جاء مشروع قانون الإجراءات الجزائية، الذي تحوز «المساء» على نسخة منه، بمواد جديدة تعزز حق الدفاع، تضع في متناول «المعسر»، أي المحكوم عليه بالدين، آليات قانونية لمواجهة الإكراه البدني «السجن»، حيث تتيح له النيابة إثبات العسر بأية وسيلة، بعدما كان في السابق محصورا في شهادة الفقر المستخرجة من البلدية أو تلك الصادرة عن مصالح الضرائب. كما يرد المشروع أيضا الاعتبار للجزائريين المحكوم عليهم بعقوبات صادرة من جهات قضائية أجنبية والمقيدة في صحيفة السوابق العدلية، مع مراجعة مدد رد الاعتبار القانوني بهدف تسهيل وتبسيط إعادة الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم. تضمّن مشروع قانون الإجراءات الجزائية الجديد، حسب النسخة التي تحوز عليها «المساء»، تعديلات إيجابية، وضعها المشرع الجزائري، قصد تكييف المنظومة القانونية الوطنية مع التطورات العالمية في مجال تعزيز حقوق الإنسان واستكمال تطبيق إصلاح العدالة الوارد في برنامج رئيس الجمهورية، لاسيما أن النص المعمول به حاليا يعود لسنة 1966. ويتضمن المشروع، 13 مادة جديدة جاءت لتتمم وتعدل وتكيّف المواد الواردة في النص الحالي، حيث شملت التعديلات بالدرجة الأولى، «مراجعة الأحكام المتعلقة بالإكراه البدني (السجن) المسلط على المعسر، أي الذي على عاتقه دين مالي. كما يقترح النص تعزيز حماية الحريات وتكريس قرينة البراءة، من خلال تطبيق إجراءات جديدة في مجال الإكراه البدني، بواسطة الطعن بالنقض الذي يوقف تنفيذ الإكراه البدني». وشمل التعديل بشكل أساسي المادة 599 الموجودة في القانون الحالي، والتي كانت تجيز تنفيذ عقوبة الغرامة المالية ورد التعويضات المالية والمصاريف القضائية في الجنايات والجنح عن طريق الإكراه البدني، الذي لا يسقط بأي حال من الأحوال، فيما جاء في المادة 2 من المشروع تعديل وتكييف كل من المواد 599، 602، 603، 609، 618، 620، 624، 627، 628، 629 و630. وتضمنت المادة 603 المعدلة، طرق إثبات العسر المالي بأي وسيلة لتجنب الإكراه البدني، غير أنها استثنت «المحكوم عليهم بسبب جناية أو جنحة اقتصادية أو أعمال الإرهاب والتخريب أو الجريمة العابرة للحدود الوطنية وكذا الجنايات والجنح المرتكبة ضد الأحداث». تسديد نصف المبلغ وإتمام بقية الدين بالأقساط كما يشترط التعديل الجديد أن يقوم المحكوم عليه بدفع نصف المبلغ، المحكوم به عليه، مع الالتزام بأداء باقي المبلغ كلية أو على أقساط في أجال يحددها وكيل الجمهورية بعد موافقة طالب الإكراه البدني، بالإضافة إلى اقتراح مراجعة مدد الحبس والمبالغ التي يطبق عليها الإكراه المدني». وتشرح المادة 602 المعدلة في القانون الحالي، كيفيات تطبيق هذا الأمر بالتفصيل حسب مبلغ الدين. أما النقطة الثانية، التي تناولها المشروع، فتتعلق بمراجعة الأحكام المتعلقة بصحيفة السوابق القضائية، حيث يقترح في هذا الصدد عدة تعديلات تتعلق بإنشاء صحيفة السوابق القضائية للأشخاص المعنويين، و«يهدف إنشاء هذه الصحيفة إلى مطابقة أحكام قانون الإجراءات الجزائية مع أحكام قانون العقوبات التي كرست المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ويقترح أن تضم هذه الصحيفة جميع البطاقات المتعلقة بالعقوبات والجزاءات التي تصدر ضد الأشخاص المعنويين، قصد تسهيل