أبرز وزير التعليم العالي والبحث العلمي طاهر حجار أمس، أهمية الجهود التي تبذلها الدولة منذ عام 2000 من أجل توزيع عادل للماء على المستوى الوطني وتوفير المياه للمواطن وتعزيز قدرات السقي الفلاحي، حيث أشار في هذا الإطار إلى جهود بناء السدود التي ارتفع عددها إلى 78 سدا، وكذا إلى تجربتي الجزائر الرائدتين في مجال تحلية مياه البحر بالشمال وتحويل المياه الجوفية بالجنوب، كاشفا بالمناسبة عن وجود 29 جامعة وثلاث مدارس وطنية عليا مختصة في مجال الهيدرولوجيا والموارد المائية، تضمن خلال الموسم الجامعي الحالي تكوين 6650 طالبا يضافون إلى آلاف المتخرجين في هذا المجال خلال السنوات الماضية. وأكد الوزير لدى إشرافه على انطلاق أشغال الملتقى الدولي الثالث حول «هيدرولوجيا الأحواض الإفريقية الكبرى» بالجزائر العاصمة، بعد اللقاء الأول المنعقد بتونس في 2016، ثم اللقاء الثاني بالسينغال في 2017، على أهمية التكوين والبحث في مجالات المياه والطاقة، كونها تمثل أولوية قصوى لتحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا، خاصة في البلدان ذات المناطق الصحراوية والقاحلة وشبة القاحلة، مبرزا بالمناسبة الأهمية الكبيرة التي يوليها القطاع لتكوين المهندسين والباحثين في هذا المجال من أجل المحافظة على المورد المائي وتطوير تخزينه وحسن استغلاله. وعدّد وزير التعليم العالي مجموعة من التحديات التي تعد الجزائر وباقي الدول الإفريقية المعنية الأولى بظاهرة الجفاف، ومنها نقص الموارد المائية وتذبذب تساقط الأمطار بفعل العوامل المناخية والتصنيع المتزايد والذي نجم عنه انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مقابل تزايد الطلب على الموارد المائية خصوصا فيما يتعلق بالتزود بالمياه الصالحة للشرب والسقي الفلاحي لضمان الأمن الغذائي. وشدّد السيد حجار في سياق متصل على أن الدول الإفريقية مطالبة بالبحث عن أنجع السبل الكفيلة بتوفير الموارد المائية وتثمينها والمحافظة عليها، من أجل تفادي التبعية الغذائية، لافتا إلى أنه ضمن هذا المسعى، يأتي تنظيم هذا الملتقى من قبل المدرسة الوطنية للري تحت إشراف برنامج «ماد فراند» التابع لمنظمة اليونسكو، والذي يعكف خلاله المشاركون من مختصين وباحثين من 30 دولة على مدار 3 أيام على تبادل البيانات والاستراتيجيات المتبعة للقضاء على ظاهرة الجفاف، بما يسمح بفهم أفضل للتنوع والتشابه الهيدرولوجي للأحواض الإفريقية عبر الزمان والمكان. وبالمناسبة، عبر السيد حجا عن أمله في أن يخرج الملتقى الذي تختم أشغاله غدا بتوصيات تفيد الجزائر، معتبرا اللقاء فرصة سانحة لتوطيد التعاون وتنسيق الجهود وتبادل الرؤى بمناقشات علمية في ميدان البحث العلمي مع الخبراء والباحثين والمختصين في ميدان الهيدرولوجيا والموارد المائية. كما عبّر الوزير عن أمله في «أن تكون هذه الأعمال كفيلة بتحديد نماذج التنبؤ على مستوى الأحواض الهيدروغرافية الكبرى، وكذا طرق التسيير الاقتصادي للموارد المائية مع نظرة استشرافية بتطوير ومراعاة التطور المستدام والمندمج للموارد المائية وتحقيق التعاون الأمثل». وذكّر في هذا الإطار بالجهود التي قامت بها الدولة منذ عام 2000 من أجل توزيع عادل للماء على المستوى الوطني وبالتالي إيصال الماء الشروب للمواطنين وتوفير كميات كبيرة لقطاعي الفلاحة والصناعة، مشيرا في هذا الصدد إلى ارتفاع عدد السدود الوطنية إلى 78 سدا، فيما يتوقع أن يصل عددها إلى 120 سدا في آفاق 2030، بما سيؤدي إلى ارتفاع حجم المياه المعبأة إلى حوالي 10 مليارات متر مكعب. وأبرز السيد حجار في سياق متصل تجربة الجزائر في مجال تحلية مياه البحر عبر المدن الساحلية وتحويل المياه من مناطق إلى أخرى من أجل تزويد المدن الجنوبية بالمياه الصالحة للشرب، على غرار عملية تحويل المياه الجوفية من مدينة عين صالح إلى مدينة تمنراست على مسافة 750 كلم، حيث تم تخصيص حصة يومية ب50 ألف متر مكعب ويتوقع أن تصل إلى حدود 100 ألف متر مكعب مطلع 2030. أشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي في نفس السياق إلى وجود 29 جامعة وثلاث مدارس وطنية عليا مختصة في مجال الهيدرولوجيا والموارد المائية، تضمن خلال الموسم الجامعي الحالي تكوين 6650 طالبا من ضمنهم 3814 طالب في طور الليسانس و2836 طالب في طور الماستر، إضافة إلى آلاف المتخرجين في هذا المجال خلال السنوات الماضية. من جانبه، عبّر ممثل منظمة اليونسكو، شكيب لعرابي عن قناعة المنظمة، بأن هذا النوع من المبادرات سيكون له وقع جد إيجابي على الحوكمة الرشيدة للمياه وعلى ثقافة المشاركة وتبادل المعارف في مجال المياه بالمنطقة، مؤكدا على أهمية التعاون والحوكمة بين مختلف الدول لتسيير المورد المائي الذي قال بأنه «يجب أن يكون عامل تقارب وسلام» ضمن ما وصفه بدبلوماسية المياه التي تعد واحدة من أهداف التنمية المستدامة التي سطرتها المنظمة الأممية.