها مؤشرات انزلاق عسكري مفتوح على كل الاحتمالات بين إسرائيل والقوات السورية المدعومة بقوات إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله اللبناني. ووجدت روسيا نفسها في ظل هذه التطورات بمثابة "حكم" يريد استغلال علاقاته الجيدة مع كل أرقام هذه المعادلة، حيث سارعت إلى إصدار بيان دعت من خلاله كل الأطراف إلى التعقل وتجنب كل ما من شأنه أن يزيد في تعقيد الوضع العام في بلد منهك بحرب مدمرة منذ أكثر من سبع سنوات. لكن روسيا، وضمن حرصها على تجنب أي تصعيد في المواقف، أرفقت دعوتها بتحذير علني بأنها لن تقبل أبدا بوضع حياة جنودها في "خطر" في تلميح إلى احتمال لجوء الأطراف إلى الرد ورد الفعل بما قد يخلط عليها حساباتها في مأزق لم يشأ أن يعرف نهايته. وزادت مخاوف موسكو بعد أن أقدم الطيران الحربي الإسرائيلي على تنفيذ غارات جوية واسعة النطاق ضربت 12 هدفا عسكريا من بينها 12 بطارية مضادة للدفاعات الجوية السورية وأربعة أهداف إيرانية في سوريا لم تحدد طبيعتها، بدعوى الرد على طائرة إيرانية بدون طيار دخلت مجالها الجوي ليلة الجمعة إلى السبت وتمكنت من إسقاطها. ونفت السلطات الإيرانية الاتهامات الإسرائيلية وأكدت أن حكومة الاحتلال إنما أرادت من وراء تبريراتها للتغطية على جرائمها المقترفة في فلسطينالمحتلة". وأكدت الخارجية الإيرانية أن لسوريا كامل الحق في الدفاع عن سيادتها أمام أي عدوان إسرائيلي. وقال برهام قاسمي، الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن تبريرات إسرائيل بدعوى تحليق طائرة دون طيار فوق أراضيها انطلاقا من الأراضي السورية تبقى تبريرات ساذجة ولن تجد من يصدقها. ونفى المسؤول الإيراني كل تواجد عسكري لقوات بلاده في سوريا باستثناء تواجد مستشارين عسكريين تلبية لطلب تقدمت به الحكومة السورية لنظيرتها الإيرانية، في نفس الوقت الذي نفت فيه القيادة المشتركة للقوات الموالية لسوريا أي انتهاك للمجال الجوي الإسرائيلي وهددت إسرائيل برد حازم في حال أقدم جيش الاحتلال على تكرار ضرباته. وأكدت مصادر عسكرية سورية أن الضربات الجوية الإسرائيلية استهدفت "موقعا لتوقف طائرات بدون طيار" مخصصة لجمع المعلومات في محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا وخاصة تنظيم "داعش" الإرهابي. وأكدت مصادر إعلامية سورية أن الدفاعات الجوية السورية تصدت لهجوم جوي إسرائيلي بالقرب من العاصمة دمشق بعد هجمات مماثلة ضربت أهدافا في وسط سوريا من دون أن تحدد طبيعة هذه الأهداف ودرجة الأضرار التي ألحقت بها، وأضافت أنها تمكنت من إصابة طائرة حربية إسرائيلية. ويعد هذا أكبر انزلاق في العلاقات السورية الإيرانية من جهة والإسرائيلية من جهة ثانية منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا سنة 2011، التي عرفت تصعيدا إضافيا منذ الإعلان عن وجود عسكريين إيرانيين في سوريا لدعم القوات النظامية السورية في وجه المعارضة المسلحة لحكومة دمشق ضمن تطورات قد تؤدي إلى حرب إقليمية تبقى غايتها النهائية تمييع الحلول السياسية لأزمة سورية عمّرت لأكثر من سبع سنوات.