بدأت ملامح التشكيلة الحكومية للرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما تتضح شيئا فشيئا بعد أن وقع اختياره على روبرت غيتس وزير الدفاع الحالي للبقاء في منصبه واضطلاع هيلاري كلينتون عقيلة الرئيس الأمريكي الأسبق ومنافسته في الحزب لخوض سباق الرئاسيات بمنصب وزارة الخارجية. وإذا كانت الرئاسة الأمريكيةالجديدة لم تعلن بصفة رسمية عن هذه الأسماء إلا أن ذلك قد يكون يوم غد الاثنين بمناسبة ثاني ندوة صحافية سيعقدها الرئيس الأمريكي القادم والتي سيكشف خلالها عن وزراء حكومته.وكان الرئيس اوباما قد أعلن عن فريقه الاقتصادي برئاسة وزير الخزينة ثيموتي غيتنر. وجرت العادة في تاريخ الرئاسيات الأمريكية أن يتم الكشف عن الطاقم الأمني للرئيس الجديد ولكن الرئيس اوباما أحدث الاستثناء هذه المرة ربما بسبب تداعيات الأزمة المالية التي هزت أركان الاقتصاد الأمريكي وأدخلته في متاهة ركود لم يعرفه منذ أزمة ثلاثينيات القرن الماضي. وكانت مواجهة تداعيات هذه الأزمة التي بدأت محدودة الأثر قبل ان تتحول الى اشبه بكرة الثلج مست بعض البنوك الرهنية لتمس بنوكا عالمية لتتعدى الحدود الأمريكية وتعصف ببورصات واقتصاديات دول العالم الرأسمالي التي دخلت اقتصادياتها هي الأخرى في مرحلة كساد غير مسبوق. وقد احتفظ اوباما بروبرت غيتس على رأس البنتاغون لمعرفته بكل خبايا المغامرتين العسكريتين لسابقه جورج بوش في كل من أفغانستان والعراق وبالتالي الاحتفاظ به حتى لا يحدث هزات استراتيجية في كيفيات التعاطي مع الوضعين في هاتين الدولتين. بالإضافة إلى قناعة غيتس نفسه بضرورة سحب قوات بلاده من العراق وهي القناعة التي رفعها أثناء حكم الرئيس بوش وزكاها الرئيس الجديد باراك اوباما. وإذا كان العديد من المتتبعين اعتبروا أن بقاء غيتس في منصبه كان منتظرا بسبب المواقف المؤيدة له داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي على السواء إلا انه احدث الاستثناء كونه أول وزير امريكي للدفاع يحتفظ بمنصبه في ظل إدارة جديدة. كما انه اختار منافسته السابقة هيلاري كلينتون لشغل منصب سابقتها كوندوليزا رايس في وزارة الخارجية في تقليد أمريكي يبدو أنه بدا يتكرس بتولي سيدات مقاليد الإشراف على وزارة الخارجية الأمريكية بدلا من الرجال وبعد ان ادت رايس دورا محوريا في تمرير السياسة الخارجية لادارة الرئيس جورج بوش. ويبدو أن مواقف الرئيس الجديد بالاحتفاظ بعدد من القياديين في الحزب الجمهوري يتعارض مع مضمون شعار التغيير الذي حمله طيلة حملته الانتخابية وكان سببا في فوزه بالانتخابات الأخيرة. وهو ما دفع بعدد من منتقديه وحتى أنصاره إلى التساؤل حول الغاية من الاحتفاظ بوزير الدفاع الحالي حتى وإن كانت مواقفه متطابقة مع مواقف الحزب الديمقراطي.