استغلالها من طرف السلطات العمومية في إطار تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية». في هذا الإطار، ينص المشروع على إنشاء هذه الصحيفة بالمصلحة المركزية لصحيفة السوابق القضائية بوزارة العدل، ويحدد كيفيات سيرها وتحيينها وكذا السلطات التي تسلم لها والتي يحصرها في النيابة العامة وقضاة التحقيق وإدارة المالية والإدارات العمومية والممثل القانوني للشخص المعنوي. وفي سياق تحين أحكام صحيفة السوابق القضائية، يقترح المشروع مطابقة أحكام صحيفة السوابق العدلية مع الأحكام المتعلقة بعقوبة العمل للنفع العام وبالأوامر الجزائية المنصوص عليها في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية. كما يقترح المشروع تحيين قانون الإجراءات الجزائية وتكييفه مع الأحكام الجديدة الخاصة بتحصيل الغرامات والمصاريف القضائية من قبل المصالح المختصة للجهات القضائية، وذلك بالنص على تولي هذه المصالح إشعار المكلفين بمسك صحيفة السوابق العدلية عن المحكوم عليهم الذين يقومون بتسديد الغرامات والمصاريف القضائية، وذلك بهدف تحيين المعلومات الواردة في صحيفة السوابق العدلية الخاصة بهم. تسليم صحيفة السوابق العدلية إلكترونيا ويتيح النص أيضا إمكانية تسليم صحيفة السوابق العدلية إلكترونيا، وإمكانية استلامها من طرف المراكز الدبلوماسية أو القنصلية الجزائرية بالخارج، حيث يقترح في هذا الصدد تكييف الأحكام المتعلقة بصحيفة السوابق العدلية مع القانون الخاص بحماية الطفل في جانبه المتعلق بتنفيذ العقوبات ومع الأحكام الجديدة المتعلقة بمحكمة الجنايات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية. وبالنسبة لمحور مراجعة الأحكام المتعلقة بصحيفة مخالفات المرور، يدعو المشروع إلى مراجعة الأحكام المنظمة لصحيفة مخالفات المرور المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية منذ سنة 1966، ويدعو إلى تشكيل قاعدة معطيات عن العقوبات التي تصدرها الجهات القضائية والخاصة بالمخالفات المرورية المنصوص عليها في قانون المرور وذلك بواسطة تحرير نسخة ثانية من كل بطاقة تتضمن هذه العقوبات وكذا بطاقات الإلغاء أو التعديل التي تلحق بها مع إرسالها إلى صحيفة مخالفات المرور. إدراج جرائم المخدرات في صحيفة السوابق العدلية ويقترح المشروع في الجزء الخاص بالأحكام المتعلقة بصحيفة الإدمان على الخمور، غير المفعلة في النص الحالي، بأن تشمل هذه الصحيفة أيضا الجرائم المتعلقة بالمخدرات، حيث ينص على تحرير نسخة ثانية عن البطاقات التي تنشأ عن العقوبات التي تصدرها الجهات القضائية بالنسبة لهذين النوعين من الجرائم وإرسالها إلى هذه الصحيفة. وأخيرا يتناول النص الجديد الأحكام الخاصة برد الاعتبار، حيث يحدد المشرع كيفيات رد الاعتبار القانوني والقضائي للشخص المعنوي، ويقترح أيضا أحكاما تتعلق برد الاعتبار للجزائريين المحكوم عليهم بعقوبات صادرة من جهات قضائية أجنبية والمقيدة في صحية السوابق القضائية. كما يقترح المشروع في هذا الباب مراجعة مدد رد الاعتبار القانوني بهدف تسهيل وتبسيط إعادة الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم. تجدر الإشارة إلى أن لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني لم تشرع بعد في مناقشة هذا المشروع.