اعتبر نائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي مصطفى مقيدش رد فعل الاتحاد الأوروبي إزاء التدابير المتخذة من طرف الجزائر بهدف مواجهة الاختلال القائم في ميزان مدفوعاتها "متناقضا"، لاسيما من حيث توقيته غير المناسب كونه يتزامن مع ما تعرفه المبادلات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي من تطور محسوس. واستغرب السيد مقيدش في تدخله أمس، على أمواج الإذاعة الوطنية، تزامن رد فعل الاتحاد الأوروبي بخصوص الإجراءات المتخذة من طرف الجزائر من خلال التعليق المؤقت لبعض الواردات بغرض حماية اقتصادها الوطني، مع التوقيع مؤخرا على عقود مهمة في مجال المحروقات بين الجزائر وإيطاليا، في وقت تم فيه أيضا إستحداث العديد من الشراكات بين المؤسسات الجزائرية والأوروبية في مجال صناعة السيارات، فضلا عن رفع الحظر عن استيراد العديد من المدخلات الضرورية للإقتصاد الجزائري. ولفت المتحدث في هذا الصدد إلى الارتفاع الذي عرفته فاتورة واردات الأجزاء المستخدمة في تركيب السيارات في فائدة المصنعين الأوروبيين (لا سيما منهم الفرنسيين والألمان)، متأسفا لغياب تجاوب "متفهم" من طرف الشركاء الاقتصاديين الأوروبيين في الوقت الذي تواجه فيه الجزائر تراجعا كبيرا في عائداتها من العملة الصعبة، رغم أن صادرات الاتحاد الأوروبي باتجاه الجزائر لم تعرف تراجعا كبيرا حسبه حيث بلغت 22 مليار دولار في 2016 و20 مليار دولار في 2017، وهي تمثل نصف المبلغ الإجمالي لفاتورة الواردات الجزائرية. كما تأسف السيد مقيدش للاختلال المستمر في المجال الإقتصادي بين الجزائر والاتحاد الأوروبي منذ إمضاء اتفاق الشراكة في 2005، مشددا على ضرورة التقليص من هذا الاختلال وتطوير النشاطات في القطاع الخاص وتفعيل الاستثمارات أكثر، "حتى لا ينحصر التعاون بين الطرفين فقط في المبادلات التجارية". وتجدر الإشارة إلى أن منتدى رؤساء المؤسسات والاتحاد العام للعمال الجزائريين عبرا أول أمس، من جهتهما، عن قلقهما عقب التصريحات الصادرة عن مسؤولين سامين لهيئات تابعة للاتحاد الأوروبي حول التدابير المتخذة من طرف الجزائر بغية مواجهة الاختلال الكبير القائم في ميزان المدفوعات وفي عجز الميزانية الذي يهدد السيادة المالية والاقتصادية للبلاد. وأكدت المنظمتان في تصريح مشترك أن "تدابير الحماية هذه لا تقوّض أبدا رغبة الجزائر في تعزيز تعاونها الاقتصادي مع شركائها الاستراتيجيين ومن ضمنهم الاتحاد الأوروبي". وجاء في هذا التصريح المشترك "بالنظر إلى الظروف التي من شأنها أن تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، فيتضح لنا أنه على شركائنا دعم جهود الجزائر طالما أن التعديلات المدخلة كفيلة بتدعيم إمكانياتها الاقتصادية، وبالتالي تكثيف حجم التعاون الدولي". وفي هذا الشأن، أكد منتدى رؤساء المؤسسات والاتحاد العام للعمال الجزائريين أنه "من الضروري الإشارة إلى أن تصاعد الإجراءات الحمائية في عديد من البلدان التي تسمى بالمتقدمة والمصنعة لم يؤد إلى ردود أفعال من هذا القبيل". كما أكدت المنظمتان، في هذا الشأن، أن "التدابير المتخذة من طرف الجزائر بغية حماية اقتصادها لا تعكس أي رغبة في تخفيض التبادلات التجارية، بل جاءت للتحكم بشكل أحسن في الصادرات في إطار إعادة نشر اقتصادها". وجاء في مضمون هذا التصريح المشترك "لطالما كانت الجزائر شريكا موثوقا في علاقاتها الاقتصادية الثنائية ومتعددة الأطراف، والتي تطبق بخصوصها مبدأ رابح رابح". وكان الوزير الأول أحمد أويحيى قد دعا خلال منتدى الأعمال الجزائري - الإسباني المنعقد بداية أفريل الجاري بالجزائر بحضور نظيره الإسباني ماريانو راخوي براي إلى تفهم الممونين التقليديين للجزائر بخصوص إجراءات الحماية التجارية التي اتخذتها الحكومة من أجل إعادة التوازن لميزان المدفوعات، حيث قال في هذا الصدد "ينبغي علينا القول بأن الجزائر تمر بمرحلة مالية صعبة بسبب تراجع أسعار المحروقات التي أثرت بشكل كبير على ميزان المدفوعات"، قبل أن يضيف "أمام هذه الوضعية، قامت الحكومة التي قررت الحفاظ على النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والثقافية باتخاذ الإجراءات اللازمة، لاسيما تدابير مؤقتة للحماية في مجال التجارة الخارجية، معربا عن أمله في "تفهم الممونين التقليديين للجزائر في إطار التضامن".